تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اليمــن... ومخـــاطر التدويـــل

شؤون سياسية
الأربعاء 3-2-2010
د. حيدر حيدر

هل يكفي مؤتمر لندن الذي دام قرابة الساعتين، لحل مشاكل اليمن، الجواب بالتأكيد هو بالنفي، لأن الحل الأمني والعسكري، وحتى الحل الاقتصادي، تبدو جميعها غير كافية

بل وكما يؤكد المختصون ربما تكون باعثاً لمزيد من عدم الاستقرار في اليمن، معتبرين أن الحل هو في عقد مؤتمر وطني للحوار برعاية عربية أو دولية ومهما يكن من أمر فإن للمسألة أبعاداً أخرى أكثر عمقاً، رغم أن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها اليمن اقتصادية بالدرجة الأولى وقد قدم رئيس الحكومة اليمنية علي محمد حجور خلال مؤتمر لندن عرضاً موجزاً بشأن أولويات اليمن التنموية والتحديات التي يواجهها ورؤيته بشأن مواجهة ظاهرة التطرف بمختلف أشكالها.‏

ويتضح لكل عين بصيرة حجم المخاطر التي يواجهها اليمن كما يظهر جلياً للعيان النشاط المتزايد للقوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى لزيادة تدخلها ونفوذها في منطقة الخليج العربي والقرن الإفريقي، و لأن اليمن يبدو لتلك القوى الخارجية أنه المكان الأمثل للتدخل، فعلى بعد أميال معدودة يقع الصومال وغير بعيد أيضاً تقبع ارتيريا، وكذلك على مقربة منه هناك جيبوتي حيث توجد قاعدة عسكرية وبحرية أميركية، وهي حالة تسعى أميركا لتكرارها في دول أخرى بحجة مكافحة الإرهاب والقرصنة ، لذا تحتشد الأساطيل المحملة بالقوات العسكرية لتكرار الحالة المتواجدة في جيبوتي وإنشاء قواعد عسكرية جديدة في المنطقة حيث الثروة النفطية الهامة للتقدم الصناعي العربي عموماً واستمراره وازدهاره وطبعاً على حساب شعوب المنطقة، ومعاناتها المستمرة من التخلف والصراعات والمشاكل المتنوعة المرتبطة بالفقر، فهل تسعى الولايات المتحدة من خلال إثارة الموضوع اليمني وإشكالاته ، إلى زيادة تدخلها السافر، وهذه المرة العسكري المفضوح في هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة؟‏

والجواب بكل بساطة هو نعم، فالرئيس الأميركي باراك أوباما والذي حمل الوعود الكثيرة إبان انتخابه رئيساً للولايات المتحدة بأنه يسعى للتغيير الداخلي وحل المشكلات الدولية دون اللجوء للوسائل العسكرية، يبدو أنه بدأ يمتثل لتعليمات المؤسسة العسكرية الأميركية وما تمثله من شركات احتكارية كبرى، فوافق أولاً على زيادة الميزانية العسكرية في العام الأول من ولايته، ثم وقع أخيراً على زيادة ضخمة في ميزانية الدفاع للعام القادم والتي بلغت 600 مليار دولار، أي وبلغة الأرقام فإن ميزانية الحروب الأميركية زادت من تريليون إلى تريليون و464 مليار دولار، وهذا يعني أيضاً أن أميركا تنفق أكثر من جميع دول العالم مجتمعة على القضايا العسكرية.‏

وكما أكد محلل عسكري أميركي فإن الولايات المتحدة تتدخل وتتورط وتزيد قواتها في أفغانستان استعداداً لسحبها! وفي النهاية تبقى هناك.‏

فهل تريد واشنطن أن يصبح اليمن في المكانة الثالثة في الترتيب الزمني لحروب أميركا أي الثالثة بعد أفغانستان والعراق؟‏

المحللون مقتنعون أن واشنطن بزيادة محاولات تدخلها في اليمن بحجة مكافحة الإرهاب، وبحجة تقديم المساعدات والدعم تارة أخرى تسعى لزيادة نفوذها العسكري أسوة بما فعلته في أفغانستان والعراق، وبما تفعله في باكستان.‏

وبالعودة إلى الظروف التي سبقت حرب أميركا ضد أفغانستان نجد أن الولايات المتحدة تصر على وجود إرهاب يهدد أميركا وهذه المرة مصدره موجود في اليمن على حد زعمها، وبالتالي تجد لزاماً عليها حسب ادعاءاتها أن تحمي نفسها من هذا البعبع الذي أوجدته بنفسها، وتحمي مصالحها في الخليج كما تفعل على حد زعمها وتحاول هزيمة هذا الإرهاب في أفغانستان، إذاً اللوحة واضحة للغاية فأميركا تواصل وبإصرار مزاجها الحربي وتريد إملاء إراداتها بالكامل على المنطقة دون أي اعتبار لرأي شعوب وحكومات هذه الدول.‏

أما الحديث عن المساعدات الاقتصادية وغيرها لانتشال هذا البلد أو ذاك من براثن الفقر والتخلف فهي دعوات لذر الرماد في العيون، والتستر بالمؤتمرات التي تعد بالمساعدة الاقتصادية وماهي إلا مقدمة لتعزيز النفوذ والتواجد العسكري الأميركي في منطقة غنية واستراتيجية يسيل لها لعاب الشركات الاحتكارية الأميركية، وتقوم المؤسسة العسكرية الأميركية بتنفيذ هذه الأجندة بوسائل متنوعة معروفة ليس غايتها بالتأكيد مساعدة شعوب ودول المنطقة بل غاياتها واضحة للغاية، كما أسلفنا ولو تسترت بتصريحات سياسية، مثل زيادة المعونة أو تخفت تحت يافطة بيان ختامي، مثل ماصدر عن مؤتمر لندن بشأن اليمن والذي جاء فيه أن الحكومة اليمنية تدرك الحاجة الملحة للإصلاح الاقتصادي والسياسي في البلاد وذلك للمساعدة في القضاء على التشدد الذي يهدد استقرار المنطقة حيث شددت وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون على ضرورة إحراز تقدم ضد المتطرفين، محذرة من أنه إذا لم يتم التصدي للصراع والعنف حسب تعبيرها فإن ذلك سيقوض الإصلاحات السياسية والمصالحة اللازمة.‏

إذاً مايهم واشنطن من كل هذا هو حماية مصالحها وزيادة نفوذها في المنطقة وهو واضح ليس فقط من خلال تصريحات المسؤولين الأميركيين فقط، بل ومن خلال التحرك الأميركي الفعلي وخاصة العسكري والاستخباراتي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية