تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دبلوماسية القمة والمجلس الاستراتيجي الأعلى

شؤون سياسية
الخميس 28-1-2010م
بقلم الدكتور فايز عز الدين

هكذا كانت الدبلوماسية السورية ولما تزل، حرصها الدائم على العمل العربي المشترك وعلى تعزيز وحدة الصف العربي وتجاوز الخلافات العربية من أجل خدمة المصالح العربية العليا لأمتنا العربية،

ومن أجل مواجهة دولة العدوان والعنصرية اسرائيل التي أصبحت بكل عرف عالمي كياناً اغتصابياً عارياً، ومجرداً من كل أخلاق سياسية، وإنسانية بعد الذي فعلته في غزة وتفعله، والفرصة العالمية تتسع أمام العرب حتى يشكلوا الجبهة السياسية المناهضة لغطرسة اسرائيل وللتهاون الأميركي معها وعدم الرغبة في وضعها عند الحدود اللازمة لها حتى تتراجع عن غيّها الذي تمارسه، وتحترم إرادة المجتمع الدولي وقواه المحبة للسلام.‏

والزيارة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد إلى الجماهيرية العربية الليبية تقع في إطار دبلوماسية القمة التي يتولى فيها سيادته المزيد من عمليات التشاور، والتداول مع الأشقاء العرب تحضيراً للأجواء الإيجابية التي من شأنها أن تحضر البيئة السياسية والقومية للقمة العربية التي ستنعقد في ليبيا في آذار القادم.‏

ومايركز عليه السيد الرئيس في تداوله مع القادة والمسؤولين العرب هو وحدة الوجود العربي ومايتبع هذا من وحدة مصير يتهددها اليوم العديد من التحديات الدولية، وفي طليعتها التهديد المتواصل لدولة العدوان والعنصرية اسرائيل في عدم قبولها لأي حل ينقلها إلى خانة الشريك في السلام، وهاهي تفشل زيارة المبعوث الأميركي ميتشل.‏

وحين يسير الزمن العربي الراهن نحو القمة بعد شهرين تصبح الضرورات في المزيد من التلاقي، والتشاور، والتفاعل حتى تتحدد بمنهج سياسي واحد مواجهات الأمة، والتحديات التي تفرض نفسها عليها وخاصة مانجم وينجم عن حروب اسرائيل العدوانية، ومواصلة الحصار الجائر الذي تفرضه على غزة، والمعوقات التي تضعها اسرائيل في طريق السلام في المنطقة وتطورات الأحداث في الشرق الأوسط، مايستوجب من الدول العربية كافة تجاوز الخلافات، والتضامن، والوقوف معاً بما يعزز العمل العربي المشترك، ويسهم في خروج القمة العربية القادمة بنتائج تخدم المصالح العربية، وتلبي طموحات الشعب العربي.‏

وفي هذا السبيل تناولت مباحثات السيد الرئيس مع أخيه معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من أيلول الأوضاع القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والانقسام الموجود بين الفصائل الفلسطينية وبطبيعة الحال تطابقت الرؤية حول تحقيق المصالح الوطنية بما يساعد في تقوية الموقف العربي لمواجهة الإجراءات والممارسات الاسرائيلة التعسفية ضد شعبنا العربي الفلسطيني.‏

وفي المجال الثنائي بين البلدين الشقيقين تم النظر بالعلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، وجرى التأكيد على مواصلة تطويرها، وتعزيزها في كافة المجالات، وبصورة خاصة المجالات السياسية، والاقتصادية بما فيه الخدمة الكبيرة لمصالح الشعبين الشقيقين، وفي هذا الصدد اتفق الجانبان السوري والليبي على تشكيل مجلس استراتيجي أعلى مشترك حتى تأخذ العلاقات المعنية الدفع اللازم لها في ضخ المزيد من القوة في وحدة العمل العربي، وتقديم النماذج للأشقاء الآخرين حتى تكون هذه التجربة مثالاً يقتدى في العلاقات العربية - العربية التي آن لها اليوم أن تشهد المزيد من التعاون والتعاضد والتآزر في عالم تحولات غير مطمئنة، فمن جهة تمزقه الأزمة الاقتصادية الدولية، ومن الجهة الأخرى تفتقد القيم الروحية، والأخلاقية تمسكاً بعالم المال والمادة والأنانية المفرطة كما جاء في صحيفة لوفيغارو في عددها يوم 14/1/2010.‏

وإزاء هذه الحالة الدولية تطرق الحديث بين السيدين القائدين إلى آخر المستجدات الإقليمية، والدولية ومافيها من احتمالات منتظرة للبؤر المتفجرة، ومنها مايتعلق فينا من العراق إلى الأراضي العربية المحتلة إلى السودان وكيف تنعكس هذه الأحوال بالخطورات على مسائل الوجود العربي، الأمر الذي يقتضي المزيد من اللقاءات بين القادة كما جرى في الظروف التي سبقت القمة الماضية في الكويت، والدور الهام الذي لعبته دبلوماسية القمة السورية في تنقية الأجواء، وتعزيز روح التضامن العربي والاستعداد - بالقيم القومية المستقلة- للمزيد من القرارات الملبية لطموح الأمة من قمة قادتها ومسؤوليها.‏

والمحصلة ستبقى سورية دوماً في ظل هذه الدبلوماسية الإيجابية والمبدئية والمسؤولة عنواناً للحرص السياسي العربي على تطوير الإرادة الذاتية العربية، والانطلاق منها في معالجة قضايا العروبة، والتحديات التي تواجهها، وحين كان السيد الرئيس يدعو إخوانه العرب وأشقاءه إلى المزيد من تغليب المصالح العربية، ويطلب إلى الجميع أن يكون القرار العربي محصناً بالحقوق، وبالرغبة في الدفاع عنها، وفي ممارسة كافة أشكال المقاومة من أجلها ذلك لأن التجربة التاريخية مع اسرائيل، وأميركا ومن يساند سياستهما تقنع بأنهم لن يقدموا الحلول التي تناسبنا نحن العرب في سلام عادل، وشامل بل يقدمون الحلول التي على مقاس الرغبة الاسرائيلية فيها، وبهذا سوف تأتي حلولاً على حساب كل حق عربي وثابت ووجود.‏

وإذا كانت السياسة الأميركية اليوم في بداية العام الثاني على تولي الرئيس أوباما غارقة بمشكلات هي من طبيعة مشكلات السنة الأولى له على حد قول مجلة فورين بوليسي الأميركية وتتمثل بأزمة الاقتصاد العالمي الهش، والحرب المتعثرة في أفغانستان والخوف من يغرق العراق بأتون الفوضى، والملف النووي الإيراني والكوري والشمالي، والأزمة الصومالية، وأخيراً عملية السلام في الشرق الأوسط فإن القمة العربية تصبح مدعوة أكثر للتفكير بكيفية أن نخدم أنفسنا نحن العرب ولاننتظر من الآخرين شيئاً كما يلح عليه دوماً السيد الرئيس بشار الأسد في كل قمة عربية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية