يُفترض أن يتحوَّل إلى سلاحٍ ذي حدين, أحدهما يقاوم أعداء هذا الوطن, والثاني يردُّ عن المواطن شيئاً مما يتعرَّض له, ومن تضليل وتهويلٍ وفجائع ومحن..
نعم, هذا ما ُيفترض أن يكون عليه الإعلام في الأزمات, وليس فقط, فيما يتعلق بالشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية لطالما, كل الآدابِ والعلوم والثقافات والفنون. لابدَّ من أن تؤدي الدور الذي يتطلَّب منها مواجهة الشرس والهمجي من الهجمات العدوانية والإعلامية.
حتماً هو دورٌ, آلتْ «الإخبارية السورية» إلا أن تمرَّ عليهِ مرورَ المتمرِّس في النبشِ بما وراء المواقفِ والأفكار. مواقف وأفكار من ثابرت أخلاقهم و ثقافتهم و فنونهم, على الوقوف مع الوطن ضد ما يتعرض له من ظلم وقهر وموتٍ وسوى ذلك مما يرادُ منه طمس ثقافته وتغييب وعي شعبه وكذلك إبادة وجود من يؤدي فيه أعظم الأدوار..
إنه المرور الذي تابعناه عبر سهرة «الفنون في ظلال الوطن».. البرنامج الذي أدارت حواره «ربا الحجلي» الإعلامية التي لا يمكن لمتابعها إلا أن يُشهد مقدار ما تضامن صوتها مع صوتِ الحق.. الصوت الذي ما أكثر ما حاولت أن تخمد به كل صوتٍ تمادى في إعلان الباطل دون أن يكون فيه مُحق.
أما عن ضيوف سهرتها, فكانوا من مختلف أنواع الإبداع الفني.. كانوا الفنان التشكيلي «نبيل سمان» و»رحاب ناصر» مديرة دار الفنون. أيضاً, المخرج السينمائي «المهند كلثوم» و»أذينة العلي» صوت الوجدان الوطني.
كل هؤلاء, تمَّت محاورتهم عن دور الفنون في هذه الأزمة, بل في هذه الحرب التي شكَّل خلالها كُثر من فناني سورية, فراراً باتجاه الطرف المعادي أو ربما الحيادي أو حتى المنتمي إلى هواه المادي.
لقد كان حواراً على مستوى لائقٍ وحرّ في إبداء الرأي الذي جعل جميع ضيوف السهرة, ومهما اختلفت آراؤهم, يتَّفقون على رفضِ كل من خرج عن الوطن
السوري واتجَّه إلى حيث الأجندات العدائية.. على رفض كل من ترك سوريته تنزف على حسابِ مصالحه أو انتماءاته أو أطماعه الغبية. أيضاً, كل من سوَّلت له أمّيِته, إحالة الثقافة والفنون إلى منحازة وظلامية.. ببساطة, كل من أمعن طعناً وخيانة وتنكراً للأم سورية.
هذا ما اجتمعت عليه آراء ضيوف السهرة وبمختلف اختصاصاتهم, ودون أن يقف الأمر لدى هذا الحد لطالما, كانت «الحجلي» تقوم بتفنيدِ كل رأيٍ من الآراء, ومن خلال مناقشته والتعقيب عليه من الضيوف الذين أجابوا جميعاً وبكلِّ جرأة وصراحة ومهنية, عما أرادت منه أخيراً, معرفة الانعكاسات التي تركتها الأزمة على كل فنٍّ من الفنون التي تنوعت ضمن حلقتها الحوارية..
أيضاً, أرادت «الحجلي» أن تبينِ للمشاهد سبب تقدّم فنّ على حساب آخر لا يقل شأناً في دوره وطريقة إيصاله.. أرادت أن تعرِّفه بكيفية ارتقاء كل فنٍ من الفنون وبدوره الذي لابدَّ من أن يعيد له مكانته واعتباره.. أيضاً, أرادت أن تؤكد بأن المبدع, ليس إلا رسول حكمة وصاحب رسالةٍ لا يمكن أن تُقرأ إلا من خلال أعماله.
كل هذا, تابعناه على مدى ساعات من البرنامج الذي كان على درجة موفَّقة في تناغم الأفكار والتعقيب الإيجابي. كذلك, على درجة ممتعة وجذابة في استراحاته الغنائية التي أغنت السهرة بأغانٍ, كان من أدى فيها التحية للجيش والشعب والوطن. الفنان «أذينة العلي».
أخيرا, ودون أن ندخل في تفاصيل سهرةٍ تحتاج منا لأكثر من هكذا متابعة, علينا التذكير بالكلمات التي ختم بها كل ضيفٍ وكانت من وجدانهِ نابعة.. تلك الكلمات التي أهديت لسورية الغد. سورية التي رأى «سمان» بأنها لا تشبه إلا الشرفاء ممن صمدوا في هّذه المحنة, والتي رأت «ناصر» بأنها الولادة.. أيضاً, التي رأى «كلثوم» بأنها للجيش ولكلِّ مواطنٍ شريف, وبأنها وحسبما رآها «العلي» للأغنية الوطنية ولكلِّ من رفض مغادرة أرضه ووطنه السوري..