وتعاقب عليها القوانين الوضعية وتكون هذه الظاهرة طبيعية في بادئ الأمر حتى سن محددة انطلاقاً من مبدأ حب التملك عند الأطفال قبل أن تتحول الى سلوك وعادة ظاهرة دائمة إذا لم ينتبه الأهل إلى معالجتها في الوقت المناسب ... كل ذلك في ظل غياب واضح لمعرفة أسبابها وكيفية العلاج والوقاية منها قبل أن تتحول الى كارثة تصيب الطفل والأهل والمجتمع ...بهذه الكلمات قدم السيد فريد عبد الرحيم مدير المركز الثقافي «اليرموك» المحاضرة التي ألقاها الباحث التربوي فايز مجدلاوي والتي تركزت حول العلاج التربوي لمشكلة السرقة عند الأطفال .
التملك حق طبيعي للطفل
بدأ الباحث التربوي فايز مجدلاوي محاضرته بالقول إن الطفل يشعر بميل شديد إلى الملكية حتى لوكانت ملكيته للأشياء تافهة وهذا حق طبيعي في أن يكون له أشياء خاصة به كأن تكون له لعبة يتصرف بها كيف يشاء ليشبع هذه الغريزة الفطرية ، وهنا يجب على الأسرة أن تحافظ على ملكية الطفل الخاصة ليفهم كيف يحافظ على ملكية غيره فلايسرقها أو يغتصبها .
وأضاف مجدلاوي إن الطفل في السنوات الثلاث من حياته يعمل وفق غرائزه وحاجاته ويسعى إلى إشباعها بعيداً عن أي معايير قيمية أوخلقية فهو يطبق شريعة الغاب التي تبيح له أخذ مايراه ليشبع غرائزه .
وقال مجدلاوي إن الطفل عندما يصل إلى الثالثة من عمره يبدأ يفهم أن أخذ شيء مملوك لغيره أمر خطأ مضيفاً أنه يجب أن نتساءل كيف نواجه هذه الأنانية عند الطفل وكيف نتحرى أسباب ذلك السلوك .
لإثارة انتباه والديه....
وأضاف مجدلاوي إن أولى خطوات مواجهة هذا الواقع ومعالجته تنطلق من فهمنا أن السرقة من حيث المبدأ هي استحواذ على مايملكه الآخرون بطريقة غير سليمة أو دون وجه حق فهي أخلاقياً مدانة ولكن كيف لنا أن نوصل هذا الحكم الأخلاقي لأطفالنا ، وهم لايدركون هذه المعاني منوهاً أن ذلك يتم بالتسلح بقدر كاف من المعرفة لعلم نفس الطفولة وان ندرك كيف يفكرون وننطلق من ذلك لبناء حل بالتأسيس علىموقف الطفل لاموقفنا نحن، وهذايقودنا الى معرفة أسباب السرقة عند الأطفال وتفهم الدوافع وراء هذه السرقات مؤكدين أنها متنوعة تنوع العالم النفسي لكل طفل والحالة الاجتماعية والثقافية لكل أسرة.
وأوضح الباحث فايز مجدلاوي ان غالبية الأطفال صغار السن يسرقون لأنهم يجهلون معنى الملكية واحترامها فنموهم العقلي و النفسي لايمكنهم من التمييز بين ما لهم ومالغيرهم وقانونهم هو ان يأخذوا لاأن يسرقوا مايحتاجون إليه وكفى وهنا لايمكننا ان ننظر الى فعلتهم على أنها سرقة بل استحواذ وفي أقصى الحدود هي أنانية مفرطة مع أن الأهل هنا يجهدون لتوفير مايحتاجه الطفل .
وأشار مجدلاوي إلى أن الطفل يسرق حين يشعر أن أحد إخوته يتمتع بمزايا ليست له وخاصة الأخ الأكبر الذي حصل على معاملة خاصة وبذلك يشعر بالتساوي مع اخوته المميزين فهو يحس ان نصيبه من الحياة اقل منهم ويسوغ لنفسه اخذ حقه بطريقته ويسرق الطفل أيضاً إذا عانى قدراً من القسوة بالبيت فيفقد ثقته بنفسه ويتخلخل بناؤه النفسي ويلجأ إلى الكذب لإرضاء أسرته ، وقد ينجر إلى سلوكات منحرفة كالسرقة وبذلك ينتقم بشكل لاواع من معاملته القاسية وقد يحس الطفل بأنه لايحصل على الاهتمام المافي من والديه أومدرسيه فيحاول إثارة انتباههم ببعض السلوكات السلبية كالسرقة لكي يشعرهم بأهمية وجوده .
الدلال والحنان المفرط يدفعان للسرقة...
ونوه مجدلاوي إلى أن الحنان المفرط والحب والدلال يسهمون في دفع الطفل إلى السرقة وحين يسرق ويغطي الأهل على فعله ويسكتون عنه بل ويدافعون عنه أحياناً كمايسرق الطفل بدافع الخوف على استقلاليته التي يريد تملكها ولايجب التنازل عنها فهو يكره الاعتماد على غيره ويرفض ذلك ولايجد سبيلاً في هذا السن للحفاظ علي استقلاليته سوى توفير مستلزماته بأقصر السبل وهي السرقة وأخيراً قد يسرق الطفل بسبب مرض نفسي أواختلال عقلي يعانيه او انخفاض في مستوى ذكائه مايجعله فريسة سهلة لأولاد أكبر منه قد يوجهونه إلى السرقة.
البعد عن العقاب البدني وسيلة للعلاج
ودعا مجدلاوي الى معالجة هذه الظاهرة ومواجهتها بعقل وعلم ومعرفة وذلك باتباع عدة خطوات أهمها:
1- عدم تأنيب الطفل السارق أومعايرته او اتهامه بالسرقة أمام الآخرين .
2- تشجيع الطفل على المشاركة في أنشطة جماعية مع إخوته أورفاقه وتبادل الألعاب والهدايا والتشارك في الطعام وممارسة الهوايات واحترام الأدوار .
3- تشجيعه على الاهتمام بممتلكاته وتدريبه على احترام ملكية غيره منذ الصغر فيتعلم أن له أغراضه الخاصة ولغيره كذلك .
4-توفير حاجات الطفل ماأمكن لكي لايحس بالحرمان وإ ذا مارغب في أمر ليس لديه نسعى لتوفيره ونعده به في أقرب وقت .
5- خلق جو من الدفء والعطف والحنان بين الآباء والأبناء وتوفير التواصل المستمر حول الامور المتعلقة باحتياجات الطفل وتعليمه .
6- مراقبة مقتنيات الطفل الخاصة وفي حالة وجود أشياء ليست ملكه علينا أن نحدد مصدرها ونوجهه إلى ردها لاصحابها ونعلق على كل ذلك السلوك بأنه غير صحيح وأنه سيكون مزعجاً ومؤلماً للطفل السارق.
7- البعد عن العقاب البدني وسيلة لعلاج السرقة فذلك يزيد من الانحراف والتحدي والتمرد والتمادي في ذلك بل اللجوء إلى المحاور والمناقشات .
8- تعويد الطفل على عدم الغش في حياته أوفي الامتحانات واستنكار ذلك.
9- القدوة الحسنة للطفل في هذاالمجال من خلال الامتناع عن الكذب أمام الطفل اوالتفاخر بالحذاقة والشطارة فالحصول على الأمر لافي الاعتماد على الذات .