أنف ( أقنى ) يتحالف مع شفتين بالغتي الرقة وعينين واسعتين يتناوب عليهما مكر ملتبس وصدق حاسم .
يحتمل وجهها تأويلات كثيرة بسبب العواطف الغامضة التي تدلف من تعابيره .. مثلما تبدو ملكة شفافة يمكن لها ان تبدو كقرصانة لاترحم..?!
هذه غريتا غاربو التي تسيدت على عرش هوليود حتى تنازلت عنه بكامل إرادتها وفي ذروة جمالها .. في السادسة والثلاثين من عمرها ..
هاهي الاوساط الفنية في مختلف أنحاء العالم تحتفل بمئوية الممثلة السويدية ( غاربو ) عبر تنظيم معارض وندوات مختلفة عن حياتها حتى عائلتها التي حرصت طويلاً على حجب أسرارها من خلال عدم فتح أي أرشيف خاص بها ..
الى ان صدر حديثاً كتاب مصور عن دار ( فلاماريون ) الفرنسية بعنوان ( غاربو .. صور .. اسطورة )
رغم ابتذال كلمة ( اسطورة ) التي أصبحت كلمة لصيقة بكثير من النجوم على حساب شرعيتها في وصف النجم المفترض لكن حتما غاربو من الوجوه التي يندر ان تمر بقرن كامل على حد وصف المخرج ( ستيلر )
ربما لهذا لفتت انتباه الاديبة الفرنسية ( فرانسوازدوكو ) يوم أصدرت كتاباً عنوانه ( غريتا غاربو, اليقظة في نومها )
تقول دوكو التي أسمتها ( النجمة المضادة ) : ( لم تكن في الواقع سوى موظفة مستخدمة نهارها كنجمة كان يمر هكذا : نهوض رياضة , سيارة , ستديو , عمل , وجبة طعام , عودة الى البيت في الخامسة مساء ..)
غاربو كان لقاؤها مع النجومية محض قدر متنكر بهيئة صدفة عادية , عندما حدث وان التقاها أحد مصممي أزياء القبعات النسائية في أحد متاجر ستوكهولم حيث كانت تعمل وهي لم تبلغ بعد الخامسة عشرة من عمرها .. التقط ذلك المصمم صوراً للبائعة الصغيرة وهي تعرض القبعات ونشرت في المجلات المحلية لتكتشفها هوليود ?!
وتعرف غاربو شهرة على مستوى عالمي بأدوار شهيرة ( الملكة كريستين ) وفي عام 1941 تقرر الاعتزال دون ان يصدق ذلك أحد من السينمائيين في هوليود .. الذين ظلوا يحلمون بعودتها الى السينما حتى وفاتها في عام 1990 ..
عرف عنها انها تصفف شعرها دون عناية , ترتدي ملابس السبور دون تأنق ولتجتنب عدسات المصورين كانت ترتدي الثياب الرجالية وبسبب عنادها في حجب تفاصيل حياتها الشخصية الذي استمر طوال سنواتها الهوليودية .. تناولتها الصحف و المجلات بالكاريكاتور فصورتها بملامح أبي الهول .
رغم المحاولات الجريئة لكثير من المصورين التي بلغت حد الوقاحة في أحيان كثيرة لكن غاربو أصرت على موقفها الصارم تجاه المعجبين حتى النهاية .. وحافظت على سرية كل ماله شأن بحياتها بل حتى ذوقها لم تكن تصرح به أو تفصح عنه كأن تقول ماذا تحب من الاكل أو من الالوان .. كانت تأكل وتلبس فقط وأصبح وجهها البارد قناعها المفضل لتجنب فضول من حولها .
كانت تحب ركوب الخيل لوحدها وتقطع مسافات طويلة عبر الغابة المجاورة لبيتها الذي اختارته منعزلاً بعمق غابة ليشبه موطنها السويده .. متمسكة بذكريات قلما عرفها أحد حتى وسيلة تنقلها كانت ( بويك ) قديمة بدل ( الليموزين ) المفضلة في هوليود ..
كرمتها السويد قبل بضع سنين من خلال تنفيذ آخر وصية لها قبل مماتها وهي نقل رفاتها الى وطنها ... حيث دفن رمادها في استوكهولم .. لتشترك مع كل كائنات الارض بميزة الشغف بمسقط الرأس على طريقة سمك السلمون ?!
أن نموت حيث نولد أمنية تشبه اللغز المفهوم لكنه غير محلول ?