وهل يستمد قداسته من علاقة أو رابطة-حقيقية أم مفترضة - بكتاب (التوراة)? ثم ما موضوعه الأساس..وما مصدره .. من قام بجمع شتاته وتدوينه?
كتاب( مدخل إلى التلمود) لأدين شتانيسالتز, يضعنا في إطار عام لمفهوم التلمود, فيجيب عن بعض من تلك التساؤلات التي قد تدور في ذهن القارئ..إذ لم يزل إلى أيامنا هذه, عندما يتكلم (الحاخامات) عن دراسة التوراة, فإنهم يقصدون التلمود أكثر من التوراة المدونة, مع سابق معرفتهم أن التلمود ,الكتاب الأهم في الثقافة اليهودية , هو عبارة عن مجمل القانون الشفهي. وكما هو معلوم فإن اليهودية تقوم على ركنين أساسيين: التوراة المكتوبة, أسفار موسى الخمسة (كتاب موسى المقدس), والقانون الشفهي-حرفياً (توراة الفم) أي (التلمود) الذي ينقسم بدوره إلى جزأين الأول: الميشناه,كتاب الشريعة اليهودية (الهالاخاه) .
والثاني: هو شرح الميشناه,أو الغيمارا (الذي هو خلاصة المباحثات حول الميشناه وتفسيرها, وهو محرر بلهجة خليط من العبرية والآرامية).
على الرغم من أن القانون الشفهي كان يرافق عملياً القانون المدون(التوراة) وأنه فرض نفسه بوصفه متمماً وشرحاً لذاك القانون المدون, إلا أنه لا يعرف إلا القليل عن بداياته وتطوراته الأولية, العائدة إلى زمن الهيكل الأول.
فالتلمود مجموعة من المواضيع والتقاليد والقواعد والوصايا التي تناقلتها الألسن, مجسداً أفكار وأقوال الحكماء العديدين الذين عاشوا في أزمنة مختلفة ومعالجاً مواضيع الشريعة( الهالاخاه) والآيات التوراتية إنما بقلم أولئك الحكماء (باعتبارها ظواهر طبيعية وجزءاً من الواقع الموضوعي).
ولكن الموضوع الأصل في التلمود هو دراسة التوراة ( ففي مفهوم الديانة اليهودية, إن كانت أحكام القضاء الديني تحيط بميادين الوجود كافة فإن التوراة مازالت أوسع وأعمق,فالتقاليد والأعراف والتعليمات المهنية والقضايا الأخلاقية كل ذلك تابع للتوارة, ولأنه كذلك فهو معروض في التلمود).
الحكماء الذين اشتغلوا بالتلمود ,جمعاً وتصنيفاً أم تفسيراً, أخذت تطلق عليهم ألقاباً متعددة,وفق مراحل العمل, ففي مرحلة الجمع تبرز فترة (التنايم)ولقب (التانا) يدل على من يردد وينقل ما يسمعه من أساتذته, تميز العلم قبل هذه المرحلة كونه جماعياً, بينما في التنايم برزت شخصيات معينة ولذلك ابتكر لقب الرابي وهو يعني (المعلم) من أشهرهم الرابي يهوذا بن سيمون بن غاماليل(135-217م) إذ تجلت (جدارة الرابي يهوذا الأساسية في أنه لخص القانون الشفهي ودمجه في نطاق ٍ معين بدقة كبيرة وقيده أكثر مما كان في الماضي) ولهذا فقد كان صاحب الفضل في إنجاز الميشناه وإعطاء المصنف شكله النهائي.
أما الفترة الممتدة بين عام( 300-500م) فقد سمي فيها الحكماء ب (أمورايم) أي مفسري الميشناه مع ملاحظة أن الحكماء (أمورايم) تواجدوا في كل من بابل وفلسطين تبعا لوجود نسختين من التلمود: تلمود بابل وتلمود أورشليم القدس اللذان كتبا في أوقات متباعدة.
( مدخل إلى التلمود) كتاب يعنى بشكل مفصل ببيان كل مرحلة من مراحل التلمود على حدة, من جمع وكتابة وشرح وطباعة في القسم الأول منه أما في قسمه الثاني فيهتم الكاتب في تبيان مواضيع البحث, مثل الأبحاث : الأعياد- الزواج والطلاق-القانون المدني..وغيرها.
الكتاب: مدخل إلى التلمود
المؤلف: أدين شتانيسالتنز
ترجمة: ذفينيتا الشيخ
الناشر :دار الفرقد 2006