تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إســـــــــرائيل .. فلســــــــفة الشـــــــر

شؤون سياسية
الخميس 28-1-2010م
علي سويدان 

  هناك على شواطئ المتوسط في ربوع بني كنعان وتحت أشجار الليمون وبين بساتين الزيتون، في تلك السهول الخضراء وعلى هضابها كانت حكاية الظلم وبدأت أول خطوات الشر تجاه الشرق،

لا أريد أن أسرد تاريخاً من الغيظ الذي يملأ نفوس الصهاينة والأطماع التي تسكن صدورهم جيلاً بعد جيل، ولكني أرمي إلى نمط من التفكير اتسمت به العقلية الإسرائيلية منذ أول احتلال للأرض العربية في فلسطين وما تبع ذلك من سعار الطمع حتى استشرى الاحتلال إلى أراضٍ عربية أخرى.‏

ثمة فلسفة تقوم على الشر في خطط وأنشطة هذا الكيان الذي يغرز أنيابه في قلب الأمة وهو على علم ويقين أنه راحل عن أرضنا طالت الأيام أو قصرت، ففي رصدنا لسلوكه نبرز كثيراً من الملاحظات ونقاط الإدانة لهذا الكيان، فرغم أن جرائم إسرائيل أوضح من أن يشير إليها أحد، لكنَّه الكشف عن مضمون فلسفةٍ ما تنبع من عقول في هذا الكيان تخطط بمحض الأنانية وبعيداً كل البعد عن فكرة المشاركة مع الآخَر أو اقتسام العيش معه، إن أول ما يمكننا رصده في مكونات التفكير عند الصهاينة هي خطوة  إقصاء الآخَر وإلغائه واحتلال مكانه فلا وازع لدى الإسرائيلي أن يقتل خصمَه ويأخذ أرضه وبيته وأرزاقه؛ إن توفر الفرصة أمام عصابات هذا الكيان في عام 1984م لاحتلال الأرض وقتل الإنسان وتشريده، وتوفير الاحتلال البريطاني لفلسطين آنذاك الغطاءَ السياسي والأمني لحركة هذه العصابات كشف منذ الخطوة الأولى عن حقيقة أن هذا الكيان لم يَقُمْ إلا على فكرة إلغاء الآخر، ولم يتغير شيء اليوم فكلما سنحتِ الفرصة أمام هذا الكيان لضرب خصمه والعمل على إلغائه قام بذلك دون أي التفاتٍ لقانون أو عرف أو قيم، فلا القانون الدولي يمثل أي رادع لإسرائيل، ولا أعراف عند الصهاينة تكبح نزعة العدوان على الآخَر! جانب آخر اتسم به نمط التفكير عند الصهاينة وهو أكثر من جليٍّ في أداء الحكومات المتعاقبة لهذا الكيان في المفاوضات مع العرب؛ فقد اعتمد الصهاينة على البحث في الجزئيات والاستغراق فيها مهملين ومتهربين من البحث والتحاور في قضايا أساس في التفاوض؛ إنهم يأملون في فتح ملفات الوضع النهائي للتفاوض مع تجاهل واضح لحقوقٍ ترتبط بالقدس واللاجئين يلزم البت فيها قبل الكلام في قضايا الوضع النهائي، إن صفة المراوغة والحديث في هوامش القضايا والبعد عن قلب المشكلة لَتُظِهرُ عدم جدية الْمُفاوِض وتكشف نوايا أخرى لدى الصهاينة بعيدة كل البعد عن السلام الذي يتفوهون به في المحافل الدولية، وليس خفياً أن أسلوب المماطلة والمراوغة واستغلال عنصر الوقت الذي تعمد إليه إسرائيل سواء في تطبيق القرارات الدولية أو في مسألة رد الحقوق لأصحابها لهو أسلوب لا تهدف منه إسرائيل سوى تضييع الفرصة أمام الآخَر واستغلال الوقت للدفع بالمجتمع من حولها والأطراف الدولية إلى الانشغال بأمور نفَّذَتْها على الأرض بسياسة الأمر الواقع؛ فبينما يكون العرب والعالم منهمكين في إيجاد خريطة مناسبة للسلام في الشرق وتضييق حالة الاحتلال من تعليق لبناء المستوطنات من جهة ومحاولة الضغط على إسرائيل للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجونها تفاجئُ العالم باعتداء جديد أو اقتحام للضفة أو قطاع غزة! إذن هي  فلسفة الشر تُترجمها سياسةُ الزج بالمشكلات في ساحة الآخَر ليبقى مشغولاً عن المطالبة بحقوقه ومنهمكاً بحل المشكلات التي تفتعلها إسرائيل بقصد وكلِّ ترصُّد، وحين تلمس الضعف في  الآخَر لا توفر الجهد بالنيل منه والعدوان عليه، ويسوقنا ذلك إلى أن هذا الكيان لا يفهم إلا لغة القوة وسياسة الردع. Swaidan8@hotmail.com  ">  ‏

Swaidan8@hotmail.com  

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية