مألوفة لكثير من المواطنين في هذه المدينة وريفها ايضا حتى ترسخت في الأذهان صورة رجل الإطفاء الحقيقية منقذا وملاذا في لحظات الشدة العصيبة.
وخاصة الانهيارات التي بدت اليوم مشكلة مستعصية تفاجئ المسؤولين بين الفينة والأخرى وهم غالبا ما يحضرون متأخرين إلى مواقع الحدث بينما تجد عناصر فوج الإطفاء يسارعون بكل إمكانياتهم المتوفرة للحد من الحوادث الواقعة وتخفيف اضرارها قدر المستطاع.
ولم يعد خفيا على أحد في حلب الاصابات المتكررة التي لحقت بعناصر الفوج من كسور وحرائق واختناقات كادت أن تودي بحياة البعض وتترك بصماتها المشوهة على أجساد البعض الآخر..
ومع ذلك نجد الكثير من المتفرجين يرفعون إصبع الاتهام بالتقصير من احتواء النكبات دون الانتباه إلى أن اندفاع رجل الاطفاء ومخاطرته يجب أن تلازمه معدات متطورة والأهم ( وهو خفي عن المجتمع) وجود الحافز المعنوي والمادي ايضا الذي يشعره بالتقدير والاحترام لجهوده وهذا أضعف الايمان فماذا قدمت الجهات المعنية للإطفائيين.
المعطيات التي حصدناها خلال زيارتنا إلى المركز الرئيسي للإطفاء في المعرة وحوارنا مع عدد من الاطفائيين يدق ناقوس الخطر بأن تمادي التقصير بحق هذه الشريحة سيحدث خللا في عملهم مستقبلا ليبقى الدافع الوجداني وحده في صراع مع متطلبات الحياة المعيشية وأعبائها..
فقد أوضح العقيد ( طلال برازي) خبير في فوج الإطفاء أن الإطفائي يتعرض للخطر أكثر من الطيار بعشرة أضعاف على سبيل المثال ومع ذلك فهو يفتقد للمكافآت والحوافز والتدريب والتأهيل الذي لا يتحقق إلا بجهود شخصية..
وأضاف الأخ محمود كردي قائد سرية أن طبيعة عمل رجال الإطفاء لا تتجاوز 3% في حين أن بدل الطعام قيمته (255)ل.س منذ عشرين عاما كما أن رجال الاطفاء لا يمنحون أي تعويض في حالات الاستنفار رغم المثابرة على الدوام على مدار (48) ساعة..
وتحدث الأخ عبد الله قزاز آمر زمرة عن المزاجية في صرف الاجازات والحرمان من الوجبة الغذائية رغم تعرض الاطفائي في عمله للسموم إلا أن قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لم يشمل رجال الاطفاء بمن يتعرضون للمخاطرفي حين أن موظف الصحية في مجلس المدينة الذي يقوم بجولات على المطاعم والمحلات يمنح هذه الوجبة الغذائية الداعمة فأين الانصاف.
في حين لفت كل من النقيب ( محمد الشيخ) رئيس دائرة التدريب و أحمد بدوي رئيس غرفة العمليات أثناء استطلاعنا على الآليات والتجهيزات الموجودة إلى تواضع الامكانيات المتاحة للتطوير سواء البشري أو من حيث التقنيات والآليات..
وفي ختام الجولة الميدانية التقينا الرائد ( عبد الرحمن الشيخ) قائد فوج الاطفاء بحلب وكانت البداية حول صلاحيات قائد الفوج المحدودة جدا والتي تضعف من مطالباته بالتطوير ومرونة الحركة والتعامل مع مراكز الاطفاء وأوضح أن الفوج يحتوي على 35 سيارة تعمل في الاطفاء فعليا وأن عدد العناصر العاملين في الاطفاء 350 عنصراً رغم أن الكود الأوروبي لحاجة السكان إلى رجال الاطفاء وآلياته يحدد لكل مليون شخص 1000 إطفائي و 100 سيارة إطفاء وهذا يعني أن حلب لديها نقص بحدود 700 عنصر عامل مقارنة بعدد سكانها الذي يفوق 5 ملايين نسمة وبحجم الحرائق والكوارث الواقعة فيها حيث بلغ عدد الحوادث خلال عام 2006 فقط 1987 حريقاً وإنقاذاً في حلب وريفها.
وأكد مطالب عناصر الفوج قياسا بحجم عملهم ومخاطره حيث بلغ عدد الاصابات في الفوج خلال عام 2006 (17) إصابة ويوجد (50) حالة أصيبوا بعاهات مستديمة وأكد بهذا الصدد ضرورة وعي المواطن للحد من الحوادث التي غالبا ما تنتج عن الاهمال وافتقاد المعامل إلى نظم الاطفاء إضافة إلى التراخيص التي تمنح لتحويل الاقبية إلى ورشات تصنيع بما فيها من محولات كهربائية ومواد قابلة للاشتعال السريع ونوه إلى ضرورة وجود كود سوري للوقاية من الحرائق..
أما بالنسبة لجدوى المطالبات المتكررة بحقوق العاملين فقد أشار إلى مثال مفاده أن طلب إصلاح سيارة يستهلك أكثر من 40 توقيعا..
أخيرا لابد من القول إن عائدية فوج الاطفاء إلى مجلس مدينة حلب والمظلة التنفيذية التي ترفعها محافظة حلب من جهة ثانية تلزم الجهتين الاهتمام بجاهزية فوج الاطفاء المعنوية والمادية وتخصيص ما تستحقه هذه الفئة من العاملين في الدولة من ميزانية مجلس المدينة والمحافظة التي كثيرا ما تصرف على بنود أقل أهمية بكثير من هذا المرفق الهام والحيوي.