تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة.. الحرية الأمريكية: تكميم للحرية

آراء
الخميس 28-1-2010م
سليم عبود

كنا نتمنى في العالم العربي أن يكون سعي الرئيس «أوباما » لتحسين صورة أمريكا في العالمين العربي والإسلامي يتجاوز حالة الخطابة إلى حالة الفعل ،أي أن تقوم العلاقات بين أمريكا والعالم الإسلامي والعربي على الحوار ،

وليس على التهديد والاحتلال ، وعلى السعي الحقيقي لإقامة سلام عادل وشامل بين العرب وإسرائيل يقوم على قرارات الشرعية الدولية ، فالأمل في العالم العربي كان بمجيء أوباما كبيراً بتخطي آلام ثماني سنوات أمضاها الرئيس بوش في البيت الأبيض اتسمت بالدم والفوضى والرعب .‏

للأسف على أرض الواقع لم يتغير شيء من إرث بوش ، ولم تتجاوز وعود الرئيس بوش حالة التلوين التي تحدثها إلى حين الكلمات والعبارات المنقاة بعناية رومانسية ، فلازالت فلسفة بوش المتخمة بالتهديد والوعيد «إما مع أمريكا أو مع الإرهاب » تشكل استراتيجية الإدارة الأمريكية الحالية .‏

لقد باتت الآن الكلمة المقاومة للمشاريع والسياسات العدوانية التي مارستها إدارة بوش وأدمت العالم العربي والإسلامي - وباعتراف الأمريكيين أنفسهم ، وباعتراف أوباما وحزبه وإدارته - متهمة بتشويه سمعة أمريكا ، وتحت حد مقصلة المحاسبة الأمريكية‏

إن مشروع قانون الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون الذي اعتبر وسائل الإعلام التي تتحدث عن الأعمال العدوانية وعن الدم والقتل وسياسات التهديد والتفكيك والحروب الاستباقية ورسم الخرائط الجديدة للمنطقة بمثابة منظمات إرهابية ، وأن الأقمار الصناعية التي تحمل تلك الوسائل منظمات إرهابية ، وأن الدول العربية من الرباط إلى دمشق متهمة بمساندة الإرهاب وتدعمه وتحتضنه، يمثل انتهاكاً صارخاً لحرية الإعلام والفكر والرأي والموقف ، وهو بحد ذاته تكميم للأفواه التي تناهض العدوان ، وتدافع عن حق الشعوب في الدفاع عن خصوصيتها الثقافية والحضارية وعن أرضها وسيادتها‏

في زمن الرئيس بوش ، كان ثمة قرار بقصف قناة الجزيرة ، لأن قناة الجزيرة كانت تقدم للمشاهد العربي نتائج العدوان الأمريكي على العراق على حقيقتها ، من قتل للعلماء وتشريد الناس وهدم للبنى التحتية وسرقة للمتاحف والآثار ، وكيف تحول العراق في ظل الاحتلال إلى نهر يفيض بدماء العراقيين .‏

لقد تم على يد القوات الأمريكية قتل كثير من الإعلاميين ومراسلي الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء العربية والدولية وقصف مقرات إعلامية ، وسيارات بث فضائي بالصواريخ والطائرات والدبابات ، وبشكل متعمد ، لأن تلك الجهات الإعلامية تسلط الضوء على جرائم الاحتلال في العراق .‏

لقد باتت الكلمة التي تفضح الأعمال الإجرامية الأمريكية والإسرائيلية في العراق ولبنان وفلسطين على الدرئية الأمريكية الصهيونية . وهنا نسأل إدارة أوباما: هل قتل الإعلاميين وقتل الكلمة الحرة المقاومة وتكميم الأفواه ، والتهديد والوعيد السبيل لتحسين صورة أمريكا في العالم ؟!‏

إن القرارات العدوانية الأمريكية التي طالت الإعلام المقاوم ، تجعلنا شديدي الاقتناع أن الحرية التي تنادي بها أمريكا ، تدعو العالم إلى الصمت والسكوت الذليل على ما تفعله هي وإسرائيل بحق العرب ومقدساتهم وأرضهم .‏

لقد بات الإعلام المقاوم لجرائم أمريكا وإسرائيل يندرج في إطار المنظمات الإرهابية ، وبات دفاع الشعوب عن حقها إرهاباً ، والصراخ في وجه الوجع والألم اللذين تسببهما أمريكا والصهيونية والغرب إرهاباً ، والتمجيد للعدوان الأمريكي عقلانية واعتدالاً ، تكال له عبارات الثناء والتقدير .. فالولايات المتحدة اليوم ، تمنح الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير للكتاب المعادين لقيم وثقافة شعوبهم ، كما فعلت من قبل مع الكتاب المناهضين لسياسات بلدانهم في زمن الشيوعية ، وكما حدث مع سليمان رشدي، إذ أعطته بريطانيا وسام الفارس ، في حين لاحقت المؤرخ البريطاني «ديفيد ايرفينج» إذ حكمت عليه محكمة نمساوية بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب موقفه من المحرقة «الهولوكست» وكما حدث مع المفكر روجيه غارودي حيث سجن على كتابه «الأكاذيب المؤسسة للصهيونية »‏

في ظل الحرية التي تدعيها أمريكا والغرب ، ممنوع على الباحثين في الغرب إعادة قراءة التاريخ ، فالهولوكست صار بحكم « التابو» أو المحظور، وأي محاولة لنبش الماضي تكلف صاحبها السجن ودفع غرامة مالية كبيرة، ولأي مرات تكلفه سحب شهادته العلمية منه كما حدث للقاضي الألماني «سناجليش مؤلف كتاب »خرافة أوزفيتش فقد كان عقابه سحب شهادة الدكتوراه منه .‏

في عام 2004 أدرج تلفزيون المنار على قائمة المنظمات الإرهابية بقرار أمريكي استكمالاً لقرار فرنسي يمنع بث قناة المنار في فرنسا لسبب واحد هو :لنشره على لسان خبير عربي في الشؤون الصهيونية « إن العدوان الصهيوني يحاول من خلال تصدير مواد غذائية للعالم العربي نشر أمراض مثل مرض فقدان المناعة وتجاهلت أمريكا والغرب ما تناقلته أجهزة إعلامها على لسان حاخام إسرائيلي « العرب أشبه بالصراصير ويتوجب التخلص منهم بالمبيدات الكيميائية » وتجاهلت تلك الفتاوى التي أصدرها الحاخامات الصهاينة بإبادة العرب وحرق غزة .‏

إن مشروع قرار الكونغرس الأمريكي الذي يقضي بوضع قناة المنار اللبنانية والأقصى الفلسطينية والزوراء العراقية على قائمة المنظمات الإرهابية ، واعتبار قمري عرب سات ونايل سات ودولاً عربية جهات راعية وحاضنة للإرهاب ...‏

يؤكد أن مفهوم أمريكا للحرية هو تكميم الأفواه ، وترهيب الشعوب ، وأن إدارة أوباما عاجزة عن إدارة حوار ديمقراطي حر يقارع الكلمة بالكلمة ، وأن ما زال يحكمها الخطاب النرجسي عن الذات والتحقيري عن الآخرين ، والنماذج التوراتية ولاهوت الخلاص و«الشعب المختار».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية