والتي اهمها في اعتقادي القطاع الخاص وبما أن قرار التحول الاقتصادي في سورية قد اتخذ و العجلة سارت و الدولة تبني خططها معتبرة أن القطاع الخاص سيساهم بما لا يقل عن 65 % من اجمالي الناتج المحلي إضافة إلى التفاهمات الدولية العديدة والتي كان آخرها الاتفاق مع الجارة تركيا على أن يكون حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يقارب خمسة مليارات دولار خلال الأعوام القليلة القادمة (و طبعا هذا لا يمكن تحقيقه ما لم يكن القطاع الخاص هو الناشط الأكبر) .إذن نحن امام رهان وحتى يكون هذا الرهان رابحا لا بد من فتح باب النقاش حول دوركل من القطاع الخاص و الحكومة في نهوض الاقتصاد السوري و أن يأخذ هذا النقاش شكلا جديدا يعنى بالناحية التطبيقية للأمر و يؤسس لرؤيا واضحة ، و هنا أجدني أمام تساؤلين اثنين :
الأول : هل القطاع الخاص السوري منظم بما يكفي ليقوم بعملية البناء المطلوبة ..؟, هل هو على مستوى الطموح من حيث البنية المعرفية والثقافية التي تجعل منه يوازي بين مصالح اقتصاد الدولة ومصالحه وبين طموحاتها وطموحاته ..؟ طبعا هو كذلك إلى حد ما ولكن لا بأس من إعادة بحث و دراسة مستفيضة لواقعه على أن تكون تلك الدراسة في عهدة الجهات المعنية بتنظيم هذا القطاع وهي الغرف التجارية والسياحية والصناعية والزراعية حيث بات دورها تنظيميا شكليا وليس دورا مبادرا فاعلا .
الثاني : في تجارب الغرب المتطور صناعيا وتجاريا وفي تجارب أقصى الشرق أيضا الذي نما بسرعة الضوء نلاحظ أن الدولة تضع الأهداف الاقتصادية التي تتناغم مع طموحاتها ثم تحرض على تنفيذ هذه الطموحات من خلال النظم والتشريعات التي تضعها الحكومة فيكون مثلا تطور الصناعة مرهونا بحزم تشريعية تساعد على ذلك ويكون تطور التجارة أيضا مرهونا بحزم تشريعية أخرى تساعد على ذلك ليجد القطاع الخاص نفسه وبشكل مخطط ومنظم قادرا على الاتجاه نحو تلك الاستثمارات لأن التشريعات تساعد عليها . وإذا أردنا أن نعكس هذا الأمر على الاقتصاد السوري فإننا نلاحظ أن الدولة قامت خلال السنوات الماضية بإحداث ثورة تشريعية قدمت خلالها مجموعة كبيرة من النظم و المراسيم التي تظهر طموحا و تخطيطا واضحا لأن يكون القطاع الخاص هو اللاعب الأساسي في التنمية الاقتصادية في سورية ولكن بالمقابل ماذا كان رد الطرف الآخر إزاء تلك النظم . ؟ إن الإجابة هي انفتاح واضح ولكن باتجاه الاستثمارات السهلة سريعة الريع مع ضعف في اتجاه الاستثمارات الصناعية التقنية الابداعية و التي تؤسس لاقتصاد ثابت ومتين . وهنا أيضا لابد من إعادة البحث والدراسة حول السبب في ذلك . هل هو تفوق القوانين والمراسيم التي تخدم الإقتصاد الخدمي على تلك التي تخدم الاقتصاد الصناعي أم هو ثقافة اعتاد عليها القطاع الخاص السوري خلال عقود سابقة حيث كان يحرك استثماراته باتجاه الأسرع والأكثر ربحا على قاعدة مفادها أن رأس المال جبان يبحث عن الاستثمار الأسهل و المخدوم تشريعيا ....!