تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لعبة الوظيفة الكبرى... الولاء الذي يعرضك للطرد!!

فضائيات
الخميس 25/10/2007
سعاد زاهر

بينما القرد يقفز يمينا ويسارا,تبدو حيرة كبيرة على وجه المتسابق والمتسابقة الذين وصلا إلى نهاية اللعبة,يترافق اندهاشهما بقهقهات يبدو فيها الذعر وخيبة الأمل بينما يقدم لهما المدير المزيف القرد على اعتبار أنه المدير الأساسي في هذه اللعبة

,فهو من كان يدير الدولاب ليستبعد أحد اللاعبين المشاركين في برنامج الوظيفة الكبرى الذي يعرض على قناة (OTV),نسمع قهقهات تبدو مذعورة للمتسابقين الذين فوجئا عندما قال لهما من اعتقداه طيلة الأسابيع الخمسة مدير الشركة أنه هو وشركته وطاقمه مزيفان وان البرنامج الذي أقيم لاختيار أفضل المتسابقين في مجال الأعمال للعمل في شركته, ما هو إلا مزيف ومجرد لعبة.‏

بدا الاستغراب كبيرا في البداية على وجه المتسابقين خاصة بعد أن وضعهما المدير المزيف في جو لم يعد يبدو فيه أي شيء حقيقي..وعندما سألته المتسابقة الفائزة ما إن كان كل شيء مزيف يجيبها :إلا مبلغ الربع مليون دولار!‏

وإذا كانا قد استغربا أكثر من أي شيء آخر في هذه المسابقة أن يكون المدير قردا,فان استغرابهما زال سريعا عندما اخبرهم المدير أن القرد كان يقوم بدور الحظ,لكنه في عالم الأعمال فان الحظ يلعب دورا كبيرا في الفوز بالمال.‏

وإذا كان هذا المبدأ مقبولا,إلا أنه كان من غير المقبول ما سعى البرنامج جاهدا إلى زرعه لدى المتسابقين من خلال الاختبارات الكثيرة التي عاشها اللاعبون,حيث كان كل شيء مبرر ومباح في عالم الأعمال,وكان المدير قد علمهما انه إنما يثق بمساعديه الاثنين لأنه يسيء الظن بهما.ولكنه مع ذلك يتعامل معهما ,يحترم قدراتهما,ولكنه يتعامل معهما بحذر.‏

أحد الاختبارات أتى شخصين من مجلس الإدارة وأكدوا أنما لا يثقان بتود وهو المدير الزائف الذي دربهما طيلة البرنامج,و أنهما يختلفان معه و أنهما أساسا كانا ضد البرنامج,وبذلك أفسحا المجال لكل من المتسابق والمتسابقة للطعن بمن علمهما كل شيء في مجال الأعمال ,المتسابقة كانت أكثر طواعية للطعن به,ثم تراجعت في النهاية وأعلنت أنها تثق به, كذلك الأمر مع المتسابق الذي شدد كثيرا على ولائه للمدير,إلا أننا فوجئنا بالمدير يعنفهما على ولائهما له ولا يقبل به,لأنه في عالم الأعمال الولاء هو ملكية مؤقتة حيث يمكن للمرء مهما كان قربه من الآخر أن يطعن به في أي وقت وفي أي لحظة تتعارض مصلحته مع هذا الآخر وهذا الطعن مبرر,ويعتبر ذكاء,لأن رجل الأعمال معرض في أي لحظة للطعن به..‏

وإذا كان هذا البرنامج الأمريكي الصنع ينتج ويروج لمثل هذه القيم التي بالطبع لا يشاهدها رجل الأعمال لأن لا وقت لديه لمثل هذه البرامج كونه غارقا في أعماله,فان المشاهد العادي سيتقبل مثل هذه الأفكار بل وتبدو له مبررة في هذا العصر حيث لا موجب للثقة بأحد.‏

الواضح أن هذا البرنامج لم يحضر أفكاره سوى من العالم الواقعي لتلك البلاد التي تروج لقيمها الخاصة بها والتي نتلقفها نحن,ونأخذها دون تفكير ,في برنامج تيرا بانكس استضافت رجل الأعمال الأمريكي الذي يعمل في مجال العقارات(دونالد ترامب)مع ولديه حيث أكد ابنه أنه منذ كان في الخامسة ووالده كل صباح قبل ذهابه إلى المدرسة يقول له:(لا تثق بأحد) ثم يسأله:هل تثق بي,وعندما يجيبه بنعم يستهجن الوالد هذه الإجابة!!‏

هم لا يثقون ولكنهم يعملون ويبنون ويجيدون لعبة الأعمال ,واللاثقة في مجتمعاتهم لها ما يبررها حيث لم يعد من مجال لعالم إنساني للآخر,حيث لا مكان فيه إلا لأؤلئك الكبار الذين اشتروا العالم وكل من فيه,والذي لا معنى للحديث فيه لأي أخلاقيات,لأنها ليست المتحكمة فيه,ولكنهم يغيبونها لكي ينتجون ليزدادوا ثراء ,أما نحن فلماذا نغيبها إذا كنا لا نفعل شيئا سوى تغييبها لأجل الأذى ولجل عرقلة الآخر ولجل عرقلة إنتاجيته.‏

إننا نستمد قيمهم,نتلقفها سريعا, تعشعش في أذهاننا ,نتبناها ونعيشها كقيم حياة,ولكن ما هي النتيجة ,إنها العبث واللاجدوى,والإضرار بالعالم الإنساني ,دون أن يكون لدينا فكرة أصلا عن قواعد اللعب في عالم الأعمال الواقعي أو الافتراضي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية