تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مالك الأمين خيوط في ثوب الشعر

ملحق ثقافي
2018/7/31
بعد ست سنوات من وفاته، صدر كتاب تكريماً له عبر نشر أشعاره، وجمعها في كتاب عنوانه «مالك الأمين.. أوراق مناضل.. شعره ونثره».

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

ولد مالك الأمين في الصوانة قضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني عام 1935. انتسب إلى صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي وهو في السادسة عشرة من عمره، وتدرج في المسؤوليات حتى وصل إلى عضوية القيادة القومية عام 1966. أما علمياً فقد نال عام 1965 إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.‏‏‏

قدم الكتاب الدكتور حسن الإسماعيل، وقد أعطت مقدمته لمحة عن حياة هذا الشاعر والمناضل، وقد قال: «الصعوبة في الفصل بين حياة الشاعر وشعره، هي أشد وأقوى بالنسبة إلى حياة أبي أنس وشعره، لانصرافه بكليته إلى النضال في صفوف البعث بعيد تأسيسه عام 1947، في إثر المد الاستعماري وبدء مرحلة التحرر والاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، والفوران الوطني والقومي، حيث وصفه الرفيق محمد حيدر بأنه (حامل طموح الأمة) أو أحد حامليه المتحمسين والمتبتلين للنضال في سبيله».‏‏‏

يقول الشاعر إن شعره خيوط متواضعة في ثوب الشعر منسوجة من أمل وقلق وألم، علها تطرز جانباً من حواشيه.‏‏‏

ويتابع الدكتور حسن الإسماعيل قائلاً: «إن مالك الأمين قيمة كبيرة لم تعط حقها، ويظهر ذلك جلياً في شعره كله الذي ينضح بحب قومه ووطنه والإنسانية جمعاء. وقد كرس حياته ونضاله وتحمل المشاق والمخاطر في سبيل حبه ومعتقده، ولم يخن قسمه عند انتسابه لحزب البعث العربي الاشتراكي طيلة حياته».‏‏‏

يقول في قصيدة «البعث لن يتصدع»:‏‏‏

كذب الدعي بما ادعى‏‏‏

البعث لن يتصدعا‏‏‏

من قال إيمان الرفاق تزعزعا‏‏‏

البعث باق ما يزال ممنعا‏‏‏

كم مرة قلب العروبة ودعا‏‏‏

وسطا على خيراتها وغد فعاث وروّعا‏‏‏

حتى أتى البعث العظيم فأبدعا‏‏‏

الوحدة الكبرى لنا.. ولنا النضال‏‏‏

ولنا الجروحات الثخينة بالنصال‏‏‏

نحن العطاء تمددي..‏‏‏

وتعمقي سوح القتال‏‏‏

من ذا تردد في النزال.‏‏‏

وطن أحد‏‏‏

شعب أحد‏‏‏

علم أحد‏‏‏

جيش أحد‏‏‏

خسئ الدعي بما ادعى‏‏‏

البعث لن يتصدعا‏‏‏

من قال إيمان الرفاق تزعزعا‏‏‏

البعث باق ما يزال ممنعا.‏‏‏

إن هذا الانتماء القومي، دفع مالك الأمين إلى مناصر حركات التحرر في العالم العربي والعالم، وها هو يرثي المناضل وقائد حركة الاستقلال الكونغولية ضد الاستعمار البلجيكي باتريس لومومبا:‏‏‏

لوممبا يا ذكرى‏‏‏

يا أعظم ذكرى تحدونا‏‏‏

لوممبا يا فكرة‏‏‏

كم تدعونا‏‏‏

يا نفس الإنسان الحرة‏‏‏

يا من شق الدربا‏‏‏

من بعثي عربي يؤمن بإنسانيته‏‏‏

ويريد لأمته الوحدة‏‏‏

ويريد لها.. للدنيا الحرية‏‏‏

ويتمنى لو يهدي ورده‏‏‏

لكن الورد ببستاني‏‏‏

لم يسلم من ريح الجاني‏‏‏

حرقت حوضه‏‏‏

سلبت أرضه‏‏‏

خنقته.. وراحت ترميني بالوحشية‏‏‏

فتقبل مني هذي الأنشودة‏‏‏

من بعثي عربي يؤمن بالإنسانية.‏‏‏

وباتريس لومومبا هو مناضل كونغولي ولد في الكونغو الشرقية، وكافح ضد الاستعمار البلجيكي، واستطاع عبر نضاله أن يحق الاستقلال للكونغو عام 1960 ويصبح أول رئيس وزراء لها. وبعد عام من الاستقلال حاولت وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) تسميمه، لكن تم الاتفاق في نهاية المطاف على السياسيين المحليين (وقتلة بلجيكيين) لأداء هذه المهمة. ألقي القبض عليه، ونقل جوًا إلى مقاطعة كاتانغا الانفصالية، حيث تم تعذيبه وإطلاق النار عليه وقتله. وفي 2002، اعترفت الحكومة البلجيكية بأن «بعض أعضاء الحكومة، وبعض الفاعلين البلجيكيين في ذلك الوقت، يتحملون جزءًا من مسؤولية الأحداث لا يمكن دحضه». كما استمعت لجنة حكومية لشهادة مفادها أن «الاغتيال ما كان ليتم لولا تواطؤ ضباط بلجيكيين تدعمهم وكالة الاستخبارات الأمريكية، وخلصت إلى أن بلجيكا تتحمل مسؤولية أخلاقية عن القتل».‏‏‏

كانت للشاعر مالك الأمين رؤيته الأدبية والفنية، وهو يرى أن «الأدب ككل الفنون الجميلة لا يجب بل لا يمكن أن نتحكم بنتائجه كما نتحكم بنتاج الآلة. علينا أن نوجه الأديب حتى لا يموع وينفلش باسم الفن للفن والأبراج العاجية.. هناك أدب لا يحل مشاكل عامة.. ولكن لا يمكننا إلا أن نشهد بأنه أدب رفيع. إنك حين تسمع قصيدة ابن الرومي في رثاء ولده الأوسط لا يمكنك إلا أن تنحني للعاطفة والإنسانية الفذة فيها. رغم أن القصيدة لا تعالج كفاح شعب أو ذكرى كارثة اقتصادية، وهي ليست تمجيداً لعقيدة سياسية معينة».‏‏‏

هذه مقاطع من بعض قصائد الشاعر مالك الأمين:‏‏‏

جميلة والرفاق‏‏‏

كلما ضموا إلى الصدر البنادق‏‏‏

في الخنادق‏‏‏

كلما يلفحهم خفق البيارق‏‏‏

في المغارب‏‏‏

في المشارق‏‏‏

كلما لاحت على الصدر جديله‏‏‏

يحضن النهد ذليله‏‏‏

كالفضيلة‏‏‏

لامست أقدامها كف الرذيله‏‏‏

كلما هبت نسيمات على روض خميله‏‏‏

سوف لا ننسى جميله‏‏‏

كلما هبت رياح الشرق تستعدي الغيوم‏‏‏

كلما هلت مع البدر النجوم‏‏‏

وإذا ساد على الأرض الوجوم‏‏‏

وإذا ما اقتلعت ريح السموم‏‏‏

زهرة مسفوكة العطر غليله‏‏‏

سوف لا ننسى جميله.‏‏‏

**‏‏‏

هكذا أسمو حبيبي‏‏‏

هكذا أسمو حبيبي‏‏‏

كان منذ اللحظة الأولى نصيبي‏‏‏

منذ كانت‏‏‏

طفلة أول ما تبغي الكلام‏‏‏

منذ كانت تملأ البيت سلام‏‏‏

خفق أيديها كما رف الحمام‏‏‏

شعرها من لون عينيها كما اسود الظلام‏‏‏

طفلة كانت تغني‏‏‏

ليس تدري ما التمني!‏‏‏

صفحة بيضاء لم تخطر بذهني‏‏‏

ومضى قلبي وهام.‏‏‏

...‏‏‏

الكتاب: مالك الأمين، أوراق مناضل، شعره ونثره‏‏‏

الناشر: دار النهضة العربية، بيروت‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية