تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ســـيرة الحـــــب.. سنسفيل جدك يا عبد الله

ساخرة
الخميس 28-1-2010م
خطيب بدلة

بعد عدة سهرات عقدت بالمصادفة وجمعت أدباء من بلدنا.. استهوتنا اللعبة، وأصبحنا نسهر بين الحين والآخر، ونتسامر، ونتمازح ونضحك، بعد أن يطفئ الجميع موبايلاتهم ويبعدوا كل أنواع التلفزيونات والفضائيات وما شابه ذلك.

وفي ذات سهرة، وبعد أن تناولنا العشاء، قمت أنا بدور التعريف على أفراد الشلة، ثم عرفتهم على الضيف الجديد القادم من مدينة حارم، الأستاذ فارس جلبان، وتقصدت أن أذكر معلومة لا يعرفها أحد غيري فقلت: زوجة فارس من مراكش.‏

هذه الملاحظة استفزت صديقنا عبد الله فريكة فقال:‏

- كان عندنا في الضيعة واحد خلف إحدى عشرة بنتاً سحبة واحدة ومن دون فاصل منشط، ولئلا يعنسن ويبقين جالسات في خلقته.. فقد فتح باب التزويج على مصراعيه، وصار يقول (أهلاً وسهلاً) لكل من يطلب واحدة منهن، حتى ولو كان من السعودية أو السودان أو الأردن أو موريتانيا.. يا أخي الحق معه، بوده ينفق!‏

ابتسم صديقي فارس جلبان وقال:‏

لعلمك يا أخ عبد الله، زوجتي وحيدة لأهلها، وهي غالية عليهم ومدللة.‏

قال عبد الله: أكيد قلبت لك البيت إلى جحيم وكل يوم تنط وتقول لك بودي أزور أهلي!‏

قال فارس: أخي، درءاً للالتباس، وتوفيراً للقيل والقال، سوف أعطيكم فكرة عن زوجتي، لقد تزوجتها بعد قصة حب لاهبة قبل عشرين سنة، وكنت أعمل هناك، فلما انتهى عقدي جئنا معاً إلى حارم. ومن يومها إلى الآن وهذا الحب مستمر بيننا، وإذا لم يزدد فإنه لا ينقص. وهي لم تسبب لي أي إرباك يتعلق بأهلها أو بشوقها إليهم، وهي تعيش بين النساء الحارميات وكأنها واحدة منهن وبيتنا على طول الخط نظيف ومرتب من دون بذخ، وأمور الأولاد تتابعها دقيقة بدقيقة، فتراها تلحق بهذا الولد لكي يكتب وظيفته المدرسية، وتلحق بالآخر لترتب له حاجياته التي تلزمه أثناء الخدمة العسكرية، وتلحق بالثالث لكي يتعلم ويتثقف ويكون ذا قيمة بين الناس، وأما البنت فتلحق بأمور خطوبتها وتجهيزها للزواج، بعد أن تسلحها بما يلزم من ترتيب وتقانة وأسلوب لبق في التعامل مع الزوج.‏

قال عبد الله فريكة مشدوهاً: وأنت؟‏

قال فارس: إنني متى أعود من السهرة، ومهما تأخرت، أجدها في انتظاري، وكل ما يحلم الرجل أن يجده لدى الأنثى موجود لديها على أكمل وجه، حتى إنها في كل مرة تقول لي (الحمد لله على السلامة) وكأنني كنت غائباً عنها منذ عدة أشهر.‏

نظر عبد الله فريكة إلي مستفهماً مني - بالنظر - عما إذا كان في مقدوره أن (يؤفلم) عليه، فأشرت له أن يأخذ راحته، فتنحنح وقال للضيف:‏

يا سيدي الحال من بعضه. وكل ما في الأمر هو أنك أطلت على نفسك الطريق. أنا يا أستاذ تزوجت امرأة باب دارها يبعد عن باب دارنا عشرين متراً فقط، ومع ذلك لم يكلف أهلي وأهلها أنفسهم عناء المشي في الزقاق، فناولوني إياها عبر السطح الفاصل بين الدارين. وقد عشت معها حتى الآن خمساً وعشرين سنة، عيشة الجخ والرخ، حتى إنني أزين لها بين الحين والآخر الذهاب لزيارة أهلها، فتقول لي (جؤ)، يعني: لا.. لا أريد أن أفارقك فأنت حبيبي وسندي، وكما يقول أهل مصر (كل حاجة في دنيتي!). وكما تفضلت أنت بالنسبة إلى الأولاد، فهي تلحقهم على الدعسة، تلحق الأول لتضربه بالشحاطة، والثاني لتعضه، والثالث تبطحه أرضاً و(تدحه) على ظهره بقبضتها، يعني بالبوكس، وعندما ينام الأولاد، يا عين أخيك، أكون أنا محسوبك قد وصلت إلى البيت، فتستلمني - على قولة فايزة أحمد - من الباب للشباك، لأنه لا يكون قد بقي غيري أمامها، أي: لم يبق في الميدان غير حديدان.‏

قال الضيف: ما فهمت، كيف يعني تستلمك؟ ماذا تقول لك؟‏

قال عبد الله: الكلام يا سيدي منوع. وأحياناً تبقي عندي، وفي أغلب الأحيان تغمق.‏

قال: كيف تغمق؟‏

قال: حسب التيسير، أحياناً تكتفي بجدي الثاني أو الثالث، وأحياناً تصل إلى أول إنسان نزل على أرض ضيعتنا وهو يحمل لقب (فريكة)!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية