تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نقيضان لا يلتقيان!

الأربعاء 30-10-2013
سهيل إبراهيم

ماذا يريد آل سعود من مصر ما بعد الثلاثين من حزيران، وماذا تريد النخبة السياسية التي لم يكتمل تبلورها بعد في مصر الشقيقة ، ماذا تريد من أمراء المملكة المأزومة بالإفلاس الفكري والخلقي والسياسي في فترة من تاريخها محتشدة بعلامات الاستفهام،

ثم هل ما يريده آل سعود من الإدارة المصرية التي تتشكل على نار هادئة، قابل للتحقيق في المدى القريب والمتوسط، وهل ما تريده الإدارة المصرية التي اقتربت ولادتها من رحم ثورة الثلاثين من حزيران، قابل للتنفيذ على المدى الطويل في الحسابات الباردة ؟؟‏

وبعيداً عن لغة الشقيق و الشقيقة التي كانت من حيث المبدأ مدخلاً لفهم طبيعة العلاقات العربية ـــ العربية، فإن تاريخ ملوك وأمراء المملكة مع المحيط العربي ومع مصر تحديداً لا يشجعنا على الاعتقاد بأن الاندفاعة السعودية الأخيرة نحو مصر بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين فيها، هي أمر طبيعي يخضع لمعايير القربى بين العرب، بل هي ـــ ورغم كل سخائها المالي ـــ اندفاعة محكومة بشرطين، أولهما استغلال الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمجتمع المصري لتمرير شروط سياسية، وثانيهما انعاش التيار السلفي في مصر، وتأهيله لاحتلال مقعد الإخوان المسلمين في المجتمع والسلطة، على اختلاف تياراته التي يقول العارفون في بواطن المجتمع المصري بأنها تفوق نفوذاً وعدداً جماعة الإخوان المحظورة، ومن هذين الشرطين يصبح الشرط الثالث بالإجهاز على أي احتمال لتقارب مصري – سوري، مجرد تحصيل حاصل !‏

نقول ذلك ونحن نستذكر مع بعض الاخوة المصريين العروبيين إشادتهم بموقف الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز في حرب تشرين عام 1973 عندما أقدم مع بعض مشيخات الخليج على تقنين تدفق النفط إلى دول الاطلسي، ومحاولة هؤلاء الإخوة الربط بين الماضي والحاضر تحايلا على الذاكرة وطمسا للمحطات العالقة فيها، فبقية القصة لا تكتمل إلا إذا استذكرنا قمة الدار البيضاء عام 1969 التي تقابل فيها جمال عبد الناصر مع الملك فيصل ذاته، الذي قدم كشفاً مستفيضاً للقادة العرب يومذاك بالفواتير المالية التي تدفعها الخزانة السعودية لمصر بموجب قرارات قمة الخرطوم صاحبة اللاءات الثلاث الشهيرة، الأمر الذي أغضب عبد الناصر فرد عليه قائلاً، إن فواتير خزانتكم التي تجردها على مسامعنا لا تعادل دم جندي مصري أو سوري يدافع عن أرض العرب، ثم انسحب من القمة ولم يعد إليها بعد ذلك!‏

مصر الآن في وضع انتقالي وتداعيات اقتصادية صعبة، وسخاء آل سعود في دعمها المالي يستقطب مشاعر مصرية صادقة، لكن التاريخ ينبئنا بأن هذا السخاء يستدرج ثمنا لا يستطيع المصريون دفعه، فدعاة السلفية الذين يحتلون اليوم مقاعد الإخوان المسلمين، ويدينون بالولاء للوهابية السعودية ليسوا أقل خطراً على المجتمع المصري من أولئك الذين حفروا الخنادق وامتهنوا الإرهاب في مصر، ومشتركات الحرب في مصر وسورية تشير الى قدر البلدين في التقارب والتكاتف في وجه عدو واحد، يلبسه آل سعود في سورية ثوب الإمارة، ويضخون له المليارات في خزائنهم، فيما يتظاهرون بالتبرؤ منه في مصر إلى حين قد لا يطول، ترتبط مواقيته بمؤشر العلاقات السعودية الامريكية، ومؤشر العلاقات المصرية الأمريكية، فلا يظنن أحد أن أمراء آل سعود قادرون على شراء مصر، ولا النخبة السياسية المصرية التي لم يكتمل تبلورها بعد قادرة على دفع الثمن المنتظر !‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية