|
الشباب والتقليد.. بين الوهم الجميل والحقيقة المرّة مجتمع
> وهذا زهير طالب في الثانوية 18 سنة قال لنا: أحب الاستماع إلى الأغاني الغربية الصارخة فالأغاني العربية تبدو لي مملة وبطيئة الإيقاع وتصب في منحى واحد. > وعند مشاهدتك ليوسف يخيل إليك من طريقة لباسه أنك انتقلت إلى أحد شوارع نيويورك حيث القمصان الفضفاضة والقبعات الغربية والوشوم المتناثرة هنا وهناك .. لماذا تفضل هذا اللباس, يروقني ارتداؤه وأرى أنها أفضل من التي لدينا. ومن ثم كان لنا محطة ممن التقيناهم لاستطلاع آرائهم لمعرفة حقيقة مايعرضونه فهو بمثابة ذر الرماد على العيون ترى هل تأثروا أم أثّروا? تعالوا معنا نقرأ ما يقولونه في هذه السطور. التطلع إلى متطلبات العصر > رشا طالبة معلم صف : أعدها ظاهرة أتت من الغرب وأكثر شيء يزعجني فيها اللباس الخارجي الذي يرتديه هؤلاء الشباب والفتيات بقولهم (هيك الموضة ). > وتتابع زميلتها سوسن علي ما انجزته الموضة بنظرهم هو قلة الوعي فأصبحت الأسرة غير قادرة على ضبط الأمور والشباب حلمهم التطلع إلى متطلبات العصر بنظرة غربية. > وتدخل على الحديث ديما إبراهيم بالقول: التطور نحبه كلنا ولكن ألا ننساق إليهم بكل الأشياء فنأخذ بعضا منها ونترك البعض الآخر والثلاثة قد اجمعوا على أن هذه الظاهرة ترجع إلى قلة الوعي لدى شبابنا وضعف في الشخصية ولابد من الرقابة الإعلامية والأسرية على السواء. > نور الضعضي طالبة معهد مصرفي: وبشيء من الجدية والجرأة تقول: إنها حالة (للإغراء) تتمثل في ألبستهم وتصرفاتهم فلابد أن نقودهم إلى الحوار والتقارب مع وجهات نظر الأهل وإذا انعدم هذا الحوار لن يستطيعوا أن يضبطوا أولادهم خارج المنزل لذلك سوف يتصرفون على هواهم. عائلات ذات مظهر غربي > بسام تلجه إجازة في الحقوق وطالب دراسات عليا وغلب في طبعه الإصرار على أن هذه الظاهرة سببها الأهل وليس الجيل نفسه ويقصد تحديد الأهل المتأثر بهذه الحالة وانتمائه إلى بعض المجتمعات ذات العادات الغربية وأكد على أن هذا الجيل هش فالجيل الواعي المنضبط لاتخرج منه هذه التفاهات ومانراه اليوم ان تربية عائلاتنا لأولادها هي تربية من منظور غربي على الطريقة الغربية فالحل ينطلق مع الجيل الآتي لأن الذي انكسر لايمكن الرجعة إليه. > أما ألحان غصون طالبة كلية التربية قاطعته بالقول : نحن الذين هيأنا لهذه الظاهرة ولدينا القابلية للتمسك بكل شيء غريب لمجرد انه تقليد أعمى وليس لدينا الوعي, تقول العولمة لعبت دوراً كبيراً في غزو عقولنا بأي طريقة بصرف النظر عن لب الموضوع وانجرافنا نحو القشور فلابد من تحصين أنفسنا والانطلاق منها فالتقليد الأعمى عمل خاطئ وليس موضة. تآلف اجتماعي > بدر الدين عاري ماجستير شريعة: له وجهة نظر مختلفة عما قرأناه آنفاً إذ أكد على الضوابط وباعتقادي هي ليست ظاهرة سيئة نطلق العنان لها فلابد من تحديد الظاهرة بنقاط الصح أو الخطأ ومن الممكن أن نأخذ من أي إنسان آخر من الشرق والغرب على حد سواء بغض النظر عن جنسيته من أجل خير الإنسانية فنأخذ مايتناسب مع مستوانا العقائدي والديني ونترك الأشياء التي لاتناسب عقليتنا وفي النهاية أرى في الظاهرة تآلفاً اجتماعياً وهذا أمر طبيعي ويتغير من زمن إلى زمن ومن بيئة إلى بيئة. > ماهر وهبه علي مهندسان متخرجان: كانت فكرتهما التعلق بقلة الوعي إذ أكدا أن هذه الظاهرة موجودة في بعض مجتمعاتنا ومحصورة في فئة معينة هي التي تملك كل الرفاهية وسبل الحياة الرغيدة أو بعض الشباب السطحيين وعبرا عن طموحهما بأن نأخذ من تجارب الآخرين في المجتمعات الغربية الصدق والالتزام وحب العمل لكن للأسف لانأخذ منهم سوى القشور أمتأمرك أنت?! > نسرين الخطيب طالبة أدب عربي : في حديثها وعي لواقعها فهي تقول ظاهرة تقليد الغرب موجودة ليس في لباسنا وحركاتنا فقط بل أصبحنا نتعامل معها في البيت فهي أمر واقع فمنهل ثقافتنا اليوم هو عبر التلفزة أو من خلال حبنا إلى الغرب نأخذ منهم أي شيء حتى نواكب التطور سواء مايناسبنا أو لا يناسبنا. وطرحنا عليها السؤال: > هل صادفك هذا النوع من الشباب? >> نعم وأقول له: أمتأمرك أنت? لماذا تفعل بحالك هكذا? فيجيبني على الفور: نعم إنني أمشي على الموضة وأشبه ستايل الممثل الفلاني أو المطربة الفلانية. > إلى من تنسبين هذه الظاهرة? >> لإعلامنا الضعيف ولقلة الوعي فمعظم ثقافتنا تلفزيون ولم اعد أرى إنسانا يقرأ أو يسمع إلى المطربين القدامى كما كان عليه الجيل السابق, وما الحل برأيك? لايمكن العودة إلى الماضي فلابد من التركيز على الخلية الأولى الأسرة لأنه عندما نكبر لابد أن نحدد مسار حياتنا واعرف نفسي وأقول من هي نسرين وما الذي يناسبها وما الذي لايناسبها من العادات عندها أنام على الوسادة وأنام مرتاحة واعرف بأنني لست على غلط أو خطأ ما. مع باحث وصحفي وبعد أن استطلعنا الآراء يمكن القول ما رآه ابن خلدون أن التغير الثقافي بين متصارعين يجعل من الطرف الضعيف يقلد القوي بما يختلف فيه عنه لاعتقاده أن ذلك هو سبب نجاحه فالتقينا الأستاذ أنس حبيب الباحث والصحفي. > ما الذي قادنا إلى هذه التبعية وما الذي يدعو شبابنا إلى أن يقلد الغرب أهو الهرب من ذاته وواقعه وهويته بتقمص شخصية ليست له,أو لغة ليست لغته? >> في تقديري إن لذلك أسبابا عديدة ومتداخلة, وعديدون يشتركون في المسؤولية حيالها بدءاً من الشخص نفسه مروراً بالعائلة والمدرسة وأسلوب الحياة في المجتمع ويستطرد ليقول التبعية للغرب هي ثقافة يفرضها واقع وأسلوب ومنهج, وللطرف الآخر دور مباشر فيه بما يملك من مؤثرات تستهدف التغلغل في عقول الناس وفقا لخطة مبرمجة للقبول طوعاً بتلك الثقافة بما تحويه من قيم رديئة ومستهجنة, بل وتأصيلها كي تكون البديل عن قيم المجتمع الأصيلة وتكون هي المقبولة لاسيما في أوساط الشباب. > تطغى النظرة الفوقية والمظاهر البراقة على نفوس بعض شبابنا فكيف ننميها ونوظفها لخير الناس?. >> أسمح لي بالقول إن المشكلة ليست في ماذا يأكل شبابنا أو ماذا يلبسون.. بل المشكلة هي كيف نفكر ?.وكيف نستثمر العقل وكيف نتعامل مع الآخرين بحب وأخلاق وتسامح ومودة ,وما أظهرته العولمة وثورة الاتصالات إلى انهيار الحدود وفقدان الأشخاص لدورها التقليدي والتدخل في شؤون شبابها فيما يكتبون أو يقرؤون فتطغى النظرة المادية على العالم اليوم وتتسابق على المظاهر فهو يبرز بشكل لم يكن معهودا عداك عن غزو التقليعات الغربية لحياتنا من كل جانب فنلاحظ شيوع الأزياء الغربية وصوراً مستهجنة من قصات الشعر ومظاهر الاحتفالات وغيرها أما الضحية يقول حبيب فهي فقدان الهوية والتقاليد والإثقال على النفس مادياً ومعنوياً لمجاراة المجتمع فلابد ان نحتاج إلى جهد منهجي منظم يشترك فيه الجميع ويوفرون له الإمكانيات المطلوبة. > ماهي المطالب التي يجب مراعاتها في التعامل مع الشباب? >> إعطاء الشباب مساحة من الحرية في الاختيارات والهوايات وعدم اقتحام عالم خصوصيات الشباب. والتعامل مع الشباب بود ومحبة والحق في خوض التجارب واختيار أصدقائهم والاحتفاظ ببعض خصوصياتهم. وتقبل واحترام الكبار لرأي أبنائهم الشباب واعطائهم الحرية ولا بأس من الخطأ لكن الواجب عليهم تحمل مسؤولية الحرية والخطأ والإعتراف بالخطأ عند وقوعه. من هنا نرى بأن غياب القدوة المؤثرة عامل مهم في تطور التقليد الأعمى فأمام إهمال الأهل وأمام توضع المؤسسات التعليمية وأمام مايبثه الإعلام الفضائي ومقاهي الانترنت وأمام اندثار القدوة الصالحة المؤثرة التي تخالط المجتمع ولاتكتفي بإلقاء النصح من فوق برج عاجي فلن نجد الشباب هم الملومون فقط. لقد خلف لنا التراث العربي الكثير من الحكم والأقوال المأثورة التي نستطيع أن نضعها نصب أعيننا لتقويم أنفسنا منها قول الجاحظ عن عقبة بن أبي سفيان وقوله إلى مؤدب ابنه: ( ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بيئتك إصلاح نفسك , فإن عينهم معقودة بعينك, والحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت) . وعندما نعلم أبناءنا حقيقة مانملك.. عندما يرون جمال مانملك.. عندما يتذوقون حلاوة ما نمتلك من ثقافة ومن مبادئ وقيم .. حينها فقط من الممكن القضاء على حالة akrosh@yahoo.com—M ">التقليد. akrosh@yahoo.com—M
|