ولأنه الحب سلمت الدوحة مفاتيح البوابة لدمشق, فجاء افتتاح احتفاليتها كعاصمة عربية للثقافة
بعرض سوري كبير ( بيت الحكمة ) لفرقة إنانا, لتأتي الأيام الثقافية السورية أول الغيث على وطن الثقافة العربية في عاصمته الدوحة.
بدأت فعاليات الأيام الثقافية السورية مساء أول أمس ( الأحد ) بعرض لفرقة أورنينا : الإلياذة الكنعانية على مسرح قطر الوطني, الذي سبق أن قدم كخاتمة لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية, هذا إلى جانب افتتاح ستٍة من المعارض في غاليري سوق واقف وهي: معرض الكتاب العربي الذي تشارك فيه وزارة الثقافة والهيئة السورية للكتاب واتحاد الكتاب العرب بنحو ألف عنوان في مختلف حقول الثقافة والمعرفة, إضافة إلى معرض صور ضوئية لأهم أربع ممالك أثرية في سورية ( أوغاريت, ماري, إيبلا, وقطنا ) حيث أكدت المكتشفات الأثرية في المدافن السورية والقطرية الوحدة الحضارية من حيث تشابه اللغة الأثرية والخطوط التجارية, كما أكد الدكتور بسام جاموس مدير عام المتاحف والآثار, وهناك أيضاً معارض للفن التشكيلي, والخط العربي, والسجاد اليدوي, والصناعات اليدوية, والحرف التقليدية.
أما فعاليات اليوم الثاني فاقتصرت على محاضرتين, كانت الأولى للأستاذ محمد قجة بعنوان سوق عكاظ – قراءة معاصرة, حيث عرض لتاريخ السوق الذي عاش حوالي 200 عام واستحضار سوق عكاظ اليوم ما هو إلا دراسة لتلك الفترة من الحياة العربية من جوانبها الثقافية والاجتماعية والتجارية والاقتصادية والفنية, وتحدث المحاضر عن الأسواق العربية خلال الجاهلية التي بلغ عددها 15 – 20 سوقاً والتركيز على اتصالها ببلاد الشام من خلال سوق بصرى ومع العراق من خلال سوق الحيرة. ركزالأستاذ قجة على البعد الثقافي لسوق عكاظ حين كانت تنصب خيمة للنابغة الذبياني ليكون الحكم بين الشعراء, وحول مناسبة عنوان المحاضرة في هذا المكان وهذا الزمان قال قجة: الدوحة جزء من شبه الجزيرة العربية والموضوع هو الثقافة العربية حيث تشكلت في سوق عكاظ الصورة النهائية للغة العربية بلهجة قريش وكان السوق الموضع الذي يحترمه كل العرب, وعبر إسقاطات معاصرة لموضوع المحاضرة يدعو إلى سوق عربية جديدة معاصرة قد نسميه ملتقى أو بيت حكمة جديد فعلى العرب أن يوحدوا مجاميع اللغة والترجمة ودور النشر وغير ذلك .
في محاضرتها حول الفنون الدرامية أوضحت الزميلة ديانا جبور مديرة التلفزيون مراحل تأسيس التلفزيون السوري عام 1959 وإدراك جمال عبد الناصر في ذلك الوقت لأهمية التلفزيون في صناعة رأي عام كما تطرقت لأسباب تألق الدراما السورية عبر عرض الأنواع الدرامية التي أنتجها السوريون المبدعون كما في الفنتازيا التاريخية والسينما التسجيلية الذي وفر لها التلفزيون حاضناً مناسباً ولم يفتها أن تشير إلى اللغة البصرية المبهرة التي صنعها الفنان السوري . فيما بعد تعرضت الدكتورة حنان قصاب حسن مديرة دار الأوبرا السورية إلى المعهد العالي للفنون المسرحية الذي عمل على تأهيل الفنان السوري المثقف الواعي الملتزم .
لابد أن نشير أخيراً إلى أن قطر تتمتع بثروة ثقافية زاخرة وتراث شعبي فريد، تعمل الدولة على تنميتها وإغنائها باستمرار، بما ينسجم مع التطور الذي تشهده دولة قطر برعاية سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد على كافة الأصعدة, وتبدي الدولة اهتماماً كبيراً بشتى مناحي الحياة الثقافية, كما في إنشاء المكتبات والمتاحف والمسارح ومراكز الفنون، ودعم دور النشر والمجلات الثقافية وتنظيم المهرجانات والفعاليات الثقافية المختلفة على مدار السنة.وفي السنوات الأخيرة دأبت قطر على تنظيم مهرجانات ومنتديات ومعارض ومؤتمرات هامة لأهل الفكر والأدب والفن انطلاقاً من توجه الدولة نحو تشجيع ودعم الإبداع القطري والعربي، وتكريس مبدأ الانفتاح على ثقافات شعوب العالم المختلفة مع الحفاظ على قيم أصالة المجتمع القطري. ونتيجة لهذا التوجه أصبحت الدوحة واحدة من عواصم الثقافة العربية التي تستقطب شتى أشكال الإبداع الثقافي، فيما أصبحت مهرجاناتها وفعالياتها في مجالات الثقافة والفكر والفن، سمة بارزة في المشهد الثقافي العربي كما في مهرجان الدوحة الثقافي السنوي، ومعرض الدوحة الدولي للكتاب ومهرجان الدوحة للأغنية العربية، وفعاليات أخرى.