من الناحية النظرية كان على السيد وزير المالية الرد، وتوضيح تفاصيل ما تحقق من موازنة 2008 وما لم يتحقق في كل الوزارات كونه يمثل الحكومة كاملة في جلسة المناقشة، ومن الناحية العملية كان على وزراء الحكومة حضور المناقشة وبيان ما أنجزته كل وزارة وما لم تنجزه، وحوار أعضاء المجلس حول مجمل التوصيات والملاحظات والمقترحات التي جاءت في تقرير لجنة الموازنة.
السيد وزير المالية قال: «أستطيع أن أوضح بعض الحقائق، وليس كل الحقائق من خلال اطلاعي وحضوري لجلسات الحكومة واطلاعي على بعض الأمور، لكنني ولست مسؤولاً عن الإجابة عن الجميع في وزارات الدولة، أرحب بطروحات أعضاء مجلس الشعب، ووزارة المالية تستفيد منها، وأتمنى أن تحدث حوارات ونقاشات مع كل وزير لمناقشة شؤون وزارته والقطاعات التي تتبع له».
بالرغم من أن أعضاء مجلس الشعب طالبوا بحضور الحكومة في اليوم الأول للحوار في مضمون تقرير لجنة الموازنة، إلا أنه لم يحضر في اليوم الثاني سوى السيد وزير الصناعة فقط، طبعاً.. إضافة إلى السيد وزير المالية، ربما رأت الحكومة أن حضورها «فرض كفاية» وليس فرض عين، أي إذا حضر واحد من الحكومة «السيد وزير المالية» مثلاً، سقط الحق عن الباقين في الحضور.
حقيقة.. السيد وزير المالية أجاب على أسئلة الأعضاء، أو بالأحرى تبرع بالرد على أسئلتهم، أو هكذا بدا لي الأمر، ربما لأنه وجد نفسه في مواجهة الأسئلة بغياب الفريق الحكومي، وربما.. لكونه عضواً في القيادة السياسية.
بعض الزملاء في مجلس الشعب كان لديهم رأي أن التقرير لا يختلف عن التقارير التي قدمت في السنوات السابقة، وأنه يفتقر إلي الإبداع في تحليل الرقم، وبالرغم من تعدد الآراء حول التقرير، كانت الآراء كلها قيمة وذات فائدة.
السيد وزير المالية قال: «إن تكرار التوصيات قائم فعلاً، وإن كثيراً منها سيتكرر في الأعوام القادمة، لأن أموراً كثيرة لا تحل في سنة أو ثلاث سنوات».
ثمة إجماع في المجلس على الملاحظات العامة التي خلصت إليها اللجنة، نذكر بعضها: سلبيات نظام العقود القائم، والرمي بالمسؤولية من جهة لأخرى، عدم المحاسبة، ضعف الإشراف والمتابعة، وقدم الآلات في شركات القطاع العام، وارتفاع تكاليف إصلاحها وصيانتها وضعف إنتاجها، ووجود فائض بالعمالة وخاصة الإدارية، ووجود الكثير من البضائع المكدسة في المخازن دون تصريف، إضافة إلى سوء بعض إدارات شركات القطاع العام، وقيام المحسوبيات، وعدم استبدال الآلات والتجهيزات القديمة لمواكبة التطور الصناعي الحاصل في العالم مما أدى إلى ضعف مسيرة التقدم وسوء الإنتاجية وعدم القدرة التنافسية مع القطاع الخاص.
السيد وزير المالية كان حاسماً في إعلان رأيه، أو بالأحرى موقف القيادة السياسية والجبهة الوطنية التقدمية والحكومة من القطاع العام، فقال: «كلنا غيورون على القطاع العام وحريصون عليه وفي الدفاع عنه، والتمسك به، لأننا كلنا أبناء القطاع العام، وما يقال عن تحجيم دور القطاع العام أو رميه جانباً، هذا الأمر غير وارد، وغير ممكن، وغير مسموح به، وعلى الجميع أن يدركوا هذه الحقيقة، نحن متفقون على إصلاح القطاع العام، ومعالجة أوجاعه، وإعادة تأهيله، لأننا حريصون عليه، وعلى استمراره».
وتحدث عن خسائر الشركات، فقال: «لدينا 260 شركة ومؤسسة، شركات نعتز بها، الليبيون طالبوا أن تذهب شركاتنا للعمل عندهم، ولمعرفتهم أن شركاتنا تعمل بشكل جيد، وخاصة في القطاع الإنشائي. هناك شركات خاسرة، لخسارتها أسباب موضوعية، وحول موضوع الـ «504» مليارات التي ذكرت كخسارة شركات أقول إن 75٪ منها يتعلق بسادكوب، هذه الشركة ليست خاسرة، سياسة الدعم الحكومية هي السبب، وهذا ينطبق على الكهرباء والمياه، فهي شركات ملزمة بأسعار داعمة، لأننا لا نريد زيادة العبء على المواطن، والشركات التي تعمل بأسعار السوق ليست خاسرة، نحن نريد أن نرفع الدعم عن أي مسيء أو فاسد سبّب خسائر للقطاع العام، أنا مع لجنة مكونة من السادة الأعضاء في مجلس الشعب لدراسة أوضاع الشركات، وبيان إن كانت خاسرة لأسباب موضوعية، أو لأسباب تتعلق بالفساد، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين، من يسمع إلى الإعلام يعتقد أن شركاتنا خاسرة، شركات القطاع العام ليست خاسرة، وخسائرها إن وجدت لها أسبابها الموضوعية. نحن مع القطاع العام، ومع معالجة أوضاعه، على سبيل المثال يعمل في المصرف التجاري السوري وحده أكثر من 4500 موظف بينما كل المصارف الأخرى الخاصة لا يعمل فيها نصف هذا الرقم، ووزارة الصناعة بدأت بمعالجة أوضاع بعض الشركات الخاسرة، لدينا اليوم شركات لم تكن قبل الآن قادرة على تسديد رواتب العاملين فيها، تحولت اليوم إلى شركات رابحة، ومنها شركة الإنشاءات العامة للبناء، وحصلنا لها على عقد في ليبيا بقيمة مئتي مليون دولار، وفي الطريق عقد آخر بمئة مليون دولار».
وأشار السيد الوزير أن هناك أسباباً لتأخر العقود وتنفيذها، وهناك نية لتعديل نظام العقود، لأنه بوضعه الراهن يشكل صعوبة في تحويلات القطع، وأن رفع أسعار المازوت أو البنزين له أثر إيجابي على المواطن نفسه، من خلال زيادة دعم القطاع الخدمي والتعليمي والصحي والرواتب والإيرادات النفطية نوردها كما هي، وليس لدينا ما نخفيه عن الناس، والحديث عن الفساد، يحتاج إلى حوار صريح في هذا المجلس، نعم.. لدينا فساد، وضعف أداء وسوء ائتمان، ولكن ليس كل المسؤولين فاسدين، وليست كل الإدارات فاسدة كما يصور.