والْحُبُّ بالْعَتْبِ يَسْتطِيبُ
لا تَخْجَلِيْ فَالْعِتَابُ غَيثٌ
تُغْسَلُ فيْ مَائِهِ الْقلوبُ
فَلْتُكْثِرِيْ مِنْهُ فَالْحَبِيْبُ
يَفْرَحُ إِذْ يَعْتبُ الْحَبِيْبُ
أَعْرِفُ أَنِّيْ صَنَعْتُ ذَنْبَاً
فَالْبُعْدُ فيْ حُبِّنَا ذُنوبُ
لَمْ تَرْقُدِيْ فَالْجَفَاءُ دَاءٌ
يَغْمُرُ بِالسُّهْدِ مِنْ يَصِيبُ
يَذْرو بِنَا فَالنَّهارُ مِنْهُ
جَمْرٌ وَأيَّامُهُ لَهِيْبُ
نَعِيْشُ مِنهُ كَأُقْحوانٍ
تَنْهَشُ فيْ صَدْرِهِ الثُّقُوبُ
يَعْتَقِلُ الْوَصْلَ رُغْمَ عَنَّا
يَا لَيْتَ أَغْلالَهُ تَذُوبُ
حَبِيْبَتِيْ إِنَّنَا سوَاءٌ
لَمَّا بَدَا للْجَفَا نَعِيبُ
يَجْرَحُكَ الانْتِظَارُ مِثْلِيْ
وَكُلُّ جُرْحٌ لَهُ نُدُوبُ
ذُقْتِ اشْتِيَاقِيْ وَكَمْ حَبِيْبٍ
يَرْسُمُ أَشْوَاقَهُ الْنَّحِيبُ
تَأْخُذُنِيْ لَهْفَتِيْ إِلَيْكِ
لكنَّنيْ ها هُنَا غَرِيْبُ
إِذَا تَجَافَتْ لَنَا جُسومٌ
فَمَا تَجَافَتْ لَنَا قُلُوبُ
مَهْمَا تُفَرِّقْ بِنَا الْحَياةُ
لا بُدَّ أنْ تَقْصُرَ الدُّرُوبُ
••
يَا شَامُ يَا دوحةَ ابْتِهَاجيْ
وَيَا نَشِيديْ الَّذيْ يَطِيْبُ
أَهْواكِ وَالْحُبُّ قُبراتٌ
تَحُطُّ في الْحَقْلِ أوْ تَجُوبُ
أَوْرَقْتِ فيْ مُهْجَتِيْ حُقُولاً
يَمْلأُ أَفْنَانَهَا الْمُنِيبُ
مَنَحْتِ قِيْثَارِتِيْ هَدِيْلاً
يَخْضَرُّ فيْ عَزْفِهِ الْجُدُوبُ
غَمَرْتِنيْ بِالْحَنانِ نَهْرَاً
وَذَلِكَ النَّهْرُ لا يَغِيبُ
جَعَلْتِنِيْ أَقْطُفُ الْقَنَاديــ
ــــلَ وَهْيَ دُنْيَا لَهَا شُعُوبُ
عَلَّمْتِني قُوَّةَ الْورودِ
فَصَارَ لِيْ نَرْجِسٌ وَطِيْبُ
أَمُوتُ وَالْحُبُّ لا يَمُوتُ
وَإنْ تَشأْ مَوتَهُ النيُّوبُ
••
يَا شَامُ بَاهَى بِكِ الْجَمَالُ
وَبَاهَتِ الشَّمْسُ وَالزُّهُورُ
أَنْتِ خَرِيرٌ مِنَ الأغَانيْ
وَمِنْ نَدىٍ يُسْكَبُ الْخَرِيْرُ
أَعْطَيْتِ أنْ حَرَّكَتْ بِرُمْشٍ
بِيدٌ وأنْ هَمْهَمَتْ طُيُورُ
كَتَبَتِ بِالْغَيْمِ كُلَّ حرْفٍ
وَبِالسَّنَا كَانَتِ السُّطُورُ
بَلَّلْتِ بِالْياَسميْنِ أَرْضَاً
فَأنْتِ عُطْرٌ لَهَا وَنورُ
بَعَثْتِ مَا كَانَ في الْهَشِيْمِ
رَوْضَاً كَمَا تَبْعَثُ الْبُحُورُ
أَمْطَرْتِ مِنْ مَجْدِكِ النَّهَارَ
كَأنهُ وَابلٌ غَزَيرُ
فَجَّرْتِ بِالْجودِ كُلَّ نَبعٍ
وَالنَّبْعُ تَعْلو بِهِ الْجُذُورُ
جَمَعْتِ مَا تَجْمَعُ الْحُقولُ
عِزَّاً وَمَا تَجْمَعُ النُّسُورُ
وَرَثْتِ مِنْ سَالِفِ الْفِداءِ
مَا يرِثُ الصُّبحُ وَالْعَبيْرُ
شَمَخْتِ فِيْنا لِكُلِّ نِجْمٍ
وَنجْمُنَا دَائمٌ مُنِيرُ
نَبْقَى وَتَبْقِيْنَ للْعَطَاءِ
مَا بَقِيَ الترْبُ وَالصُّخُورُ
••
يَا شامُ تِيْهِيْ عَلَى النُّجُومِ
وَلْيُقْهَرِ الْحَاسِدُ الْكَذُوبُ
لا تَأْبَهِيْ بالظلامِ يومَاً
فالشَّعْبُ حَامِيكِ وَالرَّقيْبُ
لمْ تَنْحَنِيْ للْعِدَى وَهَذَا
مَجْدٌ تَلِيدٌ ولا يَغِيبُ
الآنَ تحْيينَ مِثْلَ نايٍ
تَمْتَدُّ فيْ لَحْنهِ الْكُرُوبُ
كُنْتِ تَنَامِينَ فيْ أَمَانٍ
وَفَجْأةً جَاءَكَ الْكَلِيْبُ
رَمَى أغَانِيْكِ بالرِّياحِ
وَكُلُّ رِيحٍ لَهَا هُبوبُ
نَاديْتِ للْعُرْبِ يَا نَشَامَى
إنَّ علَى بَابِنا خُطوبُ
يَرونَ أكْفَانَنا بلادَاً
وَما لأكْفانِنا مُجِيبُ
يَا ليْتَهُمْ أَغْلَقُوا وَلكنْ
كَانَتْ لأفْوَاهِمْ حرُوبُ
ظَنَنْتِهمْ خِيْرةَ الصِّحابِ
أهْلاً وَكَمْ يُخْطِىءُ الطَّبيْبُ
لمْ تَعْلَمِيْ أنَّهمْ كَدُودٍ
والدُّودُ بِالْخَلِّ قَدْ يَعِيبُ
يُغْفَرُ للذِّئْبِ بالتعَدِّيْ
إنْ كانَ يَأْتيْ بِهِ الْقَرَيبُ