وهذه هي العقلية الإسرائيلية المحكومة بالإيديولوجية الصهيونية المتماثلة في نصها ومنهجها وسلوكها السياسي والعسكري بالفكر الفاشي والسياسة النازية التي تحتقر الشعوب الأخرى وتعتبرها فائضاً لابد من التخلص منه بأقسى الأساليب الوحشية، حتى لو أدى ذلك إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وهذا ما فعلته في غزة إبان عدوانها الهمجي في العام الماضي.
لذلك يكون من السذاجة الاعتقاد بأن إسرائيل يمكن أن تكون غير ذلك، فالكيان الذي قام على اغتصاب حق الفلسطينيين في وطنهم وشردهم وطردهم من بيوتهم وقراهم ومزارعهم واستولى على الأرض بالقوة العسكرية وبمساعدة الاستعمار الغربي ما زال هذا الكيان هو هو لم يتغير وليس ثمة آفاق اطلاقاً على إمكانية أن يتغير، فطبيعته العضوية طبيعة عدوانية عنصرية فاشية لذلك ليس مستبعداً أن يرتكب أي حماقة كما كان يرتكبها دائماً.
وعندما نقول اليوم حماقة فهذا يعني أنه لم يتعلم الدرس جيداً من هزيمته في حرب تشرين التحريرية عام 1973 ولا هزيمته عام 2000و 2006 على يد المقاومة اللبنانية الباسلة، وفي سياق الحماقة ذاتها جاءت تصريحات وزير خارجية هذا الكيان أفيغدور ليبرمان المعروف بعنصريته وفاشيته المفرطة وحقده الأعمى على كل عربي بتهديد لبنان وحزب الله وإيران وأخيراً سورية والمفارقة إن تهديداته تزامنت مع السعي الدولي لإحلال السلام في الشرق الأوسط وإيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي، ومن الواضح أن ليبرمان أو وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك الذي توعد أيضاً بشن حرب على سورية زارعاً مناخ الحرب في المنطقة، كما قال السيد وزير الخارجية السورية وليد المعلم، والعرب يعرفون جيداً ليبرمان وغيره من حكام العدو الصهيوني، فهو الذي توعّد بمحو غزة من الوجود بقنبلة نووية لكي لاتبقى هناك مشكلة غزة، وهو الذي توعّد الشعب المصري بإغراق مصر بمياه النيل عام 1999 بضرب السد العالي بالصواريخ الإسرائيلية، وهو الذي دعا لقتل ياسر عرفات وهو الأكثر تحمساً ليهودية إسرائيل بطرد العرب الفلسطينيين منها.
لا شك أن ليبرمان وغيره من النازيين الصهاينة ما كانوا ليجرؤوا على تهديداتهم ولا على قرقعة السلاح ودق طبول الحرب لولا الموقف الأمريكي الباهت من عملية السلام في المنطقة، ولولا تراجع الأمريكان عن مواقفهم بشأن إيقاف الاستيطان كشرط أولي لبدء المفاوضات مع الفلسطينيين حتى وصل الأمر إلى الطلب من إسرائيل بإيقاف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر لكي تبدأ المفاوضات، ورغم ذلك فإن إسرائيل والسيدة هيلاري كلينتون تطالبان بمفاوضات دون شروط مسبقة إن كان على المسار الفلسطيني أو السوري، وعندما رفضت سورية مفاوضات دون تحديد الهدف النهائي لها باستعادة الجولان كاملاً لسورية والأراضي العربية المحتلة، جن جنون حكام إسرائيل الصهاينة ووصلت الوقاحة بهم وخاصة ليبرمان إلى حد مطالبة سورية بنسيان الجولان وكأن الجولان أرض إسرائيلية ولم يحتل بقوة العدوان الإسرائيلي عام 1967، نعم يريدون مفاوضات من أجل المفاوضات ويريدون التطبيع المجاني دون استعادة الأرض المحتلة. فهل يوجد عاقل في الساحة الدولية يخطر على ذهنه بأن السلام يمكن أن يسود مع استمرار احتلال الأرض العربية.
إن أوهام حكام تل أبيب وشركائهم وحلفائهم في أمريكا لن تساعد على إحلال السلام الذي يتشدقون به كثيراً ولكن دون إنجاز خطوة واحدة جدية بهذا الاتجاه، ومن المؤسف أن إدارة أوباما بدت عاجزة في تحقيق أي وعد من وعودها التي تحدثت عنها قبل عام.
وبالتالي إن المراهنة على الموقف الأمريكي ليست سوى أضغاث أحلام ،والمسألة ليست في خطأ في المعرفة الأمريكية لواقع المنطقة بل المسألة مسألة تبعية مفرطة للسياسة الإسرائيلية، وإلا كيف يمكن تفسير كلام السيد أوباما في خطابه السنوي «أحوال الاتحاد» الذي وصف فيه إسرائيل بأنها الصديق المخلص لأمريكا وأنها «دولة ديمقراطية» وغير ذلك من الكلمات التي تمدح إسرائيل؟! فهل يمكن تفسير ذلك إلا بوجود قاعدة للترابط العضوي بين الاحتكارات الرأسمالية الأمريكية والكيان الصهيوني!.