وبعد ما أعلنه قائد شرطة دبي بشأن أسماء وجنسيات المتورطين في العملية، ظهرت بين المتهمين أسماء مدنيين إسرائيليين مع جنسيات مزدوجة بريطانية ، هاجروا إلى إسرائيل يدعون أن أحداً ما استخدم أسماءهم وهوياتهم لتنفيذ التصفية في دبي. وهم يشعرون، وعن حق، أنهم استخدموا كأدوات في لعبة أكبر منهم. وسيتعين عليهم الآن أن يشرحوا للقنصلية البريطانية ولوزارة الداخلية في لندن بأنهم لم يكونوا في دبي ولم يشاركوا في عملية التصفية، وبأن جوازات سفرهم كانت توجد معهم دوماً.
ومن جهتهما، حكومتا إيرلندا وبريطانيا أعلنتا أن جوازات السفر كانت مزيفة. بتعبير آخر، لم يتم استخدام جوازات السفر البريطانية أو الإيرلندية الحقيقية. أي إن الأسماء كانت حقيقية، ولكن جوازات السفر مزيفة. ومثل هذا الاستنتاج يثير قلقاً أقل لدى الحكومات ذات الصلة، إذ يوجد في العالم الكثير من عصابات التزييف لجوازات السفر التي تنشرها في السوق السوداء.
في الماضي كثيراً ما استخدم الموساد جوازات سفر مزيفة أو أسماء لأشخاص من لحم ودم وضمهم إلى صور عملائه. واستخدم أحياناً في مهام فاشلة مثل قضية ليلهامر في النرويج عام 1973، حسب ما ذكرت صحيفة «صنداي تايمز»، إضافة إلى المحاولة الفاشلة للمس بخالد مشعل في الأردن في 1997 ورجلي الموساد اللذين ألقي القبض عليهما في نيوزيلندا وهما يحاولان الحصول على جواز سفر حقيقي باسم شاب محلي مشلول بكل أنحاء جسده كان واضحاً أنه لن يخرج أبداً من حدود بلاده.
وعليه يمكن الإشارة إلى نمط عمل متكرر، إسرائيل اضطرت إلى استخدام جوازات سفر أجنبية لحملات التصفية. وعندما يلقى القبض على أصحابها، تضطر إلى الاعتذار والتعهد بعدم تكرار هذه الأفعال والدول ذات الصلة تغفر لها.
المستقبل سيكون أكثر صعوبة لأن المزيد من الدول، وفي مقدمتها إسرائيل، ستدخل إلى منظومتها الأمنية وسائل تشخيص بيوتكنولوجية وعندها لن يكون ممكناً على الإطلاق استخدام جوازات سفر مزيفة، حيث خطوط رسم الوجه والبصمات أو فتحة العين لا يمكن تزييفها جميعها.
وحتى تسليم الفلسطينيين من الأردن إلى دبي كمشبوهين بمساعدة المغتالين، يحتمل أن يكون ما أخفي فيه أكثر مما ظهر. ومن غير المستبعد أن يكون ذلك جزءاً من حرب نفسية غايتها إثارة الارتباك في أوساط قيادة حماس وصرف الانتباه عن المساعدين الحقيقيين.
في نهاية المطاف، ينبغي النظر إلى هذه العملية بمنظور متوازن. القيادي الكبير في حماس، الذي كان في الماضي ضالعاً في قتل جنديين إسرائيليين وعمل كرابط مهم في شبكة تهريب السلاح، صفي. وقد احتاجت حماس وسلطات دبي، نحو عشرة أيام كي يفهموا أن الحديث لا يدور عن موت طبيعي.
كل منفذي العملية نجحوا في المغادرة بسلام. طريقة العمل لا تتميز بها إسرائيل وحدها بالذات، بل كل منظمة استخبارية مهنية كانت ستستخدم وسائل مشابهة.
لكن إذا كان الموساد هو الفاعل فإن بنيامين نتنياهو ملزم بأن يشعر في الآونة الأخيرة بمرارة حادة من تكرار الخطأ. مرة أخرى اغتيال لأحد قادة حماس في دولة عربية، ما يعني ورطة سياسية جديدة على غرار محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن، وهذه مسؤولية تقع على عاتق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
الأزمة السياسية المتوقعة هذه المرة ليست مع دبي، بل مع الدول التي استخدم فريق الاغتيال جوازات سفرها. مرة أخرى بريطانيا، مرة أخرى إيرلندا، وفرنسا. وكأن حكومات إسرائيل لم تعتذر في الماضي أمام سلطات لندن على استخدام الوثائق البريطانية، وكأنهم لم يقسموا، بعد أن عثر على جوازات جلالة الملكة في حجرة الهاتف، بأنهم لم يفعلوا ذلك مرة أخرى أبداً.
بقلم: حاييم آرون