فتحضر عدة أسماء ابداعية فكرية تونسية من خلال حوارات أجراها الكاتب هادي دانيال معها على غرار المفكر الكبير هشام جعيط, والكاتب والمثقف المنصف الشابي والفيلسوف سليم دولة, والمفكر عبد الوهاب بوحديبة, والكاتب والمثقف الحبيب الجنحاني والكاتب الصحفي رياض الصيداوي, والمؤرخ والكاتب أبوالقاسم محمد كرو.
جاء في مقدمة هذا الكتاب حيث يوضح الكاتب قائلا « فرضت «اللحظة العراقية» بدءا من دخول الجيش العراقي الكويت حراكا فكريا ساخنا على الساحة الثقافية في تونس لم أشهد له مثيلا في هذا المكان خلال اقامتي فيه التي بدأت سنة 1982 ولا تزال مستمرة. لقد أردنا توثيق مرحلة من الفكر التونسي نزعم أنها ستترك ظلالا على المراحل اللاحقة مهما سعى البعض الى اقصاء هذا الاحتمال, حجتنا في ذلك تمسك بعض المفكرين ممن حاورناهم بالأفكار التي أوحت له بها تلك اللحظة التي كانت مناسبة لحسم هوية الفكر التونسي في أفق عربي ديمقراطي تقدمي, حتى عند أولئك الذين جاؤوا من مرجعية ليبرالية، مع ملاحظتنا أن النكوص عند ذوي المرجعية القومية كان مؤقتا ووليد لحظة وهي عابرة.
هذا الكتاب بمادته الميدانية-ان صح التعبير- لا يدعي أنه أحاط بأسئلة الفكر التونسي كافة،لكنه يصدر عن ثقة بأنه سيسهم في تنشيط الأسئلة وتناسلها عند أجيال صارت «اللحظة العراقية» بعيدة عنها نسبيا, رغم كمونها في تفاصيل واقعها ومعاناتها، خاصة وأن المفكرين الذين نعرض أفكارهم ومواقفهم مازالوا أحياء, يواصلون عطاءهم بين ظهراني هذا الجيل وان بمستويات مختلفة.
هنا لابد من التأكيد على أن «أسئلة الفكر التونسي» هي أسئلة الفكر العربي بكل تعرجاته وتفاصيله ونجاحاته وإخفاقاته، لأن كل قطر عربي مرتبط بعلاقات ثقافية وسياسية واقتصادية وتاريخية وثيقة مع بقية الأقطار, وفي النهاية كل الأقطار تجمعهم وحدة الهوية واللغة والدين والمصير.