تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النوع الاجتماعي مسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة

مجتمع
الأربعاء 3-2-2010م
منال السماك

تصرفات تثير الانتباه وتدعو أحياناً للاستغراب والقلق ولسان حال من يراقبهم يقول: ما هذا الجيل وماذا تركوا لسنوات عمرهم القادمة؟ فتراهم يجهدون لاقحام أنفسهم في عالم الكبار

واختصار سنوات الطفولة وبراءتها والقفز لتجاوز مرحلة المراهقة، وكل ذلك في سبيل اثبات الذات وتأكيد الوجود فلا يكف الذكور عن ملاحقة الفتيات والتجمع أمام مدارسهن والسعي لإقامة علاقات تتراوح بين الصداقة والحب قد تكون سابقة لأوانها‏

في حين تتفنن الفتيات الصغيرات في محاولة لفت أنظار الجنس الآخر سواء بالحركات أم باللباس وبنفس الوقت يتوق كلا الطرفين إلى التواصل عبر الرسائل والصور والشات.‏‏

قد تبدو هذه المظاهر في عصرنا الراهن طبيعية وينبغي الاعتراف بها وتقبلها ولكن قد يجهل البعض من أولياء الأمور والقائمين على العملية التربوية في بعض الأحيان أسبابها وكيفية التعامل مع هؤلاء الناشئة لتلافي أي مشكلة قد تحدث فيما بعد.‏‏

بدءاً من الأسرة‏‏

ففي المرحلة النمائية التي يمر بها الطفل والمراهق هناك الكثير من الأزمات التي ينبغي التعرف عليها للتوصل لوضع حلول لها ومن هذه الأزمات إثبات النوع الاجتماعي، عن هذا الموضوع حدثتنا الاختصاصية التربوية فريال حمود حيث رأت أن الأطفال يتعلمون الأدوار الاجتماعية من خلال مراقبة ما تقوم به جماعتهم ومن خلال الأفراد الذين يتعاملون معهم عن قرب كالوالدين والأشقاء والأقران والأقارب والمدرسين والطفل في مرحلة التعليم الأساسي مراقب جيد ومقلد بارع لما يبديه هؤلاء المحيطون به من تصرفات وكلما بعد الفرد عن هذه الجماعة وهنت الألفة وابتعد عن المعنى الحقيقي للأدوار الاجتماعية فمثلاً الأب يمثل الرجولة والأم تمثل الأنوثة وكلما اقترب منهم ازدادت معرفته عن تلك الأدوار والفرق فيما بينهما وتأكدت وترسخت لديه.‏‏

وعن كيفية تشكيل وتوكيد النوع الاجتماعي أوضحت حمود بأن ذلك يتم من خلال المرور بالشعائر والطقوس الغنية التي تقدم منظوراً مفيداً لتفحص التحولات الشخصية من الطفولة إلى الشباب مرورا بالمراهقة في تطور متآلف بين النفسي والاجتماعي والتي توصل الأفراد الصغار إلى عالم ما وراء الطبيعة المتعلقة بالنوع الاجتماعي لهم والتي يتم اكتسابها من الثقافة.‏‏

وهذه الأدوار التي تؤكد النوع الاجتماعي تتأسس في المنزل من خلال التربية الأسرية التي تحيط الأطفال بمعلومات بسيطة وضرورية حول جنسهم، وهذه الحاجة تصبح ضرورية وملحة أثناء المدرسة وخاصة في مرحلة المراهقة نظراً للنمو الاجتماعي والفيزيولوجي وحاجة المراهقين لادراك نوعهم الاجتماعي والأدوار المرتبطة به وعلاقتهم مع النوع الاجتماعي للجنس الآخر.‏‏

إكسابهم مهارات التواصل‏‏

كما تعد المدرسة من أهم وأكبر البيئات التي تؤكد التعايش والمشاركة بين الأطفال حيث يقضون أغلب مراحلهم العمرية الدراسية ضمن جدرانها، ويخوضون عالم الصداقات التي تؤثر في توجيه استقرار وتوكيد الدور المتعلق بالنوع الاجتماعي الذي يخلق شروطاً طبيعية حول التعبير عن الألفة وترجمة المشاعر والأفكار المشتركة وحول تماثل عمليات التربية لكلا الجنسين.‏‏

وهذه من المهام الضرورية التي يجب أن يدركها القائمون على تنشئة الأفراد الصغار في تهيئة فرص النشاط والتفاعل.‏‏

وهناك نموذجان للمدارس بالنسبة لجنس الطلبة نموذج المدارس المختلطة وهي غالباً في مرحلة الطفولة والتعليم الأساسي والمدارس وحيدة الجنس وهي غالباً في المرحلة الثانوية وتهتم المؤسسة التربوية بأن يكون فيها أفراد من الجنس الآخر في الإدارة المدرسية أو الهيئة التعليمية ومع ذلك يحتاج الأفراد الصغار في المدارس وحيدة الجنس إلى معارف حول الأفراد من الجنس الآخر خلف جدران المدرسة وهذا ضروري ويتطلب من المؤسسة التعليمية أن يكون لديها فرص لتنمية معارف الأفراد الصغار أو المراهقين حول أهمية النوع الاجتماعي الآخر وضرورة فهم أن هذا النوع مهم في الحياة الاجتماعية ولديه كفاءات ضرورية للقيام بالأدوار الاجتماعية، وقد يكون الأمر صعباً في البداية ولكن مع مرور الوقت يصبح الأمر من طبيعة تفكير هؤلاء الناشئة إذا ما تم تناوله بشكل تربوي ما يطور تفكيرهم وعدم جعل هذا التفكير منحصراً في تصوراتهم حول الأفراد من النوع الاجتماعي الآخر.‏‏

وفي حال وجودهم في مدارس مختلطة لابد من ادراك النوع الاجتماعي الآخر والعلاقة معه بالزمالة والمعرفة واكتساب مهارات التعامل والتواصل ولكن مع أخذ الحيطة والحذر من قبل التربويين وباستخدام مصطلحات دقيقة أكثر نظرا لوجود الجنسين معاً.‏‏

إتاحة فرص المشاركة‏‏

وتنصح حمود بتطوير فرص الاشتراك بين الطلبة من الجنسين في الأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية بحيث تكون متاحة لكل الأفراد لتساعد في تنظيم السلوك الاجتماعي وفهم أفضل للذات والآخرين وتطوير السلوك التفاعلي والاندماج الاجتماعي والتوقعات الايجابية من الآخر وتوظيف الفاعلية داخل المحتوى الاجتماعي بما فيه من قيم ونظرة نحو المستقبل.‏‏

وهذه المهمة التربوية ليست مسؤولية الأسرة فقط أو المدرسة بمنأى عن الأسرة التي يتوقع منها أن تكون قادرة على ادراك التطور الشخصي للمراهق وتوجيهه بشكل مناسب لاقترابه من عالم الكبار وكذلك المدرسة من المهم أن يكون لها تأثير ايجابي في تمثيل النوع الاجتماعي سواء من قبل هيئة التعليم من خلال المعلومات التي يوفرونها للطلبة والتي تساهم في تعديل وجهات نظر الأطفال حول موضوع النوع الاجتماعي بما يجعل العملية المعرفية متكاملة وتحت أنظار الراشدين في البيت والمدرسة وبذلك يستطيعون التدخل أثناء السلوكات غير المناسبة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية