فالنظام البيئي هو عبارة عن سلسلة متداخلة ومترابطة, و الحفاظ عليها هو الحفاظ على الانسان بذاته... وإذا كانت المشكلة من صنع الانسان والحل بيده أيضاً ، فماذا ننتظر وإلى متى سيظل شبح الخوف من التلوث يلاحقنا.. كانت هذه الكلمات المدخل الرئيس للندوة التي أقامتها الجمعية الوطنية للتوعية الاجتماعية تحت عنوان التلوث البيئي وأمراض الصدر في المركز الثقافي في كفر سوسة والتي شارك فيها المهندس هيثم نشواتي مدير سلامة الغلاف الجوي في وزارة الدولة لشؤون البيئة والدكتور بسام درويش الاستاذ في كلية الطب بجامعة دمشق.
التلوث الالكتروني أحدث صيحات التلوث البيئي...
بداية أشار المهندس هيثم نشواتي إلى أن ملوثات البيئة تنقسم إلى قسمين، مواد بسيطة تتحلل في الطبيعة يمكن للنظام البيئي أن يحللها بيسر و سهولة وإلى أخرى معقدة من صنع الانسان لا تتحلل في الطبيعة كالبلاستيك ومن هنا ينصح باستخدام الورق بدلاً من البلاستيك لما له من تأثيرات خطيرة على جسم الانسان.
وعن مصادر التلوث البيئي أوضح نشواتي أن هناك مصادر رئيسية لتلوث البيئة أهمها تلوث الهواء الذي هو عبارة عن وجود مواد صلبة أو سائلة أو غازية في الهواء بكميات تؤدي إلى أضرار فيزيولوجية واقتصادية و حيوية بالانسان والحيوان والنبات والآلات والمعدات، أو تؤثر في طبيعة الأشياء، حيث تقدر خسارة العالم سنوياً بحوالي5 مليارات دولار سبب تلوث الهواء على المحاصيل والنباتات الزراعية، وأضاف نشواتي أن تلوث الهواء يعتبر من أسوأ وأخطر مصادر التلوث حيث تعد السيارات من أسوأ أسباب تلوث الهواء بالرغم من كونها ضرورة من ضروريات الحياة الحديثة، فهي تنفث كميات كبيرة من الغازات التي تلوث الجو، كغاز أول أكسيد الكربون السام، وثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت وأكاسيد الآزوت.
وعن أنواع تلوث الهواء أوضح نشواتي أن أبرز هذه الأنواع هو التلوث بمواد صلبة معلقة كالدخان، وعوادم السيارات والأتربة، وحبوب اللقاح، وغبار القطن، وأتربة الاسمنت، وأتربة المبيدات الحشرية والتلوث بالمواد الغازية أو الأبخرة السامة الخانقة مثل الكلور، أول أكسيد الكربون، وأكسيد النتروجين ، الأوزون.
وأما أحدث نوع في مجال تلوث الهواء فأشار نشواتي إلى أنه التلوث الالكتروني الذي يعتبر أحدث صيحة في مجال التلوث والذي ينتج عن المجالات التي تنتج حول الأجهزة الالكترونية ابتداء من الجرس الكهربائي والمذياع والتلفزيون، وانتهاء بالأقمار الصناعية، حيث يحفل الفضاء حولنا بالموجات الراديوية والموجات الكهرومغناطيسية وغيرها حيث هذه المجالات تؤثر على الخلايا العصبية للمخ البشري، وربما كانت مصدراً لبعض حالات عدم التوازن وحالات الصداع المزمن الذي تفشل الوسائل الطبية في تشخيصه ولعل التغيرات التي تحدث في المناخ هذه الأيام، حيث نرى أياماً شديدة الحرارة في الشتاء، وأياماً شديدة البرودة في الصيف، لعل ذلك كله مرده إلى التلوث الالكتروني في الهواء حولنا، وخاصة بعد انتشار آلاف الأقمارالصناعية حول الأرض.
وعن الآثار الناتجة عن تلوث الهواء من الناحية الصحية قال نشواتي ان زيادة الغازات السامة تؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي و العين.
