تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية.. هيجان التدمير وإرادة النصر والتعمير

شؤون سياسية
الثلاثاء 5-11-2013
بقلم: د. أحمد الحاج علي

لطالما توافقنا على أن سياق الصراع في سورية وعليها قد استغرق مرحلتين هما مرحلة التهديد والوعيد، وقد كان مضمونها الأساس إرهاب

وقتل وسفك دم تخطى كل الحدود المتعارف عليها أو المتوقعة من قبل جهات خارج البشر وخارج حدود الإنسانية واستنفدت هذه المرحلة المؤلمة خصائصها وأهدافها أمام بطولات قواتنا المسلحة وأمام جدار الوعي والتفتح الشعبي على هول ماهو مخطط له، حصدت هذه المرحلة أرواحاً طاهرة وسفكت دماً زكياً بريئاً وهدمت مصالح ومساكن ومنشآت.‏

وكانت العلامة الفارقة فيها المجازر والذبح وتقطيع الأوصال وأكل قلوب المواطنين وأكبادهم، كانت هذه المرحلة هي المقدمة الكبرى والأساسية لما بعدها وكانت الأهداف المنوطة بها حسب ماخططوا ونفذوا تتمثل بثلاثة أهداف رئيسية: أولها، زرع الموت والرعب والخراب في كل أنحاء الوطن، وثانيها ربط الإرهاب الداخلي بالحاضنة الخارجية ومايعنيه ذلك من السيطرة على ثغرات جغرافية ورفع درجة التزوير الإعلامي إلى المدى الأقصى وفي هذا الهدف تكونت وحدة القوى الإرهابية، والقوى التكفيرية والأنظمة الرجعية والدول الامبريالية الغربية، وثالث الأهداف هو التخريب المتعمد والشامل لكل موارد القطر ومنشآته، كان لابد من تدمير المؤسسات العلمية والثقافية والمصانع والمزارع وحقول النفط، وكان لابد من تقطيع أواصر التواصل والاتصال على الخطوط مابين محافظات سورية.‏

وكان لابد بعد ذلك من الامتداد إلى سرقة المصانع والمعامل وتدميرها إن لم يكن من ذلك بد ووصلت هذه النزعة الإجرامية إلى حد تهديد مصادر الطاقة ولاسيما في سد الفرات وحينما تم وضع حدود لهذه النزعة بدا كل موقع منتج للطاقة أو حامل لها أو موزع فيها هو هدف مباشر للقذائف والصواريخ المصنعة محلياً أو المتدفقة من الكيان الإسرائيلي ومنظومة الأهداف هذه كانت تشكل المتن السياسي للمؤامرة على سورية والجسر المادي لإلقاء القبض على هذا الوطن وتدميره بكل مفاصله وتفصيلاته كان هذا الهيجان من القوى المعادية غير محدود وغير قابل للوصف لغزارته القذرة ولسمومه المنتشرة، وحدثت في معركة الأهداف هذه كل قواعد ونماذج التحول البطولي لشعبنا وجيشنا حيث تم إنجاز ثلاثة أهداف معاكسة للعدوان.. أولها انكشاف المؤامرة بكل أبعادها وإنتاج ثقافة وإعلام سوريين للإطاحة بهذا الهيجان الأمبريالي الصهيوني الرجعي، وثانيها إرادة مواجهة العدوان واكتساب خبرة القتال بمعنى أساليب الحرب على الإرهاب ومتطلبات مواجهة حرب الشوارع والعصابات وأساسيات الاختيار عبر هذه الخبرة في كيفية الرد على العدوان، وفي الإبقاء على النسق الأخلاقي واضحاً مشعاً أثناء معارك الرد هذه، هناك نفوس بريئة وهناك مواطنون يلوذون بأكناف الحاجة ولقمة العيش والوجود في مساكن رطبة لا ماء فيها ولا كهرباء ولا دواء ولا غذاء، لقد كان من المهم في النسق الأخلاقي هذا أن تنبعث الشخصية الوطنية السورية بل خصائص الهوية الوطنية السورية، وبما يشبه العمل الجراحي لتحديد الخطر واستئصال البؤر المرضية، أدت قواتنا المسلحة مواقف ودروساً سوف تبقى في مجال البحث والتحليل محطاً للدراسة والاستفادة من العبر والمواقف وثالث الأهداف التي أنجزها وطننا هي مقدرته الفذة بمستوى الصبر على الإرهاب والمصائب تماماً كما في مستوى التوازن والتوازن بين المواجهة في الميدان والتفاعل مع الرأي العام العالمي والإقليمي سياسياً ودبلوماسياً.‏

لقد كان العنوان الأهم لمجمل هذه الأهداف الوطنية فقرتين هما صارت سورية وطن الشهداء بعد أن تخطت مرحلة التضحية في مستوى شهداء الوطن والفقرة الثانية هي أن هذا الوطن السوري انبعث أيضاً بكليته فصار القتال في الميدان موجباً حيوياً للتعامل مع الإقليم والعالم وصار التعامل مع العالم مبنياًفي حقائق ما يجري في الميدان من تحولات، قلنا هما مرحلتان اثنتان وقد عرضنا للأهم والأخطر فيهما ثم وفدت إلى الميدان بكل مستوياته المرحلة الثانية وهي التي تقوم على اتجاهين، اتجاه أساسه المبادرات الغريبة والمريبة وقد كان يؤكد هذا الاتجاه أن هذه المبادرات هي عنصر مكمل للإرهاب وهي عنصر مستثمر للعواصف الهوجاء التي هبت على سورية وكان التهديد والوعيد وتحديد المهل وإصدار الأوامر من جامعة الدول العربية ومن التنظيمات الأوروبية السياسية مثل الاتحاد الأوروبي ومن الأحلاف القذرة والأدوار الأقذر التي جمعت آل سعود وآل ثاني وآل أردوغان، كانت هذه التهديدات مضنية ومؤلمة جرحت العقول والقلوب والمشاعر قبل تقطيع أوصال البشر وانتهت هذه المرحلة بغير رجعة من خلال بطولات الجيش والشعب وجرفت في سياقها أنظمة وحكاماًعملاء ومشاريع أساسها الإرهاب ووقودها الناس والحجارة. ومن منا لا يتذكر تلك اللغة الفاشية والصهيونية والشيطانية التي حملت سموم التهديد والوعيد لسورية، وأما الاتجاه الثاني في هذه المرحلة فقد كان ثمرة واضحة المعالم والطعم للصمود السوري فانحسر كل شيء وانقلب السحر على الساحر وبدا العالم كله صديقه وعدوه يبحث عن المخارج ويعيد تقويم الواقع بما يعني حذف كل الهوس وكل الأوهام الشيطانية من التداول والاشتراطات العجفاء. وهنا في عمق هذا التحول اندفع الرأي العام العالمي لكي يصوغ مخارج جديدة وواقعية أساسها أن الحل في سورية هو ملكية خاصة وعامة لأبناء سورية وأساسها أن الحوار القائم على الديمقراطية وبالأسلوب السلمي هو الذي سوف يصل بالأطراف السورية كلها إلى مخرج يلبي حاجة الجميع ويؤدي إلى إنتاج نظام سياسي حيوي هو بمستوى سورية وهو بمستوى قيم وأخلاق سورية إن هذا التحول إلى مرحلة المخارج هو الذي تعيشه الآن وآخر نموذج فيه زيارة الإبراهيمي إلى دمشق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية