وقد اختار معرض «البندقية والشرق» الذي نظم بالتعاون مع متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك التشديد على التبادل الفني عبر عرض حوالي مئتي عمل فني من صناعات زجاجية وخرائط وسجاد ولوحات وأسلحة وصناديق ومخطوطات من سبعين جهة أعارتها للمعرض الذي ينتهي في 18 شباط المقبل.
وقال ستيفانو كاربوني أحد المسؤولين عن تنظيم المعرض والمحافظ في متحف متروبوليتان: إن البراغماتية هي الكلمة التي تعرف على أفضل وجه علاقات البندقية مع الشرق الأوسط المسلم.
وأضاف: إن البندقية أصبحت رغم الحروب شريكاً محترماً للشرق بفضل «توازن شبه مثالي بين الفكر الديني ودبلوماسية متقلبة وحس تجاري رفيع».
ويروي المعرض كيف تعارف الحرفيون في صنع الزجاج والمعادن والرسامون على جانبي المتوسط وتبادلوا مشاعر التقدير وحتى الأفكار التي نسخوها عن بعضهم أحياناً بين تاريخين يشكلان رمزين هما 878 سنة وصول رفات القديس مرقص من الاسكندرية إلى البندقية و1797 سنة سقوط الجمهورية التي غزاها نابليون.
وقال كاربوني: إن البندقية كانت أول سلطة غربية تقيم سفارات مع الشرق منذ القرنين العاشر أو الحادي عشر.
وتشكل لوحة تعود إلى العام 1511 لرسام من مدرسة البندقية شعاراً للمعرض وهي تصور حفل استقبال لسفراء من البندقية في دمشق يظهر فيه مبعوث القاضي الأول للبندقية أمام أحد الحكام المماليك وفي المقدمة يظهر رجال معممون يتحادثون وجمال تمر فيما يظهر في الخلف الجامع الأموي.
وقالت مساعدة المفوض المسؤول عن المعرض في معهد العالم العربي أوريلي كليمانت رويز: «أما أن الرسام كان يعرف دمشق أو أنه استوحى فكرته من أعمال أخرى».
واللوحة التي رسمها فيتوري كارباتشيو (القرن السادس عشر) تضم أزياء ومباني معمارية إسلامية.
وقالت كليمانت رويز: إن الفنانين كانوا يستوحون رسومهم من رسوم أخرى وأعمال حول الرحلات إلى الأراضي المقدسة كانت تحتوي على رسوم، الجميع كانوا يعرفون هذه الرسوم.
وكان جينتيلي بيلليني أحد أشهر الرسامين في تلك الفترة واحداً من الرسامين النادرين الذي زاروا اسطنبول وأوضحت أنه بقي هناك سنتين ورسم صورة للسلطان محمد الثاني مؤرخة في 25 تشرين الثاني 1480 أول لوحة شخصية لشخصية مسلمة في الغرب.
ومنها نسخ الرسامون وحرفيو الزخارف المسلمون رسوماً.
وقال كاربوني: إن الحرفيين في البندقية كانوا يتقبلون الفنون والتقنيات القادمة من الشرق.
وأضاف: إن الشرق ابتكر الزجاج ونسخته البندقية بأشكاله وزخارفه قبل أن يحتل مورانو المرتبة الأولى في هذا الشأن في القرن الرابع عشر.
وصدّرت إيزنيك في تركيا قطع الخزف التي اشتهرت بها فنسخها خزف البندقية وزينت زخارف عربية ورسوم مستوحاة من مصاحف مجلدة قفصاً صغيراً، كما يضم المعرض دروعاً من الجلد توحي بأنها إسلامية لكنها من صنع البندقية.
وقالت كليمانت رويز: نسعى إلى إثارة حيرة الزائر.
وينتهي المعرض في القرن الثامن عشر حيث النقوش التركية تمهد الطريق لبدء الاستشراق.
وستعرض القطع نفسها في متحف المتروبوليتان من 26 آذار إلى 8 من تموز.