تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التذوق والنقد

ملحق ثقافي
2018/7/31
يختلف تلقي العمل الفني من شخص إلى آخر، وتلعب الخبرة الفنية دوراً في تقييم العمل الفني. ويتصدى النقاد لقراءة الأعمال الفنية،

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وذلك لأن التثقيف الفني لديهم أعلى مستوى من الآخرين. ولكن هل ينبغي على المتلقي – كي يكون متذوقاً – أن يكون ناقداً؟‏‏‏

التذوق الفني، حسب أديسون، هو أمر فطري، أي أن الانطباع الأول لدى المتلقي هو الذي يحدد قيمة العمل لديه. ولكن مع تطور الفن ونشوء مدارس فنية، من الوحشية إلى السوريالية إلى التجريد، لم يعد المتلقي العادي معنياً بما ينتج من فن، وأصبح الفن خارج تذوقه للعمل الفني. ومن هنا فإن الناقد المثقف قد تسلم عملية النقد الفني، ومحاولة لعب دور المرشد والمفسر للعمل الفني.‏‏‏

هل إن العمل الفني الذي لا يقترب من المتلقي العادي، هو عمل جدير بالحوار؟‏‏‏

من الطبيعي أن يتطور ذوق المتلقي، وأن ينتقل مشاهد اللوحة إلى أفق آخر، لأن الحوار حول اللوحة هو الذي يفتح آفاق المتذوق، وكما يقول الدكتور شاكر عبد الحميد «التذوق هو إدراك للمحاسبة فالأضداد والصراعات من جزئيات العمل الفني.‏‏‏

هناك مراحل للإدراك والتذوق، ومن خلال تطوير الحس الفني لدى المتلقي، فإن الصور والشحنات الوجدانية تنمو وتتطور في عقل المتلقي، ويرتقي بقراءته للوحة، ويمنحها شيئاً من الحياة من جديد.‏‏‏

إن مصطلح التذوق الفني ظهر مع الحركة الرومانسية، والتي هي حركة فنية نشأت في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر، وراجت في أوروبا، ووصلت إلى ذروتها في منتصف القرن التاسع عشر. وظهرت كرد فعل على لثورة الصناعية والطبقة الأرستقراطية ومعاييرها السياسية والاجتماعية. وكان لهذه الحركة الفنية تأثير على باقي العلوم والدراسات وحتى على السياسة.‏‏‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تعطي الرومانسية الأولوية للمشاعر والعواطف والأحاسيس والخيال الجامح الذي هو المصدر الحقيقي والأصيل للتجارب الجمالية، فرفعت هذه الأفكار من شأن الفنون الشعبية وأكدت على أصالتها. وفي مقابل ذلك كان لا بد للمجتمع أن ينظر إلى تاريخ الفن نظرة مختلفة عما سبق، وأن يحترم الفنون غير النخبوبة، التي حاول المجتمع الأرستقراطي تكريسها وإلغاء/ أو النظر بدونية إلى غيرها.‏‏‏

انفتح الحوار الجاد حول التذوق الفني، وتم تقسيم مراحل التذوق إلى: الحساسية الجمالية، والحكم الجمالي، والاختيار الجمالي. ويمكن ببساطة إدراك أن الحساسية الجمالية، هي ميزة يتمتع بها كل مشاهد للوحة فنية أو قارئ لقصيدة، بغض النظر عن المستوى الخبراتي والثقافي، والمرحلة الثانية، الحكم الجمالي، يتخصص بها الناقد الفني، وهي تحتاج إلى خبرة وموهبة نقدية ومعرفة واسعة بالفنون. أما المرحلة الثالثة، فتجمع المتلقي العادي والنخبوي، لأن الاختيار هو موضوع شخصي.‏‏‏

هناك لوحات تجذب المشاهد، فيجد نفسه يتوجه إليها آملاً في كشف السر الذي تخبئه. إن عقله وقلبه يبتسمان لهذا الجمال، ويقرران جودتها. وهناك لوحات لا يقترب منها المتلقي وكأنها تنفره، أو تبعده عنها، وهذه بالتأكيد لم تلامس فيه أي شيء.‏‏‏

ويبقى التذوق الفني حالة شخصية، ولا يمكن الموافقة على أن التذوق الفني هو النقد، لأن النقد يرتبط بمعايير الفن التي اتفق عليها النقاد، وأقاموا على أساسها عمارة النقد. ومع أن النقد يحاول أن يتتبع البناء التشكيلي للعمل الفني ويكشف عن دلالاته التعبيرية، إلا أنه قد يحرف الفطرة إلى مكان آخر، ويجر المتلقي إلى باحة القواعد الجافة.‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية