تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عبد القادر عياش قلادة من الزمرد

ملحق ثقافي
2018/7/31
سلام الفاضل

يعدُّ المحامي عبد القادر عياش موسوعة تاريخية اقتصادية شعبية للفرات، وهو كما قال عنه الأستاذ (نظير زيتون): «قلادة من الزمرد في جيد سورية، وتاج من اللازورد على رأسها،

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

جاب العصور النائية باحثاً عن كنوز طوتها ظلمة البصائر، ليحمل رسالة الفرات، وينشر ما حفل به من مآثورات، وما حملت أرضه في بطنها من ثروات، وما اشتهر به شعبه من شمائل وتقاليد وعادات».‏‏

و(عبد القادر عياش)، تأليف: سراج أحمد جراد، كان عنوان الكتاب الشهري لليافعة الصادر مؤخراً ضمن سلسلة «أعلام ومبدعون» عن الهيئة العامة السورية للكتاب.‏‏

المولد والنشأة‏‏

ولد عبد القادر عياش عام 1911 في مدينة دير الزور، لأب كان تاجراً من وجهاء المدينة، وعائلة وطنية ناهضت المستعمر الفرنسي، ونُفيت من قبله عام 1925 إلى مدينة جبلة على الساحل السوري بتهمة التحضير لنشر الثورة في الفرات. عاش عياش طفولته في قريته وفي مدينة دير الزور وتعلم في كتاتيبها ومدارسها الابتدائية، لينتقل بعدها إلى المدرسة الإسلامية في بيروت حيث حصل منها على شهادته الابتدائية، ومنها إلى المدرسة الإنجيلية في حمص لينال الشهادة المتوسطة، ثم إلى المعهد العربي الفرنسي في دمشق لإتمام دراسته الثانوية. درس الحقوق في الجامعة السورية ليحصل على الإجازة فيه عام 1935، ثم شرع بمزاولة مهنة المحاماة في دير الزور مدة سنتين. عُين عياش عام 1937 قاضياً عقارياً في حلب، ثم في عام 1941 عُين مديراً لمنطقة الباب، ليُنقل بعد ذلك إلى منطقة سلمية حيث استقال من الوظيفة، وعاد لممارسة المحاماة في دير الزور من جديد.‏‏

صوت الفرات‏‏

أسس عبد القادر عياش عام 1944 نادي (البيت الثقافي) برئاسته، وتحت إدارته، فكان هذا النادي المنطلق الأول، والرئيس لكل الباحثين، والمهتمين في الشأن الثقافي، حيث كانت تُقام فيه الندوات واللقاءات والمحاضرات، وصار له الدور الأبرز في انطلاقة الكثير من المبدعين والمهتمين والباحثين.‏‏

كما أصدر عياش عام 1945 مجلة (صوت الفرات) لتكون أداته لنشر الثقافة في منطقته، حيث اقتصرت مقالاتها على التعريف بحضارات وادي الفرات وتاريخ مدنه، ووصف اقتصاده وتدوين تراثه، وهي من أوائل المجلات الثقافية التي صدرت في دير الزور، واستمرت مدة (22) عاماً.‏‏

الموسوعة الفراتية‏‏

كانت (الموسوعة الفراتية البكر) شغل عبد القادر عياش الشاغل، فقد تناول فيها مدينته من ألفها إلى يائها، مدوناً فيها تاريخها وعاداتها وتقاليدها ولهجتها ورجالها وكل من كتب عنها أو مر بها، ومُضمناً إياها أبحاثاً تشمل سلسلة تحقيقات فلكلورية عن وادي الفرات، لم تطرقها أقلام الكتّاب من قبل، بأسلوب بسيط قليل التزويق، كانت الغاية منه تقصي بيئة وادي الفرات في كل أبعادها.‏‏

كما أنشأ عبد القادر عياش متحفاً صغيراً للعادات والتقاليد الشعبية في بيته، كان النواة الأولى لمتحف دير الزور الأول، وأصبح هذا المتحف مع مرور الزمن يحوي على وثائق خطية وصور فوتوغرافية ومخطوطات ودراسات خطية عن تاريخ دير الزور وفنونها الشعبية ولهجتها وألعابها المحلية، كما ضم مجموعة من السبحات ومصنوعات الخرز، ومجموعة كبيرة من الأواني النحاسية والخشبية والخزفية، ومجموعة من قطع السلاح القديمة وأدوات الصيد، وقطع النقود، ومجموعة من الحلي الفضية الشائعة.‏‏

الهوايات والرحلات‏‏

اشتهر عبد القادر عياش بجملة من الهوايات التي صارت مصدر متعة له، ومحور نشاط يمارسه، مما زاد معها حبه للحياة، ففي مطلع العشرينيات حين كان طالباً في حمص وبيروت بدأت معه هواية جمع الطوابع التي استمرت معه طويلاً، ما دفعه إلى إنشاء علاقة مباشرة وبالمراسلة مع هواتها، وانضم إلى عدة جمعيات ونوادٍ للطوابع؛ إضافة إلى هواية جمع المخطوطات، والرسم.‏‏

كما أنه كان من أوائل الذين بعثوا فكرة الرحلات في منطقة الفرات، وذلك عبر توجيهه القائمين عليها من خلال إرشادهم إلى الأماكن الجديرة بالمشاهدة، وتزويدهم بالمعلومات التاريخية والأثرية المطلوبة، إلى جانب أنه كان يهيئ رحلات خاصة إلى أماكن مهمة لا تتيسر مشاهدتها للإنسان العادي.‏‏

تلقى عياش العديد من الدعوات لحضور مؤتمرات عن الآثار في الكثير من البلاد العربية، وشارك في المؤتمر العربي الثاني في بغداد أواخر عام 1957، كما أسس جمعية العاديات عام 1958، ومركزاً للدراسات التاريخية والجغرافية، وعُين عام 1933 عضواً في لجنة الفنون الشعبية في وزارة الثقافة.‏‏

توفي عبد القادر عياش في الثامن من حزيران عام 1974 إلا أنه بقي حياً في قلوب الكثيرين ممن يحبون تراثهم وأوطانهم.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية