وهو كما يراه التوليديون- مزود بآلية تعمل على توليد مئات لا بل آلاف التراكيب الجديدة التي لم تكن في خبرته، ولافي رصيده من قبل، وإنما تساعده الإبداعية اللغوية التي زود بها عقله على تأليف جمل وتقويم أخرى.
فللطفل إذاً طاقة إبداعية خلاقة لإبداع منجزات تجسد قيماً ثقافية في مختلف مراحل نموه إذاما هيئت الفرص المناسبة له.
وعليه فإن الكتابة لمثل هذا العقل من أصعب الكتابات- عكس ما يتصور كثيرون- ولا يمكن أن يخوض غمارها من أراد أن يصبح في غفلة عن الزمن مؤلفاً لكتب الأطفال، أو محترفاً جرب غير نوع من الكتابة وأحب أن يختم تجربته بالكتابة للأطفال فبدأ يكتب كل ما يخطر في باله.
لكن من يرعى هؤلاء الأطفال والناشئين كي يعبروا عن شخصياتهم؟ ومن ينمي قدراتهم ويحفز طاقاتهم الخلاقة الكامنة ليبدعوا منجزات تجسد آمالهم وأفكارهم ووجداناتهم لاشك أن للأسرة دوراً كبيراً في تشكيل وعي وثقافة الطفل، تليها المدرسة، ثم وسائل الإعلام ، ولا ننسى دور الجمعيات الأهلية والجهات الرسمية وخصوصاً المهتمة بشؤون الطفل وشجونه.
نشاطات ومهرجانات ولكن!
مديرية ثقافة الطفل التابعة لوزارة الثقافة والتي تم تفعيلها عام 2001، واحدة من هذه الجهات الرسمية فما هي المهام المنوطة بها وماذا تقدم للطفل؟ وهل حقاً تنشر ثقافته وترعى مواهبه؟
مديرة ثقافة الطفل، ملك ياسين أجابتنا عن بعض تساؤلاتنا مبينة أن المهام التي تقوم بها المديرية هي نشر ثقافة الطفل ، ثم تعزيز هويته الحضارية والثقافية وانتمائه القومي، فضلاً عن رعاية مواهب الأطفال وإتاحة الفرص لتنميتها وتوسيع آفاقها، والاستثمار الأمثل للكفاءات والخبرات المحلية لتقديم منتج ثقافي متطور للطفل.
وأشارت ياسين إلى أن المديرية تعمل على تحقيق هذه المهام من خلال الاحتفاليات والأنشطة فيها ضمن الفعاليات التي تقيمها الهيئات والوزارات المختلفة، وتقدم من خلال احتفالاتها أنشطة متعددة تهدف إلى تثقيفهم وإغناء معلوماتهم من مثل: ورشة المسرح التفاعلي، وورشة تعزيز دور اليافعين، والورشات الإعلامية ، وورشة القراءة التفاعلية، ثم الرسم والخط العربي والزخرفة وأعمال الصلصال، والورشات الأدبية وأخرى للموسيقا و العرائس، ونواد للفضاء والكون، إضافة إلى ندوات حوارية، الرحلات الأثرية والبيئية.
والسؤال الذي يجب الإجابة عليه: هل تكفي النشاطات والمهرجانات لتمثل المظهر الأهم في العناية بثقافة الطفل؟
وكم عدد الأطفال الذين يشاركون أو يحضرون أو حتى يسمعون بمثل هذه الأنشطة وهل درس مدى جدواها؟
إذ يبقى الأهم ما يصل إلى متناول يد الطفل من مجلات وكتب ومطبوعات وعليه ماذا نقدم للأطفال إذاً؟ ومن يكتب لهم؟ وبأي لغة؟
منشوراته لا تكفي
بوصفها كاتبة لقصص الأطفال تقول مريم خيربك: إنها حين تكتب قصة للطفل تأخذ من جهدها الذهني الكثير الكثير، وقد يطول التفكير بها حتى السنة، بحيث تقلب كل جوانبها، من عناصر ومدى الصحة العلمية، والقيم التي يجب أن تطرحها بحيث تتناسب مع النص و المرحلة العمرية والأسلوب، وهو أكثر بكثير مما تأخذه قصيدة أو نص للكبار لأنه يكون موجهاً لابن العشرين حتى الثمانين، بينما نص الصغار متعلق بالمرحلة العمرية التي يكتب لها، لذلك يجب دراسة قيمه وأسلوبه ولغته ليتناسب مع العمر الموجه إليه.
