لدينا من يقول: ليس هناك رواية جديدة ولا من يحزنون إنما رواية جيدة ورواية سيئة.
هذه الإشكالية ستكون عنوان ملفنا في عدد الملحق الذي سيصدر أول الشهر القادم، ويشارك فيه نخبة من النقاد والروائيين، ومن أجيال ورؤى مختلفة.
أما العدد الماضي من الملحق والذي حوى بين دفتيه ملف «النقد الأدبي في سورية» فقد أثار جملةً من القضايا التي لم تكن لتُثار لولا ظهور هذا الملف إلى النور. كما أنه كشف أموراً إشكالية نادراً ما تطفو على سطح المشهد الثقافي في ظل علاقات مرتبكة وغير مهيئة لحراك يساعد على قول الحقيقة بعيداً عن مبدأ التدبير والتمرير الذي كثيراً ما يطبع العلاقة بين الناقد والمبدع.
يعود تخلف النقد الأدبي في سورية –كما يرى بعض من شاركوا في الملف- إلى شيوع المدارس النقدية بين النقاد في وقت متأخر وعدم امتلاكهم القدرة على استيعابها لأنها بالغة التعقيد وصعبة الفهم، لاسيما بعد تحررهم من الإيديولوجيا التي كانت سائدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وأنه ليس ثمة استجابة حقيقية في الحقل النقدي للإنجازات الروائية، وأن الاقتصار على استعارة المصطلح النقدي الغربي لم يقدم شيئاً للنص العربي لأنه اكتفى بالتوصيف والتسجيل ولم يبدِ اهتماماً كافياً بالاكتشاف...
في المقلب الآخر يغمز البعض إلى نقد النميمة والتزكية على اعتباره النوع السائد في الصحافة اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية مع اعتقاده أن جيلاً جديداً من النقاد السوريين بدأ يأخذ مكانه في مشهد النقد العربي وأنه جيل مسلح بنظريات معرفية وجمالية.
خلاصة القول النقد الأدبي مع أهميته في المشهد الثقافي ودوره الفاعل في تحريك الراكد من نصوصه لم يتحول في العقد الأخير إلى ما يمكن التعويل عليه في تقديم الأعمال الأدبية والدور الذي يمكن أن يلعبه بالإشارة إلى ما هو مهم وأقل أهمية أو بين ما هو غث وثمين.
ومع وجود جيل جديد من النقاد يمكن التعويل عليهم فإن من بين هؤلاء من لم يخرج من عباءة النقد الرسمي أو ما يمكن وصفه بالنقد الأكاديمي الذي يتحول أحياناً إلى نقد مدرسي لا يمكن الأخذ به والذي اتسم في معظم نصوصه بالسطحية في فهم المصطلح و اعتباره حكماً نهائياً لا رجعة عنه، الأمر الذي جعل من إمكانية الكشف والتأويل والبحث، قضايا خارجة عن مقدرتهم وآخر اهتماماتهم.
الاعتقاد السائد حالياً أن النص الأدبي والروائي بوجه خاص سابق للنقد ولعله أيضاً يقطعه بأشواط، وهذا ما يجعلنا دوماً نسعى إلى ناقد حر طليق قادر على تجاوز المألوف والسائد.
ghazialali@yahoo-com