اتخاذ القرار المؤسساتي السليم ولا سيما في القضايا والموضوعات الاستراتيجية وليس الاجرائية اليومية, ووزارة النقل من بين الوزارات القليلة التي أحدثت مجلسا استشاريا متميزا بأعضائه واجتماعاته الشهرية والأفكار والدراسات والقضايا المطروحة فيه..وبالتالي بالقرارات المتخذة, فهذا المجلس يرأسه السيد الوزير المهندس مكرم عبيد ويضم معاوني الوزير والمديرين المركزيين في الوزارة وعددا من المتخصصين في شؤون النقل (البري-البحري-الجوي-السككي) من الجامعات والقطاع الخاص..ودائما نعمم محاضره على كافة المؤسسات والشركات والمديريات التابعة للوزارة أولا لتنفيذ ما يخص كل منها..وثانيا لإطلاع الجميع على عمل الوزارة وخططها والأفكار والمشاريع المطروحة والمقترحة..وثالثا لتلقي أي إضافات أو مقترحات حول ما يطرح من أفكار ودراسات, ورابعا لتكريس العمل المؤسساتي في عمل هذه المؤسسات والشركات..الخ.في مادتنا الصحفية لهذا اليوم نتحدث عن دراستين مهمتين قدمتا في آخر اجتماع للمجلس الاستشاري والذي عقد برئاسة وزير النقل بتاريخ 29/9/2005 الأولى أعدها الدكتور بسام المحمد حول بنك المعلومات وعملية اتخاذ القرار ومشكلة عدم توفر المعطيات اللازمة..والثانية أعدها الدكتور ابراهيم عميرة حول آفاق تطوير وتحديث النقل الطرقي في سورية..ونخلص الى مقترحات وتوصيات كل دراسة والمناقشات التي دارت بشأنها.
بنك المعلومات
بعد أن تحدثت الدراسة بإسهاب عن تقنية قواعد البيانات في نظم اتخاذ القرار وعن مكونات نظام دعم القرار وأهم الاعتبارات الواجب اتخاذها عند تصميم بنوك المعلومات..والمكونات الأساسية لهذا البنك, والبرمجيات التطبيقية, وبنوك المعلومات التي تحتاجها الوزارة, ومحتويات تلك البنوك خلصت الى التوصيات والمقترحات التالية:
-العمل على وضع الأسس السليمة لبناء بنوك المعلومات انطلاقا من الوضع الراهن لمختلف الفعاليات التابعة للوزارة.
-العمل على دراسة ما وصلت اليه الفعاليات المختلفة في عملية الأتمتة وبناء قواعد البيانات والانطلاق منها لتصميم بنوك معلومات مبني على أساس شبكة من الاتصالات السريعة مع تحديد كافة متطلباتها من التجهيزات والبرمجيات الخاصة بإدارتها والتحكم بها.
-وضع وتحديد دفاتر الشروط الفنية للبرمجيات التطبيقية لبنوك المعلومات وتحديد آلية الربط بين قواعد بيانات مختلف الجهات العاملة بالوزارة.
-العمل على تأهيل وتدريب كادر فني متخصص في هذا المجال.
-تأمين المكان المناسب والامكانيات المادية والمالية لإنجاح هذا المشروع الحيوي للوزارة.
آفاق تطوير النقل الطرقي
تحدثت الدراسة عن الوضع الراهن للنقل الطرقي من كافة الجوانب وميزات كل من النقل الطرقي..ونقل الركاب ونقل البضائع وخلصت الى عدة استنتاجات ومؤشرات حول واقع نقل الركاب والبضائع أهمها:
1-أسطول السيارات قديم, تكاليف الاستثمارية باهظة.
2-أسلوب التشغيل السائد (ملكية فردية للسيارات+اشراف حكومي ضعيف) يحقق معدلات تشغيل واستثمار ضعيفة جدا.
3-النقص في الاستطاعة النقلية وتدني مستوى الخدمة والتشغيل في قطاع نقل الركاب واضح وبيّن في المدن والمحافظات.
