وهؤلاء الشباب الذين تخرجوا من المعاهد والجامعات أو مازالوا على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية أدركوا أنه لا بد من المساهمة ولاسيما على الصعيد التعليمي والاجتماعي الذي أرخى بظلاله الحادة والموجعة على كاهل الأسرة والحكومة والمجتمع، فوجدناهم يبدعون أفكاراً ومشاريع ومبادرات ويخترعون أساليب ووسائل وإجراءات هنا وهناك علّها تُبلسم بعضاً من عمق الألم.
فبعد أن انخرط البعض في العمل التطوعي من دفاع وطني وصحي وجيش الكتروني استطاع أن يخترق بدماغه العديد من خطوط ومواقع ومفاتيح برمجة الدوائر التي جهزت مشاريع الفتنة والحرب وأدوات القتل والإجرام، فكانوا عوناً للعقل السوري المتكامل في كل المفاصل والذي استطاع أن ينجز ويؤسس لمدارس جديدة سيعتمدها المستقبل عندما يدرّس الحالة السورية الخاصة على أعلى المستويات في العالم.
من هنا ندرك أهمية دور الشباب المتعلم عندما يتسلح بالإرادة ويتطوع ليشارك في العملية التعليمية ويرفدها بطاقات يمتلكها إلى جانب معلمي ومدرسي هذا الوطن ولاسيما في مراكز الإيواء حيث يجري العمل على قدم وساق لسبر معلومات الأطفال والتلاميذ من خلال دورات خاصة بالعائلات والطلاب والمهجرين وتشمل جميع صفوف مراحل التعليم الأساسية.
هذه المراكز التي أصبحت اليوم بمثابة جامعات مجتمعية كبرى تضم الصغير والكبير والأسرة المنتمية لكل مساحة الجغرافية السورية مع التأكيد بأن هذه المراكز أصبحت الشغل الشاغل للحكومة اليوم من وزارات ومؤسسات ومجتمع أهلي ومنظمات وجمعيات وغيرها، إلا أن بصمة الشباب السوري يبقى لها وقعها وتأثيرها فبدلاً من بقائهم في المنازل ممن تخرج من المعاهد والجامعات بانتظار الوظيفة وجدنا أن إحساسهم بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية جعلتهم يتقدمون معلنين قدرتهم على المساهمة في تعليم الأبناء بمراكز الإيواء كل حسب اختصاصه كعامل مساعد للمدرس والمعلم والمهني.
هي مبادرات عظيمة في عين المجتمع تؤسس لمنظومة عمل جديدة في بنية متشابكة من العلاقات الحميمية في زمن يتوجع فيه الوطن ظلماً فيما نجد أبناؤه المخلصون من مدنيين وعسكريين لا يعدمون وسيلة لتخليصه من كل ما حلّ به.