تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية في قمة أولوياتنا

جيروزاليم بوست
ترجمة
الأحد 21-2-2010م
ترجمة: ليندا سكوتي

منذ أمد قريب، صدرت تصريحات عن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أساءت لصورة إسرائيل، بما أبداه من تشدد وما أطلقه من تهديد تجاه سورية.

وقد سبقه بمسار مماثل نائبه داني يعالون عندما وجّه إهانة دبلوماسية لتركيا بتصرفه غير اللائق مع سفيرها. وبذلك فقد أساء السياسيون التعبير عن تطلعات ورغبات الكثير من الإسرائيليين الذين يرغبون بالسلام، في الوقت الذي نشهد به عودة السفير الأمريكي إلى دمشق، مما يستدعي من إسرائيل أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، والتخفيف من مواقفها السلبية، والبدء بإعطاء حدودها الشمالية مزيداً من الأهمية بهدف التوصل إلى حل النزاع القائم منذ عدة عقود.‏

أبدت الحكومة التركية رغبتها بالعودة للعب دور الوسيط بين سورية وإسرائيل، الأمر الذي يتعين به على الأخيرة اغتنام تلك الفرصة المقدمة لها، والقبول بالوساطة التركية، والعودة لمفاوضات السلام لأن التوصل إلى اتفاق، إذا ما قدر له أن يرى النور، ستنعكس آثاره على المنطقة برمتها، خاصة في ضوء ما تقوم به إيران من زيادة روابطها مع كل من حزب الله في لبنان وحماس في غزة. فعلى الرغم مما حصل من شرخ في العلاقات التركية الإسرائيلية نتيجة للحرب على غزة وما أسفر عنها من نتائج سلبية على العلاقات الثنائية بين البلدين، فما زالت تركيا تمثل الحليف الاستراتيجي الأكثر أهمية في المنطقة، ومازال بإمكانها أن تقوم بالوساطة البنّاءة بين البلدين، علماً بأن المخاوف الإسرائيلية من عدم حيادها أمر في غير محله لأنها لم تأخذ باعتبارها ما حصل من تقدم في الجولة الأخيرة من المفاوضات التي قوضتها عملية الرصاص المصبوب.‏

يتعين على إسرائيل الاستفادة من وساطة الحليف التركي الذي تربطه روابط وثيقة مع العالم العربي ، لأن تركيا لا تسعى لتحقيق السلام بين إسرائيل وسورية لمجرد إظهار نفسها كدولة ذات أهمية، بل لأن السلام الإقليمي ذو أثر بالغ في أمنها القومي وتطوراتها الاقتصادية، وبالطبع له تأثير أكبر على الأمن القومي والمصالح القومية الإسرائيلية .‏

لا شك أن المفاوضات الإسرائيلية- السورية التي تعتمد على مبدأ الأرض مقابل السلام ستكون لها منعكساتها في المدى البعيد، إذ إن سورية عندما تشعر بأنها ستحصل على مرتفعات الجولان وتطبّع العلاقات مع الولايات المتحدة ستعمل على إجراء تغيير في استراتيجيتها.‏

إن مخاوف إسرائيل من البرنامج النووي الإيراني ستأخذ بالتراجع إن تحقق السلام الإسرائيلي- السوري لما للاتفاق من تأثير على طهران يجعلها تعيد النظر في استراتيجيتها تجاه إسرائيل في ضوء المعطيات الجديدة. ومن دواعي الاستغراب، أن نجد إسرائيل مازالت تعلن تهيبها من التهديد النووي الإيراني في الوقت الذي تغفل به عما يمكن أن يحدث من تغيير جيوسياسي ديناميكي في المنطقة نتيجة السلام مع سورية.‏

إزاء ماتقدم، يتعين على إسرائيل اغتنام الفرصة القائمة، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع سورية لأنه ليس باستطاعتها استمرار الادعاء برغبتها بالسلام في الوقت الذي تفوت به الفرص التي تقدم إليها .‏

إن الرئيس السوري بشار الأسد اعتبر السلام مع إسرائيل خياراً استراتيجياً، وعبرّ عن رغبته بالاتفاق معها مقابل عودة مرتفعات الجولان، وأبدى رغبته بإقامة علاقات صحية مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يتعين به على إسرائيل أن تحدد خياراتها لأنه ليس بإمكانها الاستمرار بتبرير الاحتلال بالادعاءات الأمنية عندما يمد العالم العربي يده لها لإرساء سلام حقيقي.‏

يتعين على إسرائيل الاختيار بين الأرض والأمن، وعليها أن تعلم بأن حدودها الشمالية لن تكون آمنة طالما كانت لسورية مطالب إقليمية، وعليها إذا ما عرضت سورية السلام، وتطبيع العلاقات ،وأقرت بوجود مخاوف أمنية إسرائيلية أن تعود إلى مفاوضات السلام، أما إذا بقيت مستمرة في رفضها، فإن الجولان سيلقي على كاهلها مسؤوليات جسيمة بدلاً من أن يحقق لها ما تبتغيه من ثروة أمنية وقومية.‏

تتزايد المعارضة الدولية إزاء بقاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي، لأن العالم يعتبر أن بناء المستوطنات المصدر الرئيس للنزاع الإقليمي، ويرى أن ربط بقاء الاحتلال بالمخاوف الأمنية القومية ليس إلا ذريعة للاحتفاظ بالأراضي، الأمر الذي قد يقود إلى عزل إسرائيل وتصاعد العنف في المنطقة.‏

 بقلم: ألون بن مير‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية