أن للولايات المتحدة مصالح في هذه المنطقة, وستدافع عنها ومصلحة جميع الدول الأخرى تكمن في الاستقرار الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه وكذلك ضمان حرية ضخ النفط والغاز).
بهذه الكلمات علق نائب وزيرة الخارجية الأميركية نيكولاس برنس حول قرار الرئيس الأميركي بوش بإرسال حاملتي طائرات جديدة إلى الخليج عوضاً عن حاملة واحدة كما كان مقرراً سابقاً.
وفي هذا الإطار فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي دومست بلازي في مقابلة له مع القناة التلفزيوينة (إيل -سي -ي) قائلاً:
(إن المجتمع الدولي يطالب إيران بالتوقف عن نشاطها الخطر في المجال النووي, وإنه يدعم (منطق الحصار) لا (منطق الحرب).
بيد أن الأوضاع حول برنامج إيران النووي, في هذه الأيام يتطور وفق السيناريو الثاني أي خيار (منطق الحرب) والذي يتناقض مع إرادة المجتمع الدولي فيما إذا كان لهذه الإرادة مكان أو الأخذ بعين الاعتبار في السياسة الخارجية الأميركية.
ففي منطقة الخليج العربي بدىء منذ مدة قريبة تنظيم وإنشاء مجموعة جديدة للضربات الجوية ستنضم إلى القوى البحرية والجوية التابعة للولايات المتحدة في تلك المنطقة, وتضم هذه المجموعة الجديدة حاملة الرؤوس النووية (جون ستينيس) مع طاقم مؤلف من أكثر من ثلاثة آلاف شخص ومجموعة من الطائرات المقاتلة يبلغ تعدادها نحو 80 طائرة حربية, وثماني بواخر عسكرية مرافقة وأربع منصات لإطلاق رؤوس نووية.
وبهذا فقد أصبحت منطقة الخليج قاعدة عسكرية حربية كبيرة, تضم قطعاً حربية جاهزة وقادرة على توجيه الضربات الجوية بقيادة حاملة الطائرات (ايزنهاور) وبانضمام حاملة الرؤوس النووية إلى هذه القوى المتمركزة في الخليج, تكون قدرات القوات العسكرية الأميركية في المنطقة أصبحت ضعفي ما كانت عليه, إضافة إلى ضم مجموعات جديدة وحديثة من الصواريخ المضادة للصواريخ من منظومة (صواريخ باتريوت).
وبهذا الحشد العسكري الضخم في منطقة الخليج تكون واشنطن قد ردت على الاسئلة التي كانت تطرح دائماً.
ماذا لو تمكنت إيران من وضع واشنطن في الزاوية الضيقة وهددت قواتها العسكرية في الخليج العربي? وبات السؤال الطبيعي الآن ماذا لو دفعت الولايات المتحدة إيران إلى الزاوية الضيقة?
وثمة شكوك حتى إذا تابعت إيران تنفيذ برنامجها النووي, بأن تلجأ الولايات المتحدة إلى السيناريو الذي طبقته في العراق, في البداية فرض حصار على عدوها اللدود إيران وبعد ذلك البدء بالعمليات العسكرية ضدها, وإذا ما حدث ذلك فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها أمام سيناريو كارثي بالنسبة لها:
فإيران ستنسف جميع خطوط ضخ النفط في الخليج وستحاصر مضيق هرمز وتنسف البواخر النفطية العملاقة هناك بحيث تغرقه بالنفط.
فالولايات المتحدة التي غامرت سابقاً في الحرب على العراق ومن ثم قامت باحتلاله تدرك اليوم بأنه لا مفر من الانسحاب منه, وإذا ما غامرت من جديد في شن عمليات عسكرية ضد إيران, فيعتبر من وجهه نظر العديد من الخبراء والسياسيين بمن فيهم الأميركيون عملية انتحارية, لذلك من المستبعد أن تبدأ بها واشنطن على الأقل من وجهه نظر هؤلاء.
والسؤال الآن ماذا ستختار الولايات المتحدة (منطق الحرب) أم (منطق الحصار)? والسؤال الآخر هل تتمكن الولايات المتحدة من تلافي الحرب ضد إيران?إن حيوية وأهمية هذا السؤال واضحة, فإيران حتى الآن لم تفكر بالتخلي عن برنامجها النووي, وأعلنت غير مرة أنها حتى 12 آذار القادم وهو رأس السنة الفارسية, ستتمكن من تصنيع اليورانيوم المخصب لثلاثة آلاف طرد مركزي, وهذا ما يتيح لها الانتقال إلى مستوى تصنيع الوقود المخصب, هذا طريق مباشر لإنتاج القنبلة النووية, بطبيعة الحال, فيما إذا كان لديها مثل هذا الاتجاه.
ومن المفهوم, أن واشنطن في حال انتقال إيران إلى مستوى تصنيع الوقود النووي المخصب, ستجد نفسها أي واشنطن أمام احتمالين إما الاضطرار إلى الموافقة على امتلاك طهران القنبلة النووية أو الذهاب إلى العملية العسكرية.وفي هذه الحالة كما يعتقد الخبير الروسي ألكسي آرباتوف, فإن واشنطن ستكون أمام خيارين, (الشر الأصغر) و(الشر الأكبر), بالنسبة لواشنطن (الشر الأكبر) حتى الآن هو امتلاك إيران قنبلتها النووية.
وإذا لم تذهب واشنطن إلى المواجهة المباشرة مع طهران, فإن الخيار سيكون لصالح (الشر الأصغر) والولايات المتحدة تستعد اليوم للخيار الذي تجده مناسباً لها.
تتحدث وسائل الاعلام العالمية في تعليقاتها حول هذا الموضوع بالتأكيد على أن واشنطن وضعت خطة ضرب إيران, ولكنها غير قادرة على تنفيذها قبل نهاية نيسان عام .2007
والحقيقة إن قائد الناتو روبرت غيتس يؤكد شيئاً آخر, فهو لا يتوقع الحرب, بل يقف إلى جانب منطق الحوار, ولكن وحسب اعتقاده فإن إيران حتى الآن, يقول غيتس غير قادرة على فهم أنها تعتبر (عدواً خطيراً للولايات المتحدة) بغض النظر عن وضع أميركا غير المناسب في العراق.
إضافة إلى أن واشنطن لن تحصل على الكثير من المفاوضات المباشرة مع طهران, ولكن حسب كلمات غيتس, فإنها لن تذهب إلى خيار الحرب, أما ما يتعلق بإرسال المزيد من حاملات الطائرات الأميركية ومجموعات توجيه الضربات العسكرية إلى منطقة الخليج العربي.
يجب أن يفهم في إطار ممارسة الضغط السياسي على إيران, ولكن هل سيكون لمثل هذا الضغط الفعالية, كما تريد وتهدف واشنطن?!