تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفريقيا نموذجاً...الـ سي. آي. إيه .. تاريخ من الإرهاب والعسكرة

عن: موندياليزاسيون
شؤون سياسية
الأربعاء 30-10-2013
ترجمة: سراب الأسمر

هل تخوض الولايات المتحدة حرباً حقيقية ضد الإرهاب في أفريقيا أم أنها تحرك الأمور لخدمة مصالحها؟

خلّف التدخل الغربي في ليبيا دولة متوترة على غرار ما حلّ بالعراق وأفغانستان. ففي 11 تشرين الأول اختُطف رئيس الوزراء الليبي وأمر كهذا ما هو إلا مؤشر لسوء الأوضاع التي تعيشها البلاد,. في 12 من نفس الشهر تمّ تفجير سيارة بالقرب من السفارتين السويدية والفنلندية, هذا واخلت السفارة الروسية مكاتبها بعد تعرضها لهجوم مسلح.. والكثير من المشاكل المماثلة حلّت بالبلاد.‏

فمنذ رحيل القذافي أصبح الوضع الأمني في البلاد خارج السيطرة, وباتت الهجومات على السياسيين النشطاء والقضاة أموراً مألوفة, إذ بدأت الميليشيات المتناحرة تفرض قوانينها.‏

في شباط الماضي اضطرت الحكومة الانتقالية لعقد اجتماعها في الخيم وذلك بعد طرد بعض المتمردين للبرلمانيين.‏

تمتلك ليبيا أكبر احتياطي من بترول أفريقيا, لكن إثر الفوضى التي عمّت البلاد توقَّف ضَخ أغلبه وأصبحت البلاد مضطرة من الآن فصاعداً لاستيراد البترول لتأمين احتياجاتها من الكهرباء, وفي بداية أيلول تعرضت تمديدات المياه في طرابلس لأعمال التخريب وتهددت العاصمة للشح.‏

لكن الأمر الأكثر إقلاقاً هو وجود الجهاديين في البلاد حيث يسيطرون على اماكن متعددة زارعين فيها نقاط تفتيش مسلحة في مدن بنغازي ودرنة: وأوضح مثال على ذلك بلحاج ( وهو من تنظيم القاعدة ) الذي شارك في تفجيرات مدريد عام 2004 , فهذا الشخص بعد مقتل القذافي سيطر على طرابلس الغرب وأرسل مئات الجهاديين إلى سورية، ويعمل اليوم على تأسيس حزب إسلامي محافظ.‏

امتدّ تأثير الجهاديين خارج حدود ليبيا, ووصف وزير داخلية تونس ليبيا كـ «ملجأ لأعضاء تنظيم القاعدة الذين أتوا من شمال أفريقيا», فإثر سقوط السلطة المركزية الليبية وقعت أسلحة ثقيلة بأيدي الميليشيات المختلفة, إحدى هذه المجموعات هي المجموعة الليبية الإسلامية المقاتلة التي يتزعمها بلحاج والذي أبرم تحالفاً مع المتمردين الإسلاميين في مالي. استولى هؤلاء بالتعاون مع مجموعة الطوارق على شمال مالي خلال أشهر. واليوم يسيطر جهادييو ليبيا على متمردي سورية.‏

للوهلة الأولى تُبدي الولايات المتحدة والغرب قلقهما من تصاعد نشاط الجهاديين في شمال أفريقيا, نيجيريا, الصومال وكينيا مؤخراً, لكن إذا نظرنا إلى الأمور عن كثب نلاحظ أن الوضع أكثر تعقيداً, فسقوط القذافي سهّل لحدوث تحالف بين القوات الخاصة الفرنسية , البريطانية, الأردنية والقطرية من جهة أولى ومن جهة أخرى بين المجموعات المتمردة الليبية, وكان الطرف الأهم في هذه المجموعات ( المجموعة الليبية الإسلامية المقاتلة) المُدَونة على قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة والتي يتزعمها بلحاج وتحت إمرته من الفين إلى ثلاثة آلاف رجل الذين حصلوا على تدريباتهم القتالية في اميركا قبل أن يبدؤوا التمرد في ليبيا.‏

ليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها الولايات المتحدة بمثل هذه الأعمال، ففي سنوات 1980 قامت برعاية وتدريب المقاتلين الإسلاميين المتطرفين في أفغانستان, وفي سنوات 1990 غَطَّت على البوسنة ثم بعد عشر سنوات قامت بنفس الأمر في كوسوفو, فلا نستبعد تورط أجهزة المخابرات الغربية بشكل مباشر أو غير مباشر لنشاطات الشيشانيين الإرهابية في روسيا واليوغور في الصين.‏

تظاهرت الولايات المتحدة وفرنسا أنهما متفاجئتان من احتلال الطوارق لشمال مالي, لكن هذا ليس إلا ظاهر مخادع, وهنا يمكننا التساؤل حول إمكانية تحريكهما لتلك الأحداث, كما حرَّكتا المشاكل عام 1990 بين العراق والكويت, ما لم نقل مسؤوليتهما عن نشاط تنظيم القاعدة في المنطقة. فأحد المتخصصين بالأمور الجيو- سياسية كان يعلم أن رحيل القذافي سيتسبب في زيادة التهديد الإرهابي في المغرب العربي ...‏

مهما كان شكل التهديد الإرهابي في المنطقة وخارجها على القارة مُرضياً للولايات المتحدة إلا أنه يُشكل عذراً كافياً لحضورها وتدخلها العسكري في القارة الأفريقية, إذ لم يَفُتْ أميركا النشاط الاقتصادي الذي تلعبه الصين والدول المنبثقة في القارة السمراء والتهديد الذي تشكله على هيمنتها بعد أن أمست الصين أهم حليف تجاري لأفريقيا. فوفقاً لصحيفة الفيننشال تايمز: « باتت عسكرة السياسة الأميركية بعد أحداث 11 أيلول تثير الكثير من الجدل لأنها تعتبر كمحاولة من الجانب الأميركي لتعزيز سيطرتها على المواد الأولية وإحباط الدور التجاري الأساسي للصين».‏

في تشرين الثاني2006, عقدت الصين لقاء قمة استثنائية حول التعاون الاقتصادي وحضر المؤتمر حينها45 رئيس دولة أفريقية، بعد شهر من ذلك وافق بوش على إنشاء أفريكوم وهي وحدة عسكرية أميركية (طائرات، سفن، مجموعات عسكرية،..) تمركزت في القارة الأفريقية، ورأينا عملها للمرة الأولى في ليبيا ومالي . وأفريكوم اليوم نشطة في49 دولة افريقية من أصل 54، وخلال عشر سنوات استطاعت أميركا تثبيت قواعد عسكرية دائمة في عشر دول على الأقل وهذه العسكرة في حالة اتّساع مستمر.‏

في المجال الاقتصادي، بدأت دول الشمال تفقد دورها على الساحة أمام دول الجنوب المنبثقة، والحالة الافريقية أكبر مثال على ذلك فهذه القارة غنيّة بالموارد، ولهذا يتَّضِح جلياً لماذا تحارب دول الشمال هذا التوازن الناشئ بالوسائل العسكرية...‏

 بقلم: مارك فاندبيت‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية