تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تفجيرات بغداد..هل عاد الاحتلال من النافذة؟!

شؤون سياسية
الاثنين 9-1-2012
عبد الحليم سعود

عادت نغمة التفجيرات الدامية لتضرب مدن العراق وبلداته وخاصة العاصمة بغداد، وذلك بعد أيام قليلة من اكتمال انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من البلاد، فعلى مدى أسبوعين أجج الإرهاب الأعمى نار حقده ضد العراقيين،

ليقتل في مناسبتين داميتين أكثر من مئة عراقي مضيفا إليهم مئات الجرحى والمعوقين في عدد من التفجيرات الإرهابية المتزامنة التي استهدفت في وقت واحد مناطق تختصر فسيفساء التنوع العراقي طائفيا واجتماعيا، وكأن الفاعل أراد إرسال رسالة واحدة مفادها ممنوع على العراقيين أن يخرجوا من المحنة التي سببها الاحتلال، ممنوع عليهم أن يتصالحوا ويعودوا إلى وحدتهم لكي يعيدوا بناء بلدهم ودولتهم على أسس سليمة وقوية بعيدة عن الوصاية والتدخل الأجنبي، رسالة عنوانها الفتنة التي تأكل الأخضر واليابس وتقتل أي أمل بقيام عراق جديد.‏

التفجيرات التي تنوعت أساليب تنفيذها وأحجام عبواتها وتفاوتت في أعداد ضحاياها تركت عناوين متشابهة ومتقاربة على رأسها الفتنة والفوضى والمزيد من الفرقة والخلافات السياسية التي تحول دون قيام عراق قوي موحد ومعافى..وهي ذات العناوين التي اشتغل عليها الأميركيون كثيراًخلال سنوات احتلالهم للعراق، وعندما عجزوا عن تحقيقها خلال وجودهم بسبب وحدة العراقيين ومقاومتهم، أوكلوا إلى أدواتهم وعملائهم المهمة لكي تتحقق أهداف غزوهم للعراق دون دفع المزيد من الأثمان التي لم يعد بإمكان اقتصادهم وجيشهم وشعبهم تحملها.‏

الشعب العراقي الذي عانى طويلا في ظل الاحتلال وقدم مئات آلاف الضحايا على مذبح الحرية كان يمني النفس بأن يبدأ حقبة جديدة عنوانها المصالحة والاستقلال وعودة الأمن الاستقرار حتى تتهيأ الظروف لإعادة بناء الدولة التي دمر الاحتلال مؤسساتها وبناها التحتية، ولكن المحتل الذي خرج ذليلا تحت جنح الظلام عاد عبر أدواته واستخباراته وعملائه ليفسد فرحة العراقيين فيما يشبه العقاب الجماعي، وهذا كان متوقعاً، لأن الأميركيين لم يأتوا إلى العراق ليقيموا فيه دولة ديمقراطية تطبق فيها قيم العدالة والحرية، بل جاؤوا لنهب ثرواته وتدميره ومنعه من النهوض والمشاركة في معركة العرب ضد الصهيونية، وكانوا يعتقدون أنه بالسيطرة على العراق واحتلاله ستصبح المنطقة كلها تحت حكمهم، لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر، فكانت الهزيمة العسكرية المذلة والأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي أججت الشعب الأميركي ضد إدارته المراوغة.‏

الأميركيون اليوم يبحثون عن إنجاز يغطون فيه إخفاقاتهم الكثيرة في أفغانستان والعراق ولبنان وإيران والعديد من مناطق العالم، ولهذا يرجح أن تبقى أياديهم القذرة تحاول العبث بأمن المنطقة واستقرارها عبر بوابة العراق، لأن العراق الجريح والخارج لتوه من الاحتلال البغيض يشكل مرتعا مناسبا وسهلا لمثل هذه المحاولات، بالنظر لتنوعه طائفيا وعرقيا، والأزمة السياسية التي يعاني منها بفعل الصراع القائم حاليا بين الأحزاب التي تشكل المشهد السياسي والحكومي فيه.‏

فبعد أن اختبر الأميركيون فشل التدخل العسكري المباشر في إعادة رسم الجغرافيا السياسية التي تناسب أطماعهم في المنطقة، واستحالة إقامة الشرق الأوسط الذي كانوا يحلمون بقيامه عن طريق القوة العسكرية أو ما يسمى القوة الصلبة، لجؤوا إلى أسلوب القوة الناعمة وهو أسلوب يعتمد على تشجيع الاضطرابات وأعمال العنف ضد الحكومات المناوئة لها، وتسليح ودعم بعض المعارضين لهذه الحكومات للقيام بذلك، ودليلنا في ذلك ما يحدث اليوم على أرض سورية منذ عشرة أشهر، فالأصابع والبصمات الأميركية واضحة في كل ما يجري في بلدنا بدءاً من التصريحات الأميركية اليومية للسياسيين والدبلوماسيين، مرورا باحتضان بعض أطراف المعارضة السورية الخارجية التي تؤمن بالعنف والإرهاب سبيلا للتغيير والوصول إلى السلطة، وصولا إلى تدخلات السفير فورد وزياراته المنافية للأعراف الدبلوماسية، وليس انتهاء بالضغوط والعقوبات الأميركية ضد شعبنا.‏

إذا العراق كما سورية مستهدفان، وكذلك باقي الدول العربية التي تدعم المقاومة وتؤمن بعروبة فلسطين، ولذلك فإن المعركة مع أميركا ومع الغرب ستتواصل وإن بأشكال مختلفة، والرهان الأميركي والغربي سيستمر على تفتيت المنطقة عبر إشعال نيران الفتنة والتناحر بين أبناء الأمة الواحدة، ومن يدقق في تفجيرات بغداد والأحياء والمناطق التي استهدفتها سيجد فيها استدعاء للفتنة والحرب الأهلية، وهي أعمال استخباراتية بامتياز، والجميع يعلم أن قوات الاحتلال غادرت العراق لكن رجال الاستخبارات وال سي آي إيه لم يغادروا ولم يتركوا الساحة بانتظار استكمال المهمة، ولذلك ينبغي على العراقيين الذين توحدوا خلف المقاومة لطرد المحتل أن يذهبوا للمصالحة ويتحدوا خلف حكومتهم ومؤسساتهم العسكرية والأمنية لطرد ال سي أي إيه وعملائهم، وإلا فإن ما ينتظر العراق والمنطقة جراء هذه الأعمال الإرهابية خطير بل وخطير جداً..؟!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية