وجاء رئيساً للولايات المتحدة على أساسه كان أقرب إلى الوهم والأمثلة على ذلك كثيرة.
فيما يتعلق بالأفارقة والعرب والمسلمين بشكل عام لم يستطع أن يقيم علاقات احترام ووئام بين الولايات المتحدة والأفارقة والمسلمين بحيث تحل محل علاقات الشك والريبة والتصادم العنيف، أمنياً وثقافياً وسياسياً على امتداد العالم الآفروآسيوي، ولنأخذ أفغانستان على سبيل المثال أيضاً، فقد ظل يفكر لمدة حوالي ثلاثة أشهر ليتخذ قراراً حول تبني استراتيجية جديدة تجاه أفغانستان... وبعد هذه الفترة الطويلة اعتمد استراتيجية قريبة جداً من استراتيجية سلفه بوش، إن لم تكن نفسها حيث خضع لإملاءات القادة العسكريين عن طريق إرسال نحو 25 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان مع الإعلان عن تواريخ محددة للانسحاب منها بعد ثمانية عشر شهراً من التصعيد العسكري، رغم أن الخبراء الاستراتيجيين يؤكدون مسبقاً أن هذه الاستراتيجية الجديدة لن تسفر إلا عن زيادة أعداد القتلى والجرحى بين القوات الأميركية وبين المدنيين الأفغان.. من جهة أخرى يضيف هؤلاء الخبراء بأنه لاأحد يستطيع أن يقدم إجابة قاطعة حو ل أن أوباما يفي بوعده حول الانسحاب بعد ثمانية عشر شهراً، لاهو ولاحتى قائد قواته في أفغانستان.
لقد بات من الواضح أن الرئيس أوباما لم يستطع أن يعارض القادة العسكريين الأميركيين الذين وقفوا ضد استراتيجية الانسحاب بذريعة أنهم لايقبلون بالهزيمة على يد العصابات الإرهابية التي تهدد أمن الولايات المتحدة وحلفائها على حد زعمهم وبهذا يكون قد استبد به الخوف من أن يقرر استراتيجية مخالفة، وبالتالي يكون في مواجهة مع الجنرالات أو في مواجهة تمرد عسكري قد يطيح به أو على الأقل يقلل من حظوظه في الفوز بولاية رئاسية ثانية.
والآن إذا ما جئنا إلى تعامله مع إيران نرى أنه لم يستطع أن يترك لها حرية تطوير قدراتها النووية للأغراض السلمية، وحل مشكلات إيران مع الولايات المتحدة والغرب بطريقة تراعي استقلال إيران وسيادتها وأمنها القومي ودورها الاقليمي، بل يخضع لضغوط اسرائيل واللوبي الصهيوني الأميركي في هذا المجال.
كذلك لم يكن أوباما قادراً على أن يترك لفنزويلا وعدد آخر من بلدان أميركا اللاتينية حرية اختيار نظامها الاقتصادي الاجتماعي والتحرر من قبضة الشركات الأميركية العملاقة التي اعتادت على نهب واستنزاف ثروات دول أميركا الوسطى والجنوبية بشتى الطرق الالتفافية القديمة منها والجديدة.
أما الحصار الاقتصادي الأميركي المفروض على الجارة الأميركية الصغرى كوبا منذ نحو نصف قرن، فلم يخطر في باله أن يرفعه أو يخفف من وطأته وأن يخلص بلده وكوبا من حالة عداء لامبرر لها فرضت على كوبا منذ أن خرجت عن طاعة الرأسمالية الأميركية واختارت طريق الاشتراكية، الأمر الذي جعل كوبا تعيش حالة من الفقر وشبه الاختناق السياسي والثقافي.
والسؤال الهام هنا هو التالي: إذاكان الرئيس أوباما غير قادر على كل ذلك فضلاً عن عدم تنفيذ وعود ضمنية انتخب على أساسها بأن يكون رئيساً أميركياً ذا توجه تقدمي إلى حد ما، فكيف يمكن أن نتوقع منه أن يقيم علاقات متوازنة بين اسرائيل والعرب تشمل في مكوناتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وانسحاب اسرائيل إلى حدود ماقبل 5 حزيران 1967 وإقامة سلام حقيقي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية والعدالة بلا تمييز بين العرب واسرائيل؟
كيف يمكن التصديق بعد هذه الوعود الوهمية أن الرئيس أوباما قادر على سحب دعم الولايات المتحدة الكلي والمطلق لإسرائيل أو حتى التخفيف منه ومحاولة الضغط عليها؟
في هذا المجال نستعيد قولاً لأوباما عن اسرائيل جاء فيه:
إسرائيل ليست مجرد قريب من أقرباء الولايات المتحدة أسست وجودها على المستعمرات - المستوطنات مثلها تماماً، وليست مجرد امتداد ثقافي للغرب - أميركا وأوروبا في قلب المنطقة العربية يتوجب المحافظة عليها كقرابة وكثقافة إنما اسرائيل دخلت منذ عشرات السنين ضمن نسق الأمن القومي الأميركي، وأصبحت أحد ضماناته في منطقة الطاقة الحيوية الأساسية - البترول الذي تعتمد عليه الآلة الصناعية الأميركية وكذلك الآلة الحربية الأميركية.