وترى خيربك أن الطفل العربي لا تشكل مخزونه الثقافي المعرفي الثقافة المدروسة بشكل عام، بحيث يكون لهذه الشخصية الثقافية كيان ناضج وسليم معافى، بل يتشكل من خلال وسائل إعلام، وشارع، وأسرة تعاني كثيراً من الفقر الثقافي، والمدرسة المقصرة تثقيفياً.
وتشدد على عدم الاستهانة بالطفل وعقله المنفتح على كل الفضائيات والتقنيات والثقافات الوافدة، فهذا الطفل ليس مسطحاً ولا ساذجاً أو غبياً، ولا ضائعاً في هذه الحياة القاسية، بل هو واع لكل ما يجري حوله، إلا أنه بحاجة إلى بوصلة تسدد خطاه بحيث تكون له شخصية مستقبلية واضحة وقادرة على مواجهة مشكلات عصره.
وأظن أن القصائد الموجهة له فيها الكثير من التحليق في عالم الخيال، وليست كما يقال عنها من أن معظمها مدرسية وجافة وتفتقر إلى الخيال، مشيرة إلى أن في هذا القول الكثير من الخطل، و مؤكدة أن الشعر المكتوب للطفل فيه صور بيانية جميلة ومدهشة، ومرتبطة بقيم مناسبة له، فشعب ذو تراث غني كشعبنا يستطيع أن ينظم أجمل الأشعار للطفل.
وتطرقت خيربك إلى إصدارات وزارة الثقافة والمنشورات المتعلقة بالطفل وخصت مجلة أسامة والكتاب الذي يوزع معها مجاناً، مبينة إنهما يتضمنان نصوصاً لابأس بها للأطفال ما بين 8-12 عاماً، إلا أن المجلة بحاجة إلى فريق عمل متعدد الاختصاصات كي تصبح أكثر تشويقاً وإقناعاً وإغناءً للطفل، أما المنشورات بشكل عام فهي لا تتجاوز خمسة عشر كتاباً ، وبرأيها أن هذا العدد قليل جداً وغير كاف ولا يلبي الطموح، فمؤسسة كالهيئة السورية العامة للكتاب يجب أن تصدر كتباً بحجم سورية، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر على المستوى الفني والمضمون أيضاً إضافة إلى ضرورة تغطية المراحل العمرية كلها.
ونأت الكاتبة عن تقديم رأيها في النصوص ، لأنها بحاجة إلى نقد مدروس ودقيق، ولكنها أرادت أن تنقل شكوى الكتاب الدائمة من تعامل مديرية ثقافة الطفل في هذا المجال. أما ماذا نقدم للأطفال كي تنافس المطالعة عندهم عالم التقنيات، فقد رأت خيربك أن علينا تأهيل ثقافة القراءة منذ اليوم الأول من حياة الطفل، بحيث تصبح عادة يومية وطقساً ممتعاً يترافق مع الأكل و الراحة واللعب، ومشاهد التلفاز والتأمل، وبهذا نستطيع أن نؤسس لحياة تتكامل فيها جوانب التربية بشكل دقيق يعطي في النهاية نمواً سليماً للطفل، جسداً وذهناً وروحاً، لأن أي فشل لشخصية الإنسان يكون مرده إلى الأهل أولاً، والمجتمع ثانياً، ثم المؤسسات الحكومية ثالثاً، فشخصية الطفل وثقافته حصيلة جميع هذه المؤسسات، وهنا يبرز دور وزارة التربية والثقافة واتحاد الكتّاب، إذا لا تنفصل عملية التربية أبداً عن التعليم والتثقيف للطفل.
فالمناهج المدرسية وممارسة الجهاز التعليمي والتلفزيون والكتاب، وبرامج وزارة الثقافة كلها مربية ومعلمة ومثقفة ولابد أيضاً من تطوير المناهج وتجنب السلبيات فيها بحيث تصبح ممتعة ومشوقة أكثر مما هي عليه.
وأشارت الكاتبة إلى أن إيجابيات مناهجنا كثيرة، لكن لابد من تجنب السلبيات وتطوير المناهج بحيث تصبح ممتعة ومشوقة أكثر.
وكل ما سبق بحاجة إلى فريق عمل مختص من وزارة التربية والثقافة والإعلام والتعليم والأدباء، شريطة إبعاد أنصاف المختصين والمتطفلين، لأن عالم الطفل لا يحتمل التجريب، خصوصاً وأننا اليوم أحوج ما نكون إلى الاهتمام بجميع جوانب تربية وتثقيف وتعليم الطفل أمام المخططات الرامية لاختراقنا علمياً وثقافياً وتربوياً وتشويه هويتنا وديننا.
- شعر الأطفال لديه لوحات فنية مضيئة تتوالى، فتكون تارة ومضة، وتارة حكاية ذات بداية وذروة ونهاية، ولعل أهم ما فيه هو قياس الكلمة على قد المعنى بلا زيادة. ثمانية وعشرون عاماً يكتب شعراً للأطفال وكأنما وقف عطاؤه ولا يزال لهم- هو ذا الشاعر بيان الصفدي- حسبما وصفه ياسر المالح، ولابد لمن له باع طويل في الكتابة للأطفال شعراً ونثراً أن يدلي بدلوه في موضوع يخصهم ويمس ثقافتهم.
انطلاقة رائدة
بداية تحدث الصفدي عن المسيرة الحديثة التي قطعتها قصة الأطفال في سورية والتي كانت بجهود ركائز ثلاث: وهم زكريا تامر وعبد الله عبد، وليلى صايا سالم، الذين قدموا للطفل أدباً يغذي عقله وروحه ولغته، فغدوا نموذجاً يحتذى في اللغة التي يكاد يهملها كثير من الكتاب اليوم، وكأن الكتابة للطفل ميدان تهون فيه ركاكة الأدوات وتحضر الفكرة أو الطرفة.
وتطرق الكاتب والناقد الصفدي إلى الدور الذي قامت به مجلة أسامة في إطلاقها حركة من النتاج القصصي الدائم، حيث تضافرت على الخط ذاته جهود اتحاد الكتاب العربي ووزارة الثقافة في إصدار عشرات مجاميع القصص كما أطلقت منظمة الطلائع مشروعاً طموحاً لكتاب الطفل، فضلاً عن إجراء المسابقات التي شارك فيها كتاب كثر، لكن هذه الجهود توقفت وبقيت مجلة/ الطليعي/ وبمستوى متواضع.
أخطاء وأكثر من عثرات
وأشار الصفدي إلى أنه حتى الآن كل الإصدارات عن الجهات الرسمية لم تكن ضمن خطة واضحة، وهذا برأيه أكبر مقتل لحركة النشر للأطفال في بلدنا، وضرب مثالاً وزارة الثقافة التي تعد أفضل الجهات التي تعاملت مع كتاب الطفل، لكنها مع ذلك نشرت كتباً مترجمة بشكل عشوائي، والسبب يعود إلى إطلاع المترجمين المحدود على أدب الطفل العالمي، فجاءت ترجماتهم في منتهى الرداءة ، حتى إن بعضها مليء بأخطاء كثيرة في كل صفحة، وبديهي أن يكون الكتاب المقدم للطفل خالياً من الأخطاء، وعلى الرغم من العدد القليل لهذه الكتب، إلا أنها لم تستطع أن تشكل أساساً مقبولاً لفتح نافذة مهمة على أدب الطفل العالمي ومن أمثلة سطحية التعامل مع الكتاب المترجم: كتاب صادر عام 2000 عن وزارة الثقافة ، منشورات الطفل تحت عنوان : / الولد الذي يمتطي الريح/
حيث يصعب على القارىء أن يقرأ أسطراً عدة دون أن يجد فيها أخطاء من مثل:
يرى فيه شيء ما
أو /كان يسبره بعيناه/
أو /اكتشف نقطتان بدل الواحدة/
هذا عدا عن ركاكة الترجمة كقول المترجمة:
/ فلاحظ أنهم بلغوا الكنيسة/
ويتابع الصفدي قائلاً: لقد أعادت الوزارة طبع قصص مختارة (لأندرسون)، ومن يقرأ هذا الكتاب في ترجمته المصرية الأولى لا يستطيع أن يترك صفحة إلا وفيها أخطاء لغوية وطباعية عديدة و هنا يحق لنا أن نتساءل: ألم يكن بالإمكان تكليف مترجم متمكن معروف بإعادة ترجمة هذه القصص.
وبيّن الصفدي أن هناك أخطاء لا يجوز أن نقدمها للطفل و هي موجودة في كتاب «حكيم الدهر أبو العلاء المعري» من سلسلة مجلة أسامة، وفيه يقدم الكاتب هذا الشاعر الكبير بصورة سلبية فيتحدث عن حادثة عماه قائلاً: (جعلته حزيناً متشائماً تعساً إلى أن رحل إلى الدار الأخيرة.)
ويضيف في مكان آخر:
«وكره الكذب و النفاق والرياء و المرأة و الخمرة، بل كان رأيه في المرأة قبيحاً ثم يعود فيضيف، وبالرغم من كل صفات الرقة و الرحمة على الضعفاء إلا أنه كره المرأة حتى البغض.. كل هذا في صفحات مكتوبة لا تزيد على عشر من القطع الصغير.
فهل يعقل أن نقدم عظماءنا بهذا الشكل، بدل أن نقدم أحسن ما لديهم و نترك هفواتهم للقارىء الناضج ونجعل العاهة محرضاً على التفوق والتقدم لا أن نسهم في كسر نفسية المصابين بها.
والحال- حسب الصفدي- في اتحاد الكتّاب ليس بأفضل، حيث جعلت العلاقات الشخصية وتبادل المنافع من ضعيفي الموهبة والثقافة أوصياء على تقديم النماذج الأدبية.
ولفت إلى أنه قد تصادف سنة كاملة لا يصدر فيها كتاب واحد للطفل، والسنوات السعيدة لا تزيد الكتب المؤلفة و المترجمة فيها على عشرين عنواناً في أحسن الأحوال. وحسب /رأيه/ المطلوب عملياً كي نقدم للطفل الكتاب الأمثل : أن تضع الوزارة خطة واضحة للكتب المترجمة والمؤلفة بحيث تغطي الشعر والقصة و المسرحية، والبيئة والحيوان والتسالي والفضاء الخ..
كما أننا نحتاج إلى كتب خاصة بأطفال الروضة والصفوف الأولى، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع كتاب الطفل فنياً لجهة الرسوم و الإخراج و نوعية الورق و المرحلة العمرية.
ولا بد أيضاً من أن تكون عدد النسخ من كتاب الطفل بحدود 25 ألف نسخة على الأقل من أي عنوان، و من الضرورة بمكان حل مسألة تعويض العاملين في هذا الحقل، إذ إن التعامل وفق التسعيرة المعمول بها من حيث احتساب عدد الكلمات أمر مثير للسخرية، وهناك جهات عربية كثيرة لا تأخذ بهذا المبدأ مع كتاب الطفل تحديداً.
إضافة إلى ضرورة إعطاء تسميات محددة وترقيم متسلسل لكل سلسلة يراد إصدارها.
مع التفكير بالأفق العربي من ناحية النشاط و التوزيع و إشراك وزارة التربية في التمويل و الطباعة و التوزيع، واشتراك وزارات عدة في تمويل مشروع وطني طموح لثقافة الطفل.
وأشار الصفدي إلى أهمية العمل على إصدار مئة كتاب كحد أدنى الان، لنكون قادرين على تقديم مشروع ثقافي وطني يسد ثغرة كبيرة في تكوين الهوية الثقافية لأطفالنا و لنواجه ما يملأ السوق من كتب تجارية رخيصة، وإيلاء أهمية خاصة لإشراف لغوي متخصص على كل منشورات الطفل، منوهاً إلى افتقار دور النشر الخاصة إلى من لديه أدنى صلة بثقافة الطفل وختم بالقول: أنا من المؤمنين باستحالة تقديم مشروع كبير للطفل إلا من خلال مؤسسات الدولة.
مبيناً أننا عربياً- عكس ما يتوقع كثيرون- الصورة عندنا على تواضعها، أفضل من أكثر البلدان العربية، فلو استثنينا الآن (دار الحدائق) في بيروت، و(دار الشروق) في مصر ودار الثقافة في العراق الذي توقف مشروعها منذ سنوات، فلن نجد سوى المحاولات السورية، ولعل السبب يعود إلى امتلاكنا نخبة من أفضل رسامي وكتاب الوطن العربي في هذ المجال.
مواصفات نوعية
ومن جهتها أكدت إنطوانيت القس مديرة منشورات الطفل في الهيئة العامة للكتاب، أن المديرية لا تتبنى أي مخطوط ومن ثم تنشره وتصدره إلا إذا حقق معايير وشروطاً فنية يجب أن تتوفر في أدب الأطفال وأهمها: أن يقدم الكاتب أدباً مشوقاً ومحفزاً للمعرفة، ومهذباً للنفس ومعبراًَ عن قيم المجتمع، وأن يكون عصرياً في أفكاره،وينمي الإحساس بالجمال، ويطلق الخيال، على أن يتم ذلك بلغة سليمة ومدروسة مناسبة للفئة العمرية التي تتوجه إليها، وأفضل المواصفات هي القابلة للتغيير، والتي تتميز بالمرونة التي تسمح بإدخال التعديلات بما يتناسب مع الموضوعات المختلفة والظروف المتبدلة.
والأمر نفسه ينسحب على مجلة أسامة والكتاب الشهري المرافق الذي يتوجه للناشئة ويوزع مجاناً مع المجلة، مبينة أن المديرية تسعى أن تقدم في هذا الكتاب مادة متنوعة، لتحقيق التراكم الثقافي النوعي الذي يحفز القارىء للاستزادة والبحث، وطرح المزيد من الأسئلة، ومحاولة معرفة الإجابات عنها، وكذلك تسهيل المعارف الإنسانية المقدمة له.
وذكرت د. القس أنه تم مؤخراً الاتفاق مع وزارة التربية للمشاركة في طباعة مجلة أسامة الكتاب الشهري بمعدل 50000 نسخة شهرياً. كما أن الهيئة بصدد إصدار مجلة للصغار تكون رديفة لمجلة أسامة ، وكذلك البدء بنشر سلسلة « أعلام » وهي موجهة للفتيات ، كل ذلك ضمن توجه، وهو تمهيد الطريق لأفكار المستقبل والعمل على تحقيقها، وتكوين نظرية عامةعن المجتمع الحر، والثقافة الشاملة، والتأكيد على أن الأطفال جزء هام من العالم الذي يعيشون فيه.
مجلة أسامة
بلغت أوجها في السبعينيات، إذ بدأت كمشروع ثقافي وطني تنويري تربوي،بدأ فيها الأديب الكبير زكريا تامر، وسعد الله ونوس، لم يكن وقتذاك أي مطبوعة تنافسها، وبقيت محافظة على خطها حتى الثمانينات ، ثم أصابتهامرحلة ركود فعانت أسامة ما عانته من ضعف في المضمون وجودة الورق وغير ذلك، حاول كثيرون ممن أصبحوا رؤساء لتحريرها أن تصدر بشكل أسبوعي وتصل إلى بلدان عربية عدة، وإلى زيادة عدد نسخها وتحسين كادرها المتوفر لكن دون جدوى.
واليوم ترأس تحريرها رباب هلال، والتي ترى أن المجلة ولأول مرة أصبحت تعج بالفنانين الموهوبين الشباب، وأكدت أن مشكلة زيادة عدد النسخ ستحل قريباً، إذ سيزداد عدد نسخها ليصبح 61000 ألفاً، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية.
وأشارت هلال إلى مسألة مهمة وهي عدم وجود كتّاب سيناريو حقيقيين والمجلة تبحث اليوم عن كتّاب سيناريو أو قصة من الشباب خاصة، لأن هذا الجيل- حسب رئيسة تحرير أسامة- لا يزال ملتصقاً بطفولته وهو الأقدر على محاكاة الطفل والدخول إلى عوالمه.
وأشارت إلى حرص رئاسة التحرير على تقديم لوحات مرسومة باليد حصراً إلى جانب لوحات منجزة على الحاسوب لدعم اللوحة، وهو ما يميز أسامة عن جميع المجلات العربية قاطبة، كما أنها تعمل على تحسين المجلة بصرياًَ بجهود الفنان الشاب قصي الشورى.
وتطرقت إلى أن الأبواب المعرفية بقيت كما هي في أسامة منذ بداياتها في السبعينات، وما تم فعله هو تنسيقها عبر أبواب شهرية خاصة يكتبها متخصصون كل في مجاله.
وبينت هلال إلى أنه تم التركيز في باب( شخصية العدد) على الشخصيات المعاصرة و المبدعة عربيا، وتسليط الضوء على المؤسسين لسورية الحديثة، معرفياً وعلمياً وثقافياً وأدبياً خلال المئة عام الماضية ،لافتة إلى أن مجلة أسامة عانت على مدى سنوات من عدم انتسابها إلى فئة عمرية معينة من الأطفال وهي اليوم تحددت بأنها تخص الفئة العمرية من 8-15 سنة وستصدر مجلة حديثاً عن الهيئة العامة للكتاب خاصة للصغار من سن السابعة فما دون.
سعيد: غير راضين عما نقدمه وطموحنا أكبر بكثير
جمعية أدب الأطفال واحدة من جمعيات اتحاد الكتاب السبع هدفها تسليط الضوء على ما ينتجه الأعضاء، هذا ما بينه صبحي سعيد مقرر الجمعية، مشيراً إلى أنها تقيم ندوة سنوية، كما أن لها نشاطات خارج خطة الاتحاد، كإقامة الندوات في المراكز الثقافية، وقد شارك أعضاؤها هذا العام في ندوة أسبوع اللغة العربية في حلب، وأقامت الجمعية ندوات عدة منها ندوة مركزية في حلب شارك فيها أدباء مهتمون بأدب الأطفال، إضافة إلى ندوات تعقدها الجمعية من أجل إثارة الحوار حول القضايا التي يطرحها أدب الأطفال ومشاركة الجمهور في إبداء آرائه ليكون شريكاً وفاعلاً في الحوار حول أدب الأطفال ماله وما عليه، فمثل هذه الندوات تنشط بشكل أو بآخر قرائح وجهود الأدباء لإنتاج أعمال جديدة تغني مكتبة الطفل في سورية.
وأكد سعيد أنهم في جمعية أدب الطفل يطالبون في كل مؤتمر وندوة أو لقاء يدور حول موضوع كتاب الطفل خاصة أن تكون هناك لجان قراءة واعية ومسؤولة وتمتلك خبرات واسعة وأفقاً رحباً بعيداً عن أي خلفيات أو أحكام مسبقة، من شأنها أن تعرقل وتشوه الجهود الأدبية وتفسح المجال لأعمال ترتبط بمصالح فردية, لافتاً إلى أننا مازلنا نعاني كثيراً لجهة موضوعات كتاب الطفل التي لا تعبر حتى الآن عن طموحنا وأحلامنا الإبداعية، وما نتمناه هو الانتقال إلى مرحلة جديدة في إنتاج كتاب متميز يشد الطفل شكلاً ومضموناً، وأن نشجع الحركة النقدية التي يجب أن تكون صادقة لغربلة وتصفية الأعمال وفرز الغث عن السمين بعيداً عن المجاملات والمحسوبيات وعدم اعتماد مبدأ (حكلي لحكلك) لأن القيم الأدبية تحتاج إلى باحث عاشق.
وأوضح مقرر الجمعية أنه لا يمكننا الحكم على إصدارات وزارة الثقافة أو اتحاد الكتّاب بأنها كلها رديئة فهي كباقي الكتب منها الجيد ومنها الرديء، ولكن بصورة عامة نحن غير راضين عما نقدمه وطموحنا أكبر بكثير ليس لأنه لا يوجد لدينا إنجازات جيدة إذ لا نستطيع أن ننكر وجود طاقات إبداعية لدينا وأدباء متميزون في مجال الكتابة للطفل، منهم: نزار نجار، ومريم خيربك، ونظمية أكراد، ود. محمد قرانيا، وموفق أبو طوق وغيرهم.
إصدارات اتحاد الكتاب
لكتاب الطفل حسب الدليل: 2007:
قصص أطفال:
- كل الحكايات في قصة واحدة: سامر أنور الشمالي.
- البطة المسكينة: هيثم يحيى الخواجة.
- الأرنب بيبو: لينا كيلاني.
قصص فتيان:
عيد الربيع: نظمية أكراد.
مسرحية أطفال:
الحيوانات المغرورة: عبد ومحمد.
2008:
قصص أطفال:
- ممنوع الضحك: عارف الخطيب.
- زهرة النرجس: سريعة سليم جديد.
شعر أطفال:
- أغنية الفرح: اسكندر نعمة.
- الفارس الصغير: مظهر الحجي.
- هديل الحمام: صالح هواري.
مسرح أطفال:
ماذا تقول الديوك: سلام يماني.
يذكر أنه لم يصدر دليل لعام 2009 بعد.
تناهى إلى أسماعنا
- هناك أكثر من عشرين مخطوطاً لكتب أطفال موجودة في مديرية ثقافة الطفل منذ ست سنوات بعضها لليلى صايا سالم وبيان الصفدي وشوقي بغدادي موافق عليها ولم تنشر بعد. وهناك كتب نشرت بعد شهر من تقديمها للمطبعة.
- هناك كتب رفضت من لجان القراءة، ثم نشرت ، ومنها من منع توزيعه بعد الصدور بعد أن تبين أنه مسروق.
- تحت الطبع أكثر من عشرين مخطوطاً من الكتب في مديرية المنشورات تتمحور حول الأدب والمسرح والقصة والشعر، لكن ضغط المطبعة في وزارةالثقافة يحول دون طبعها، الأمر الذي يجعل ما يطبع من الكتب لا يكفي ليكون بين يدي الأطفال.
بالأرقام
في دراسة للكاتب المصري عبد التواب يوسف عن نصيب الطفل من الكتب في أمريكا سنوياً، وجد أنه يتجاوز 12 كتاباً، ويصل إلى مادون العشرة في إنكلترا، وهو في روسيا تسعة كتب، وعندما حاول أن يجري الإحصائية نفسها عندنا، اكتشف أن نصيب الطفل العربي صفحة من كتاب، ورسمة في حجم طابع البريد، قراؤهم بين الخامسة إلى الخامسة عشرة، وقراؤنا قد لا يستطيعون القراءة في المدارس الرسمية قبل التاسعة أو العاشرة.
وحسب افتتاحية الميثاق العالمي حول التربية للجميع فإن:
- أكثر من ثلث الأطفال في البلدان النامية بعيدون عن فرص المعرفة والمهارات والتقنيات التي تساعدهم على تحسين نوعية حياتهم.
- يؤكد جون ديوي على الدور الذي يجب أن تقوم به المدرسة تجاه ثقافة الطفل ،إذ ينبغي أن نعلم الطفل كيف يفكر، وليس ما ينبغي أن يفكر به.والواقع أن النشاط المدرسي في تدهور مستمر ولا يحقق الأهداف الثقافية المرجوة، ناهيك عن أن المكتبات المدرسية لا تتوفر في كافة المدارس، ولابد للطفل من اكتساب عادة القراءة منذ مرحلة الطفولة المبكرة .