فهل كان موشي دايان أحد أنبياء بني إسرائيل ليتنبأ بذلك قبل أكثر من نصف قرن؟ أم ما الذي دفعه لقول ذلك؟ الجواب بسيط جدا: إن ما دفعه هو مخططات الصهاينة العلنية والمعلنة بوضوح منذ وعد بلفور، ثم طرد الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه والتوسع والتمدد والهيمنة، بينما العرب لم يفعلوا شيئا!! فكل ما فعلته، وتفعله، الصهيونية العالمية تعلن عنه مسبقا والعرب يعيشون على كوكب آخر، فلا يقرؤون، وإن قرؤوا لا يفهمون، وإن فهموا لا يفعلون شيئا، بل يتآمرون مع المتآمرين!!. والحديث هنا ليس عن الشعوب وإنما عن الحكام الذين بات كل شيء بالنسبة إليهم (وجهة نظر) بما فيها السماح بتهويد القدس وتهديم الأقصى الشريف حيث الجهاد هو فرض عين، وأي (جهاد) في هذا الزمن خارج هذا الإطار وفي أي مكان آخر هو افتراء وتدليس على الإسلام، بل خروج عن أحد ركائزه ولا يخدم أية قضية إسلامية أو عروبية، وإنما يخدم كل القضايا الصهيونية!!. إسرائيل قضمت فلسطين لقمة لقمة، وما زالت، وهضمتها بالكوكاكولا الأمريكية، وبعض العرب يحرفون الرأي العام العربي والإسلامي إلى مكان آخر حتى لا ينتبه أحد إلى ما تقوم به إسرائيل!!
يروي حاييم وايزمن في مذكراته الشخصية، أن تشرشل وعده بإقامة دولة إسرائيل في 11/3/1932 أي قبل 16 عاماً من قيامها، واعتبروها (الدولة اليهودية الثانية)، أما الدولة اليهودية الأولى، بحسب تشرشل، فيمكن لكل المهتمين أن يقرؤوا مذكرات تشرشل ومراسلاته مع حاييم وايزمن، ليعرفوا من هي!!..
مخطط سايكس بيكو (الثاني)، تسعى الصهيونية لإنجازه بكل السبل والوسائل.. وهذا لم يخفه مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد كارتر (بريجنسكي) حينما صرّح في العام 1980: «إن المشكلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة - بعد الحرب العراقية الإيرانية - هي كيف يمكن إحداث حرب خليجية ثانية كنتيجة للحرب العراقية الإيرانية تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود (سايكس بيكو)».. وقد شهدنا ماذا حصل فيما بعد إثر توريط الولايات المتحدة للنظام العراقي سابقا في الكويت، وما نجم عنه من تداعيات ونتائج على الصعيد العربي..
مهندس سايكس بيكو الثانية، وكما أشرتُ في مقال سابق، كان الصهيوني (برنار لويس).. وها هم العرب يسيرون خلفه كما تسير الأغنام خلف (المرياع) ويُمَهدون لتنفيذ مخططه من خلال الصراعات بين الدول، وداخلها، والسعي لإشعال الفتن المذهبية والطائفية والعرقية في المنطقة، تماما كما يريد برنار لويس!! فقد لحقوا برنار لويس ونسوا رسولهم (ص) الذي حرَم عليهم دماء بعض وأعراض بعض وأموال بعض.. ودعاهم الى كلمة سواء، وإلى رص الصفوف ضد العدو الذي يحتل مقدساتهم، فخالفوا الرسول (ص) وأعدُوا ما استطاعوا ضد بعضهم بعضا!!..
بالمقابل، فإن الصهيوني صموئيل هنتنغتون، الذي يحتقر العرب جدا، يدعو إلى: تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها.. ويضيف: إن حروب المسلمين قد احتلت مكانة الحرب الباردة كشكل أساسي للصراع الدولي، وهذه الحروب تتضمن حروب الإرهاب، والعصابات والقرصنة، والحروب الأهلية، والصراعات بين الدول.. ويرى: أن الإسلام يمجد القتال، وقد انتشر بالسيف...». إذا هكذا يعتقد الصهيوني هنتنغتون، ولكن أليسَ كل ما تقوم به المجموعات المتسترة بالإسلام من أعمال عنف وقتل إنما تخدم مخطط وآيديولوجية الصهيوني هنتنغتون، وتشوَه صورة الإسلام أيضا في أذهان الغرب؟!.
وفي ذات الإطار يتحدث فرانسيس فوكوياما في (نهاية التاريخ) على أن «المعركة الحقيقية هي كسب عقول وقلوب المسلمين حول العالم».. بمعنى آخر إخضاعهم لمشيئة الغرب.. وطبعا إن لم يحصل هذا عبر الوسائل العادية، فلا مانع من استخدام القوة، كما فعلت الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، وليبيا، وغيرها..
فهل هناك من لم يسمع بتصريح الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي العلني: «إن ما فعلتُهُ لليبيا كان وفاء للصهيونية ولإسرائيل!!.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يأتي إلى أنقرة ثم بعدها مباشرة في 6/4/2013 إلى تل أبيب ليعلن بلسانه أن هدفه هو تعزيز التعاون العسكري والأمني الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل!!.. والسؤال ضد من هذا التعاون الإستراتيجي ولا توجد بينهما حدود مشتركة؟. وكيف لبلد مسلم، يقوده حزب إسلاموي أيضا، أن يعقد تحالفا استراتيجيا مع من يحتلون فلسطين والقدس؟. فهل من يفعل ذلك يمكن أن يكون صادقاً مع العرب ومع فلسطين ومع القدس؟. وهل يمكن لإسرائيل أن تعقد تحالفا لمصلحة العرب وفلسطين والقدس، أم لخدمة المصالح الصهيونية في المنطقة وعلى حساب الحق العربي والفلسطيني؟. وهل من بايعوا أردوغان المتحالف استراتيجيا وأمنيا وعسكريا مع إسرائيل ما زالوا على عهدهم لشعب فلسطين، أم إن القدس وفلسطين لم تعد تعني لهم إلا بمقدار ما كانت تعني أساسا لأردوغان؟ مسرحيات كوميدية خلف لافتة، أو ستارة مسرح عريضة مكتوب عليها عنوان التمثيلية بالخط العريض «فلسطين»، وهدف المسرحية هو الوصول إلى عقول الناس بأسرع الطرق بواسطة التمثيل والتهريج والنفاق والكذب، ومن ثم التسلق إلى السلطة والقبض عليها، وتوسيع النفوذ والهيمنة والسيطرة، وقبض الأموال والثراء، وفلسطين لها ربّ حاميها، وانتهى الأمر!!...
يقولون بالعامية: «ذاب الثلج وبان المرج» وفعلا زالت الأقنعة وانفضح كل شيء، وكما أن للظالم جولة فإن للكذب جولة، ولكن ماذا بعد أن ينكشف الكذب؟؟. طبعا تكون براقش قد جنت على نفسها وما عليها سوى أن تلوم ذاتها!!.
إن المطلوب من كل عاقل وغيور على الإسلام وعلى العروبة وصادق مع نفسه وشعبه أن يدعو إلى وقف القتال والعنف في أي بلد مسلم، وأن يرفض كل أشكال التحريض المذهبي والطائفي والديني والعرقي في أي مكان، وإلا فإنه جزء من مخططات برنار لويس وبرنار ليفي وبريجنسكي وهنتنغتون، وكل عتاة الصهيونية العالمية الحاقدين على العروبة والإسلام.. فهل من عربي أو مسلم يقبل أن يكون كذلك إن كان حقّا مؤمناً بالعروبة أو بالإسلام؟؟.