4-الاعتماد على وسائط نقل ذات استطاعات نقلية صغيرة ما أدى الى اختناقات مرورية وتلوث بيئي.
5-هناك حجوم نقل بضائع لا يمكن لأسلوب تشغيل السيارات الشاحنة السائد أن يتصدى لها خلال فترات قصيرة معقولة مثل الحبوب والطحين والقطن والشوندر السكري-الاسمنت-الفوسفات-الخضار والفواكه-الاستيراد والتصدير.
بعد ذلك تحدثت عن أبرز الاتجاهات المطلوبة لتحسين نظام نقل الركاب حيث ذكر معد الدراسة في هذا المجال ما يلي:
الإسراع بإحداث الهيئة العامة لتنظيم نقل الركاب من خلال استصدار قانون نقل الركاب العام لتكون الجهة الرئىسية التي تشرف وتدير قطاع النقل العام, واللجوء الى أنماط النقل ذات السمات والاستطاعات النقلية الكبيرة مثل (تروليباص-ترام-مترو) ودعم شركات النقل الداخلي في محافظة دمشق-حلب-اللاذقية-حمص بباصات جديدة ذات سعات متوسطة وكبيرة, وتأمين القطع التبديلية اللازمة وإجراء الصيانات الدورية, وتخصيص حارة خاصة لمرور الباصات ووسائط نقل الركاب الأخرى التاكسي لتكون بمعزل عن وسائط النقل الأخرى إن أمكن ذلك, وتنظيم عمل سيارات التاكسي الأجرة والاتجاه ليكون عملها ضمن شركات وتخصيصها بمواقف خاصة وتشجيع إحداث شركات راديوتكسي, وكذلك السعي من قبل السلطة الإدارية والمحافظة ومجالس المدن لتأمين مرآب خاص لوقوف السيارات وإعداد دراسة شاملة لتطوير منظومة النقل وتشجيع وجذب القطاع الخاص والمشترك للمشاركة في تخديم خطوط النقل الداخلي في المدن وتخفيض الطلب على النقل وتعديل ذرواته كدفع الفواتير المختلفة (ماء-كهرباء-هاتف) في صالة واحدة ضمن كل حي, وإزاحة زمن بدء ونهاية الدوام في الجهات الرسمية مع الهيئات الرسمية وإحداث النظام الدائم والمستمر بإحصاء جميع المعلومات عن منظومة النقل والمرور ووضع خطة متكاملة في كل مدينة وإقليمها لإقامة وتطوير منظومة النقل والمرور وتشكل جزءا أساسيا من المخطط التنظيمي العام لهذه المدينة وبحيث تعتمد هذه المنظومة على وسائط النقل الجماعية المعروفة, وكذلك تأسيس شركة مشتركة أو أكثر لاستخدام الغاز الطبيعي في سيارات الأجرة والميكروباصات والباصات, وأيضا إقامة المرائب تحت الساحات والحدائق وفي مراكز انطلاق وسائل النقل الجماعي, وإقامة المعابر السفلية والعلوية لتنظيم وترتيب حركة المشاة وفصلها عن حركة السيارات, وتحسين نظام صيانة وإصلاح المرافق الصحية العامة (شبكات المياه-الهاتف-الكهرباء..الخ), تجنبا لإضعاف الطاقة المرورية للشوارع, وتنفيذ الطرق العامة وفق المواصفات العالمية وإجراء الصيانة الدورية وإنشاء التقطعات متعددة المستويات, وتشميل سيارات الركوب المتوسطة والكبيرة (الميكروباصات-الباصات) بالمرسوم 197 لعام 2005 القاضي بتخفيض التعرفة الجمركية للسيارات السياحية وكذلك بالمرسوم 60 لعام 2001 القاضي باستبدال السيارات السياحية وما في حكمها.
اتجاهات تحسين نظام نقل البضائع
أما الاتجاهات التي تراها الدراسة ضرورية لتحسين نظام نقل البضائع في سورية فهي:
استخدام الطرق الحديثة في تنظيم نقل البضائع بما في ذلك طرق البرمجة الخطية والحاسب الالكتروني والاستفادة من خبرة وتجارب الدولة المتقدمة في هذا المجال, وتقديم التسهيلات لاستبدال الملكية الفردية لوسائط النقل ونظام مكاتب نقل البضائع بنظام الشركات من كل الأنواع (الشركات المساهمة, الشركات المشتركة, الشركات الخاصة-الحكومية) وتشميل السيارات الشاحنة بالمرسوم رقم 60 لعام 2001 وبالمرسوم رقم 197 لعام ,2005 تحديث أسطول نقل البضائع وزيادة عدده وتخصصه وتأمين وسائل التحميل والتفريغ وذلك عن طريق تشميل السيارات الشاحنة بالمرسوم 60 لعام 2001 وبالمرسوم 197 لعام 2005 القاضي بتخفيض الرسوم الجمركية, وإناطة تحديد التعرفات بإدارات الشركات المقترحة بدلا من وزارة الاقتصاد والتجارة, وكذلك أتمتة الأعمال في المراكز الحدودية للوصول الى الاحصائيات الفعلية حول النقل الدولي, وإعادة النظر بالهيكلية الخاصة بمكاتب نقل البضائع وإيجاد الصيغ العملية لدورها وبما يكفل ويحقق استثمار هذه الوسائل في إطار الجدوى الاقتصادية المناسبة لها, وإزالة العوائق التي تحد من تطوير ونمو قطاع النقل (تعديل القوانين والأنظمة والتعرفات والبدلات..), وتطوير الهيكل التنظيمي لمكاتب الدور وإيجاد الإدارات المعنية بعقود شحن البضائع وعقود التأمين لكي تصبح بمستوى شركات النقل الاستثمارية وأمثالها لتعطي الطمأنينة والضمان لأصحاب البضائع وتفعيل العمل بالاتفاقيات الدولية الثنائية بما يسهل عمليات النقل وفق مبدأ المعاملة بالمثل وخاصة بالنسبة لموضوع تأشيرات الدخول, وتأمين التنسيق والتكامل بين نقل البضائع بالسيارات وأنماط النقل الأخرى (النقل المتعدد الوسائط) النقل من الباب الى الباب وتحسين وسائل الاتصال بين أطراف العملية النقلية, وفرض غرامات مالية فعالة على الجهات المسؤولة عن تأخير التحميل والتفريغ.
متابعة التنفيذ
بعد استعراض الدراستين ومناقشتهما من قبل أعضاء المجلس أكد السيد وزير النقل على ضرورة أن يتم إنجاز بنك المعلومات المركزية وتجاوز كافة الصعوبات القائمة بأقرب وقت ممكن طالبا الاستعانة بالخبرات المحلية والأجنبية في هذا المجال..كما أكد على ضرورة تعميم الدراستين لتلقي وجهات النظر أو أي اضافات أو تطويرات من قبل الآخرين في جميع الجهات ومن ثم اتخاذ الاجراءات اللازمة لمتابعة تنفيذ المقترحات والتوصيات الواردة في كل منهما ولا سيما في ضوء ما تمت مناقشته وإقراره داخل اجتماع المجلس الاستشاري.
ختاما
نشير أخيرا الى ضرورة المتابعة الجدية لما يتم اتخاذه من توجيهات وتوصيات خلال اجتماعات المجلس..والى ضرورة إنجاز العمل الموكل لهذه الجهة أو تلك دون تأخير وليس كما حصل في بعض القضايا التي أشار اليها الوزير وبعض أعضاء المجلس في الاجتماع الأخير طالبين الإسراع بالعمل واستدراك الزمن الذي فات لإنجاز المطلوب. وعلى سبيل المثال (إعادة النظر بتطوير استراتيجية قطاع النقل حتى عام 2020- اقتصاديات قطاع النقل المتعدد الأنماط وتقييم أدائه- الدراسة المطلوبة من فريق العمل الذي تم تشكيله حول وضع المطارات في سورية).