حتى مياه الأمطار
وعن مصادر تلوث المياه قال نشواتي إنه ليس من الغريب أن يكون حجم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع أكبر من حجم تلك التي تناولت باقي فروع التلوث مضيفا ان السر في ذلك مرده إلى سببين رئيسين الأول أهمية الماء وضرورته حيث لا يمكن لأي كائن حي مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه أن يعيش من دونه أما الثاني فهو ان الماء يشغل أكبر حيز في الغلاف الجوي، إذ تبلغ مساحةالمسطح المائي حوالي 8ر70٪ من مساحة الكرة الأرضية ، ما دفع بعض العلماء إلى أن يطلقوا اسم( الكرة المائية) على الأرض بدلاً من الكرة الأرضية.
وأوضح نشواتي أن مياه الأمطار تتلوث خاصة في المناطق الصناعة لأنها تجمع أثناء سقوطها من السماء معظم الملوثات الموجودة بالهواء، كما أن سقوط ماء المطر الملوث فوق المسطحات المائية كالمحيطات والبحار والأنهار والبحيرات يؤدي إلى تلوث هذه المسطحات ويؤدي إلى تسمم الكائنات البحرية والأسماك الموجودة بها حيث ينتقل السم إلى الانسان إذا تناول هذه الأسماك الملوثة، كما تموت الطيور البحرية التي تعتمد في غذائها على الأسماك.
التدخين يقتل 5 ملايين إنسان
في العالم سنوياً....
من جهة تحدث الدكتوربسام درويش عن خطر تلوث الهواء داخل المباني المغلقة حيث يقضي الكثير من الناس وقتا طويلاً داخل المباني يعملون ويأكون وينامون ويشربون حيث تكون دورة الهواء مغلقة.
وعن الأضرار الكبيرة التي يحدثها التدخين أشار درويش أن هناك حوالي 5 ملايين انسان يموتون في العالم سنويا وقد يرتفع هذا الرقم الى 10 ملاين شخص بالسنوات القليلة القادمة.
وأوضح درويش أن عادة التدخين منتشرة جداً في المجتمع السوري وان أكثر المدخنين من الفئات قليلة التعلم ومحدودة الدخل، مضيفاً ان 25٪ من دخول العائلات المدخنة تصرف على التدخين وان40٪ من المدخنين بدؤوا في سن الطفولة ( قبل 16 سنة).
وبين درويش ان دخان الاركيلة يحوي نفس مواد السيجارة الضارة كما اثبتت الدراسات الطبية ان 90من المصابين بسرطان الرئة هم مدخنون.
وان التدخين يسبب قرابة 25 مرضا لدى الانسان.
عن التدخين السلبي أوضح الدكتور بسام درويش ان الشخص الجالس في مقهى مدخنين يدخن كل ساعة سيجارة واحدة وان الشخص المجالس لأربعة مدخنين في جو مغلق هو مدخن خامس والدخان المنطلق من رأس السيجارة أخطر من الدخان المصفى المستنشق عبر الفلتر وان المدخن الايجابي هو مدخن سلبي أيضاً مضيفاً ان التدخين السلبي يسبب نفس مضار التدخين الايجابي.
وأما أسباب التدخين فقال درويش أن بعضها يكون للتخلص من الضغط النفسي والتوتر العصبي وهذا فهم خاطىء للكثيرين حيث يؤثر التدخين على الجملة العصبية ولا يساعد على التركيز والإبداع، كما البعض يلجأ إلى التدخين لمجاملة الأصدقاء وتقليد الكبار أو بسبب الشعور بالبلوغ وتأكيد الشخصية واتخاذ منظر جذاب كالنجوم أو حباً في الاستطلاع .
أما طرق الإقلاع عن التدخين فأشار درويش إلى أن الإرادة القوية هي الخطوة الرئيسية الأولى في الإقلاع عن التدخين كما أن استخدام البدائل كالعلكة والسكاكر والموالح وعدم التدخين مبكراً وفي الأجواء المغلقة وعدم تدخين كامل السيجارة وعدم بلع الدخان وعدم حمل علبة الدخان وغيرها يساعد كثيراً في الإقلاع عن هذه الظاهرة الخطيرة .
وقال درويش إن التدخين يتسبب كثيراً في إفقار الشعوب حيث تنفق الأسر ذات الدخل المحدود 25٪ من دخلها على التدخين عوضاً عن صرفه على الطعام والملبس والسكن والتعليم والرعاية الصحية.