عذرً انا اعلم ايها القراء الصامدون أن الهم الوطني والمعيشي اكبر واسمى من الحديث عن قصة السيارات في مثل هذه الظروف ، لكن ترابط الموضوع الاقتصادي وتداخله مع بعضه على مختلف المستويات ربما يبرر الطرح ، اذ نعلم جميعاً الحدود التي وصلت اليه السيارة على المستوى الشعبي بفعل اسباب عديدة سنأتي على ذكرها لاحقا.
في مكتب مدير «عقاري دمشق» التقيت مصادفة باحد تجار السيارات العائد من المغرب بعد شعوره ان الازمة بدا مسارها واضحاً بالنصر لمصلحة الوطن والجيش العربي السوري الذي يدافع عنه، وبعد الحديث في السياسة واستعراض كل منا لعضلاته السياسية امام الاخر؛ بادرت بسؤال تاجر السيارات (شو القصة) ماذا يجري في سوق السيارت ؟ فكان الجواب مباشرة ودون أي تلكؤ ان السيارات السورية يتم تهريبها الى لبنان والى دول مجاورة اخرى ، جاء الجواب كالصاعقة على مسمعي.
بالفعل انها من السخريات الاقتصادية ان تهرب السيارات السورية الى لبنان ومتى كانت هذه السيارات بمختلف سنوات انتاجها او «موديلاتها « ارخص من السيارات في لبنان.
لاشك ان عقابيل الحرب التي يشنها الارهاب الاسود في سورية بدت واضحة على مختلف البنى الاقتصادية والمعيشة التي تطول حياة المواطن السوري ، وبطبيعة الحال فإن السيارة كسلعة كان لها النصيب الواضح في ذلك .
اذاً اضافة الى اسباب توقف استيراد السيارات وحتى ارتفاع تكاليف هذا الاستيراد - وهذا ليس الاولوية في هذه الظروف - فإن الجزئية التي يجب التوقف عندها هي تهريب السيارات الى الدول المجاورة وهذا يقدم عوامل اضافية تثقل كاهل المواطن من خلال الايحاء على ان جنون الاسعار والتضخم وصل إلى كل شيء والى الاخضر واليابس ، الامر الذي يفرض على الجهات المعنية وخاصة في الجمارك بالتعامل مع هذه المسألة وغيرها بمنتهى المسؤولية والوطنية في ظل هذه الظروف خاصة اذا علمنا ان مايتم تهريبه هو سيارة وليس « دزينة فناجين قهوة «.
مقابل ذلك قد نجد ان بعض السيارات تخرج الى الدول المجاورة بأوراق خروج نظامية ، وفي هذا من الضرورة التدقيق في الغاية من الخروج وفرض وديعة مالية معينة حتى تعود السيرة كما خرجت .
ليعلم كل من يقرأ ما سبق ان هذه اجراءات اقتصاد حرب ، وبالطبع ما كانت لتكون في أيام الاستقرار والعمل والعيش العادية وفيها بالطبع كل الحرية لمن يريد ان يخرج أو يدخل ضمن الانظمة والقوانين المعمول بها. اذاً نحن امام حالة جديدة ناتجة عن داء التهريب ، والغريب والطريف ان تصل بنا الحالة الى السيارة التي كانت توصف في الفترات الماضية بأنها اغلى بكثير من مثيلاتها قي الدول المجاورة قد يكون وصف تهريب السيارة بالطريف لأن مآسي التهريب الامنية والاقتصادية على المجتمع السوري اكبر من ذلك بكثير.