تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأزمة الإيرانية.. بين سياسات التصعيد وازدواجية الموقف?!

دراسات ترجمة
الأحد 9/10/2005م
مها محمد

ها هي الأزمة الايرانية تلي الأزمة العراقية وقد برزت العناصر ذاتها التي اجتمعت لحرب العراق,

جورج بوش, أسلحة الدمار الشامل أو السلاح النووي, الشرق الأوسط, البترول والإسلام, لكن بالرغم من هذه المصطلحات المشتركة فإن ما تفضي إليه الأزمتان مختلف أساساً فالأزمة العراقية دمرت نظاماً كان قائماً دون أن ترسي قواعد جديدة للعبة لكنها شوشت العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها وسببت حالة الفوضى في الشرق الأوسط بينما الأزمة الايرانية توحي بأنها قد تكون فعلاً مؤسساً لما سيكون عليه النظام الدولي مستقبلاً وللأسف فإن المعطى الجديد لن يوافقه الحظ ليتلاءم ومصالح الديمقراطيات الأوروبية.أما الرهان الذي يعتبر الأهم من حيث طبيعته الحاضرة فيتعلق بمستقبل النظام العالمي والذي يتوقف على مدى الحد من انتشار التسلح النووي وكان هذا النظام قد وظف بشكل ملحوظ وفعال حتى نهاية التسعينيات وكانت دول عديدة قد تخلت عن مشروعها لامتلاك السلاح النووي منذ توقيع معاهدة وقف انتشار التسلح (TNP)عام 1968 مثل البرازيل والأرجنتين وتايوان وكوريا الجنوبية, إنما أضيف الى القوى الخمس النووية الكبرى ثلاثة بلدان لم توقع على المعاهدة وحازت على السلاح النووي هي إسرائيل منذ نهاية الستينيات والهند كانت أول تجربة لها عام 1974 ثم الباكستان وأصبح بحوزة هذه الدول قنابل نووية فلماذا التركيز على ايران?‏

يبدو أن هناك تفرقة نووية تسمح لبعض البلدان بالتخصيب النووي بينما لا تسمح للبعض الآخر والتناغم الأوروبي الأميركي لعدم ترك ايران القيام بأنشطة نووية هو بدافع المصالح الحيوية محاولين إجبار ايران على التقيد بقواعد قرارات وكالة الطاقة الذرية وذلك بزعم أن امتلاك ايران للسلاح النووي سيخلق شرق أوسط غير مستقر وسيصبح قاعدة عامة لدول الشرق الأوسط وستكون نهاية معاهدة الحد من انتشار التسلح لكن الأوروبيين لم يشيروا الى الاستثناء الذي تشكله إسرائيل بامتلاكها القديم للسلاح النووي. وبمواجهة رهان من هذا الحجم فإن فرضية اللجوء الى القوة ضد ايران لها مخاطرها لأن الهجوم العسكري سيصطدم بحواجز عديدة حتى بصرف النظر عن فقدان الثقة الذي فرضته الحرب على العراق وكشف الكثير من الأمور .‏

ثم إن الصعوبات التقنية لتسديد ضربات فعالة هي كبيرة والتأثير لمدى طويل على البرنامج الايراني لا يمكن أن تحققه عملية كالتي تمت عام 1981 عندما ضربت إسرائيل المفاعل العراقي وأكثر من ذلك فإن هكذا ضربة قد تصعد التوتر بين الغرب والعالم الإسلامي لدرجة خطيرة يضاف الى ذلك أنها ستولد احتمال حرب ايرانية في مواقع النفط وبالتالي ستطال الاقتصاد العالمي.‏

وبين اللجوء الكارثي الى القوة وسياسة التهدئة مع الحفاظ على عدم متابعة النشاط النووي فإن بروز موقفي روسيا والصين خفف من حدة القرارات التي تدعو الى احالة الملف الى مجلس الأمن حيث عبرا بوضوح عن رفضهما لرفع الملف الى مجلس الأمن. وإذا كان موقف الصين أساسي وجوهري بالنسبة لإدارة الأزمة في كوريا الشمالية فإن هذه الحقيقة تنطبق أيضاً على الأزمة الايرانية. وفي هذه القضية يمكن للصين أن تقرر الالتزام على المدى المنظور بالدفاع عن مصالحها الطاقية سواء بالحصار أو بالتأجيل في مجلس الأمن للقرارات الصادرة والتي من شأنها أن تطوق قرار مجلس الأمن القاضي بمحاصرة النظام الايراني بصورة قسرية, ويمكن للصين أن تأمل بالحصول على منفذ مميز الى مصادر الطاقة الايرانية من غاز ونفط وهذا يتفق من الناحية الاقتصادية مع الخط الذي اعتمدته الصين في مجال تطوير علاقاتها الدولية, وفي هذه الأثناء لا يمكن تجاهل نتائج تعويض نظام عدم انتشارالتسلح في آسيا الشرقية سيؤول وطوكيو وتايبيه.‏

أيضاً يمكن أن تلعب الصين دور المتضامن والداعم ولا سيما في مجلس الأمن على أمل أن إقامة جبهة مشتركة يمكن أن تعيد ايران الى طاولة التفاوض مع احترام كامل تعهداتها والتزامها بعدم تطوير برنامجها النووي بمعنى آخر فإن الأوروبيين كما الأميركيين مصالحهم المشتركة في الأشهر القادمة تقتضي تشجيع بكين بالتصرف بصورة بناءة على غرار التعاون الحاصل بين المفاوضين الأوروبيين وروسيا حول الملف الايراني . وهنا يتعلق الأمر بتوافر شروط هامة من أجل نجاح السياسة الأوروبية التي تحاول العودة بايران عن طريقها في تطوير برنامجها لكن ما هو المقابل? بإمكان بكين أن تقدم دعماً محتملاً في مجلس الأمن على حساب تايوان وهنا ستكون فرصة لاختبار صرامة بكين وتوجه ما يسمى (التهيئة السلمية) للصين. إن عالماً متعدد الأقطاب بدأ يرتسم في الأفق (سينو أميركان) دون أن يكون هناك تحديد لدرجة الخصومة أو الوفاق, وما نعرفه- نحن - الأوروبيين- أنه بالنسبة لواشنطن كما بالنسبة لبكين فإن العلاقات مع أوروبا ستكون تابعة لمواقفنا حيال المواضيع الأساسية في العلاقات سينو أميركية وكنا قد قمنا بتجربة أولى في مسألة رفع الحظر الأوروبي عن مبيعات السلاح للصين وكان من شأن الأزمة الايرانية أن تسرع وتقوي هذا التحرك.‏

شرط آخر هام لنجاح الجهود الأوروبية بشأن الأزمة الايرانية يتعلق باستعداد الولايات المتحدة في إعادة النظر وقلب علاقاتها رأساً على عقب مع ايران لكن يبدو الأمر كذلك فجورج بوش ليس ريتشارد نيكسون وكونداليزا رايس ليست هنري كسينجر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية