تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


غابرييل غارسيا ماركيز متنكر بزي الدراما تورج

كتب
الأربعاء 3-2-2010
اخترع ماركيز ورشة من طراز خاص، الورشة مكونة من ماركيز بوصفه مخرجاً، والبرازيلي دوك كومباراتو كمساعد

وهو كاتب سيناريو وسينمائي وتلفزيوني لديه خبرة تعليمية واسعة في مدارس السينما والتلفزيون في الولايات المتحدة وفرنسا والبيرو والمكسيك وكوبا. كتب سيناريو فيلم (البرجوازي طيب) ومن كوبا اليسيو ألبيرتو دييغو سينارست وكاتب له مجموعات شعرية وروايات وقصص للأطفال وأما أعضاء الورشة فهم أندريس أغوديلو ريستريبو من كولومبيا كاتب سيناريو تلفزيوني عمل مساعد إخراج في دروب القبار ورمز للحرية ومدير تصوير في «سراب أميركي» وأخرج الفيلم الطويل (أترك روحي للشيطان) ومن نيكاراغوا ايفان أرغوييس لاكايو مخرج سينمائي كتب وأخرج أفلاماً قصيرة ووثائقية وفيلماً روائياً طويلاً «وسخ الحرب» ومن المكسيك سوزانا كاتو صحفية وكاتبة سيناريو وللإذاعة والتلفزيون عضو لجنة ماركيز لكتابة السيناريو التي مقرها مدينة مكسيكو ومانويل غوميث دياث كاتب سيناريست مسلسلات تلفزيونية وأرتوروبيا سينيور كاتب سيناريو ومسرحي أخرج الفيلم القصير وسعادة السيدة كونسويللو. أما مونتاج الجلسات فقد أشرف عليها إدغار كورتشيا من بنما، كاتب وناقد سينمائي حائز على الجائزة الوطنية للآداب في بنما الكتاب مكون من سبع جلسات الجلسة الأولى بعنوان (الثنائي - الثلاثي - والقناع) والجلسة الثانية بعنوان (بحثاً عن الحدود) وعنوان الجلسة الثالثة (في حالة جنون وعندما لا يحدث شيء) وفي الجلسة الرابعة جاء عنوان (الموت في سامارا انتصار الحياة) والجلسة الخامسة (قصة هوى أرجنتيني والتانغو الأخير في الكاريبي ونداء الغابة) الجلسة السادسة (الكمان الأول يصل متأخراً على الدوام) وفي الجلسة السابعة تضمنت ثلاثة عناوين (غراميات خاطئة نظرة إجمالية، سيداليا وبيليندا).‏

يعترف لنا غابرييل ماركيز الملقب بغابو: (سأروي لكم كيف بدأ كل شيء في أحد الأيام اتصلوا بي من التلفزيون ليطلبوا مني ثلاث عشرة قصة حب تدور أحداثها في أميركا اللاتينية وبما أنه كانت لدي ورشة سيناريو في مكسيكو فقد ذهبت إلى هناك وقلت لأعضاء الورشة أحتاج إلى ثلاث عشرة قصة حب مدة كل واحدة منها نصف ساعة وفي اليوم التالي جاؤوني بأربع عشرة فكرة لقد كان أمراً مفاجئاً لأننا كنا نحاول كتابة قصة مدتها ساعة كاملة ولم تخرج معنا تلك القصص.‏

وهكذا توصلت إلى نتيحة مؤداها أن نصف ساعة هو حجم مثالي إنه يصل مثل رمية سهم فإما أن ينجح أو لا ينجح عندئذ قررنا إنجاز مسلسل من ثلاث عشرة قصة حب كبداية وأخرى عن أسرار غامضة وأخرى عن الرعب.‏

وأن يكون العمل دائماً في الورشة وهذا يعني أنه حتى لو كانت الفكرة لشخص واحد - أو واحدة، لأن جميع أعضاء ورشتنا تقريباً هم من النساء عملياً إلا أنها تتطور بمشاركة الجميع وأخيراً يكتبها شخص واحد بمفرده الشخص نفسه الذي طرحها أو عضو آخر من الورشة فمن الواضح أن الخطوط المتوازية لقصة ما يمكن إقرارها بصورة جماعية ولكن عندما تأتي لحظة كتابة السيناريو يجب أن يتولى شخص واحد بمفرده هذه المهمة. قدمنا القصص الثلاث عشرة إلى محطات تلفزيونية متعددة وسرعان ما اكتشفنا أمراً أنهم يدفعون أجوراً سيئة لقد اكتشفنا أن ما يدفعه التلفزيون مقابل الورق (أي الكتابة) سيء جداً عندئذ قررنا إنشاء مؤسسة إنتاجية لكي نتمكن من بيع إنتاجنا جاهزاً خرجنا لعرض نتاجنا فقالوا لنا نعم شريطة أن يوضع اسمي على كل الأعمال وهذا الأمر الذي يمكن أن يبدو مغرياً وهو من أكثر ما في الوجود إذلالاً: إنه يعني أن أحدنا قد تحول إلى سلعة ولكن ماذا نفعل وقررنا أخيراً باتفاق جماعي أن نذكر اسم كل مؤلف ونصدر بداية كل قصة من القصص بعنوان يقول: ورشة غارسيا ماركيز وبدأنا العمل وقد كان الأمر مسلياً إلى حد أننا نفكر الآن بصنع ألف نصف ساعة واحدة بعد أخرى وفي مسلسلات من ثلاث عشرة بعد ثلاث عشرة حلقة.‏

أكثر ما يهم ماركيز في هذا العالم هو عملية الإبداع - باعترافه هو - أي سر هو هذا الذي يجعل مجرد الرغبة في رواية القصص تتحول إلى هوى يمكن لكائن بشري أن يموت من أجله أن يموت جوعاً أو برداً أو من أي شيء آخر لمجرد عمل هذا الشيء الذي لا يمكن رؤيته أو لمسه وهو شيء في نهاية المطاف إذا ما أمعنا النظر لا ينفع في أي شيء؟‏

-الكلام لماركيز- لقد اعتقدت يوماً أو توهمت بأني اعتقدت بأنني سأكتشف فجأة سر الإبداع اللحظة الحاسمة التي تنبثق فيها الفكرة ولكن حدوث ذلك راح يبدو لي أصعب فأصعب.‏

ماركيز يحكي لنا بعضاً من أسراره حول اقتناص الفكرة القصصية أو الروائية حين يشرح لنا بلغته الذكية عن فكرة أوحت له بها صورة لجنازة الامبراطور هيروهيتو وفيها تظهر الإمبراطورة الجديدة زوجة أكيهيتو الجو ماطر وفي العمق خارج الثورة يظهر الحراس بمعاطفهم المطرية البيضاء وأبعد منهم حشود تحمل المظلات، أو تضع صحفاً أو قطع قماش على رؤوسها وفي مركز الصورة وفي البعد الثاني تبدو الامبراطورة وحدها نحيلة جداً متشحة بالسواد مع خمار أسود ومظلة سوداء ماركيز رأى تلك الصورة التي يصفها بالرائعة وكان أول ما خطر لقلبه هو أن توجد هناك قصة.‏

وهي بالطبع ليست قصة موت الامبراطور التي ترويها الصورة نفسها بل قصة أخرى: قصة نصف ساعة بقيت هذه الفكرة في رأسه واستمرت هناك تلف وتدور واستبعد الخلفية وانتزع الحراس ذوي اللباس الأبيض والناس كلياً وبقيت للحظة مع صورة الامبراطورة وحدها تحت المطر.‏

غابرييل ماركيز كسيناريست مثابر منكب على العناية بورشته الخصبة يطلعنا خلالها على كثير من أسرار (نزوة القص المباركة).‏

الكتاب: كيف تحكي حكاية /غابرييل غارسيا ماركيز.‏

ترجمة صالح علماني صادر عن دار المدى في 584 صفحة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية