|
خمس سنوات على إحداث مكاتب التشغيل ... المكاتب ليست جهة حصرية لتأمين فرص العمل 00 وتقويم الأداء ضرورة تحقيقات ماذا عن المصير الذي آلت إليه مكاتب التشغيل.. وهل استطاعت ومنذ الإعلان عن تأسيسها القيام بالمهام المنوطة بها?!.. والذين يتابعون اليوم التسجيل في هذه المكاتب هل يحذوهم الأمل في إمكان العثور على فرصة عمل وفقاً للدور المعمول به من جانب المكاتب, أم أن الأمر بحاجة إلى أساليب ملتوية من خلال شراء ذمم البعض واللجوء إلى وساطة هذا المسؤول أو ذاك ومن أعلى المستويات?! حقيقة أن هذه الأسئلة وسواها يتعين إطلاقها ليس من جانب المنابر الإعلامية فقط, وإنما على كافة الجهات المعنية في الحكومة وفي حال كانت جادة فعلياً في المضي على طريق الإصلاح الفعلي وليس اللفظي, والسعي إلى إعادة إنعاش الحديث حول مكاتب التشغيل, خاصة أن مضي نحو خمس سنوات على إحداثها بات يستدعي وقفة جادة لتقويم أداء هذه المكاتب, والحديث بشفافية وصراحة فيما إذا كانت قد أخفقت في عملها أم أنها تمكنت من تحقيق بعض النجاح وبعض الفشل, وإعادة النظر في عمل وأداء هذه المكاتب ليس مرهوناً في القائمين على وزارة العمل مثلما يحلو لهذا المسؤول أو ذاك القول حين التوجه له بأسئلة من هذا النمط, وقد كان من الواضح أن بعض المسؤولين خلال السنوات الأخيرة وجدوا في تحميل وزارة العمل المسؤولية أو كامل المسؤولية انطلاقاً من الشعور بضرورة تعليق العجز في هذا الجانب على مشجب الآخرين, وهذا البعض من المسؤولين يلجأ إلى شماعة وزارة العمل انطلاقاً من كون هيئة مكافحة البطالة تتبع لوزارة العمل, وهذه الأخيرة تحولت إلى مرجعية وحيدة تقوم مؤسسات وشركات القطاع العام من خلالها في طلب حاجتها من العمال والموظفين من كافة الاختصاصات والمؤهلات العلمية العليا والدنيا.., من الناحية النظرية, صحيح أن وزارة العمل أنيطت بها هذه المهمة, غير أنه اليوم وبعد مضي خمس سنوات يتعين الاعتراف أن هذه المكاتب لم تتمكن من ترجمة مهامها الرامية إلى تأمين ما هو متاح من الوظائف في المؤسسات والشركات العامة, ويعود ذلك إلى أن تلك الشركات والمؤسسات ما زال أداء العمل فيها يقوم على مفهوم المحسوبيات وتجاوز الكثير من قوانين العمل, فمنذ تأسيس مكاتب التشغيل وإلى اليوم يمكن العثور على آلاف الموظفين والعمال الذين عثروا على فرص عمل دون اللجوء إلى مكاتب التشغيل, بينما هناك مئات الآلاف سجلوا في هذه المكاتب منذ نحو خمس سنوات وما زالوا ينتظرون فرصتهم للتعيين في هذه الوزارة أو تلك المؤسسة. بل ويمكن القول وبكثير من الحسم إن بعض أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية العليا ومن التي تفتقد إلى علاقات تربطها مع هذا المسؤول أو ذاك ما زالت ترقب وبفارغ الصبر اللحظة المواتية للعثور على فرصة عمل مع أنها قامت بالتسجيل بهذه المكاتب, في حين أن الغالبية من التي لا تمتلك شهادات علمية متقدمة أو عليا استطاعت العمل بهذه الوزارة أو تلك المؤسسة.. ولكن كيف?!. بغض النظر عن الأساليب المتبعة والقائمة أساساً على مفهوم المحسوبيات وعلى علاقات مع متنفذين ومع مسؤولين في الحكومة للوصول إلى هذه الوظيفة أو تلك,.. بغض النظر عن كل ذلك فإن الحكومة مطالبة اليوم في الإصغاء إلى الانتقادات التي تسود اليوم الرأي العام في هذا الجانب خاصة وأن بعض الأرقام الرسمية تشير إلى إمكان وصول أعداد العاطلين عن العمل لغاية الشهر الأخير من العام الحالي إلى ما يزيد عن مليون ونصف عاطل عن العمل.. علماً أن التقرير الذي صدر في شهر كانون الأول من العام الماضي عن مكاتب الشتغيل, يشير وبكثير من الصراحة إلى أن إجمالي عدد المسجلين في مكاتبها وصل إلى نحو مليون ومئتي ألف عاطل عن العمل,.. والانتقادات التي على الحكومة الإصغاء لها وسماعها وعدم إدارة الظهر لها.. هي: هل ما زالت فعلاً مكاتب التشغيل مسؤولة عن توفير حاجة هذه الوزارة أو تلك المؤسسة من العمال والموظفين?! وإذا كان الأمر كذلك.., من الذي يمنح هذا الموظف أو ذاك في هذه المكاتب حق التلاعب بأرقام الدور بهدف تمكين بعض المسجلين حديثاً في العثور على وظيفة في حين هناك الآلاف من المسجلين ويحملون ذات الكفاءات, الاختصاصات وقاموا بالتسجيل قبل (فلان أو فلان بعامين أو أكثر ولم تسنح لهم الفرصة إلى الآن?!) وأيضاً إذا كانت مكاتب التشغيل هي الجهة الحصرية في تأمين فرص العمل.. ماذا يعني أن تقوم غالبية المؤسسات والشركات الحكومية في استقبال طلبات التوظيف دون العودة إلى مكاتب التشغيل?!.. وأيضاً كيف تقوم هذه الوزارة أو تلك المؤسسة في الإعلان عن مسابقات دون النظر أن مكاتب التشغيل وفي مرسوم إحداثها هناك ما يشير إلى أن طلب الموظفين يكون من خلال مكاتب التشغيل حصرياً?!. ما تحدثنا عنه ومن خلال أسئلة تطلق يومياً, بات بحاجة ماسة للمعالجة وبشفافية من جانب الحكومة, وبالمناسبة نحن في هذا الموضوع لا نطالب الحكومة في توفير فرص العمل للعاطلين, وندرك أن أعداد المسجلين في مكاتب التشغيل من المتعذر تشغيلهم جميعاً في مؤسسات وشركات القطاع العام, وإنما الأمر الذي يتعين معالجته وتقويمه, آليات الحصول على وظيفة أو فرصة عمل, ففي الوقت الذي تقر به الحكومة أن الإصلاح الاقتصادي ومن ضمن شروطه تمكين أصحاب الشهادات العليا في الحقول العلمية المختلفة من الوصول إلى وظائف تستحقها في مؤسسات القطاع انطلاقاً من الحقيقة التي تشير إلى أن النسبة الأكبر من العاملين هم من أصحاب الشهادات العلمية الدنيا والمتوسطة.. ففي الوقت الذي تقر به الحكومة هذا الأمر,نلحظ أن لا شيء يتبدل وأصحاب الشهادات الدنيا ما زالوا يزحفون ويصلون إلى مؤسسات القطاع العام,فهذه الأخيرة تستقبل يومياً طلبات توظيف,حيث يتم تنظيم عقود مؤقتة تمكنهم بعد مضي عامين على مزاولة العمل من الانضمام إلى صفوف الموظفين الدائمين وكل ذلك -كما ذكرنا- بطرق وأساليب ملتوية قائمة في إمكان الوصول إلى مدير عام هذه المؤسسة أو تلك الشركة.وما دام أن ثمة ثغرات قانونية تحكم هذا التشريع أو ذاك,فإنه يمكن وباستمرار جعل مكاتب التشغيل كما لو أنها غير حاضرة. وما دام حديثنا حول مكاتب التشغيل,فإنه من المفيد الإشارة إلى أن الأرقام التي تحدثنا عنها في هذه المقالة,تعود إلى المكاتب حصراً,أي ان الأرقام في حقيقتها تفوق ما تأتي به الأرقام والتقارير الرسمية,فهناك عشرات الآلاف من الذين لم تسنح لهم فرصة التسجيل في المكاتب,فضلاً عن المحسوبين على البطالة المقنعة والذين يشكلون فائضاً على مفهوم العمل الحقيقي في المؤسسات والشركات العامة والجهات المختلفة في القطاع العام..من ذلك نصل إلى نتيجة,أن امتصاص العمالة الفائضة وبأرقامها الفلكية التي وصلت إليها لم تعد اليوم مرهونة في المؤسسات والشركات العامة,وعلى الحكومة أن تسعى من خلال المنابر الإعلامية وأنشطتها المختلفة للفت الأنظار إلى أن الدور الأبوي الذي كانت تأخذ به على مدار عقود من الزمن,هذا الدور قد بدأ ينحسر مع الإقرار في المضي باتجاه اقتصاد السوق,بداهة في هذا الكلام الذي يثير حفيظة البعض لا نعني أن الحكومة لن تكون مسؤولة عن الإشراف على الجهات التي تقوم باستجرار العمالة,وأيضاً لا نعني أن القطاع العام لن يكون بحاجة إلى مزيد من العمال والموظفين,وإنما ما نعنيه هو أن القطاع الخاص سيلعب في المستقبل القريب دوراً رائداً في امتصاص العمالة, ذلك أن توسيع جبهات العمل في ظل اقتصاد السوق هو مسؤولية القطاع الخاص بالدرجة الأولى, خاصة وأن هذا القطاع يستحوذ في الوقت الحاضر على ما نسبته نحو 70 بالمئة من الإجمالي المحلي, غير أن هذه النسبة الكبيرة مازالت لا تسهم في امتصاص العاطلين عن العمل بسبب عدم توسيع قاعدة استثماراتها وعدم تشجيع العاطلين عن العمل وعدم تشجيع التشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمار والصناعة والتجارة في قيام القطاع الخاص بتوسيع مساحة عمله وأنشطته. من خلال ما ذكرنا, نجد أن الحكومة اليوم ليست مطالبة فقط في حسم خيارها لجهة الهوية الاقتصادية, وإنما أيضاً في خلق الشروط والعوامل التي تسمح في إنهاض الدور المنوط أو المأمول للقطاع الخاص. خاصة وأن المؤشرات الأولية والظروف المحيطة في مؤسسات وشركات القطاع العام تقول: إنه إذا تمكنت الحكومة ومن خلال موازنة العام الحالي من تخصيص فاتورة تسمح بامتصاص 58 ألف فرصة عمل, فهي في موازنة العام المقبل قد لا تتمكن من تحقيق ذات الرقم, وهي وإن تمكنت فسيبقى الرقم المذكور ليس مرضياً , قياساً بالأرقام التي تشير إلى أن نحو 300 ألف يدخلون سوق العمل سنوياً, وذلك يعني أن ردم الهوة يستلزم إحداث نقلة نوعية في الأداء الاقتصادي. وما دام الخيار كان قد حسن باتجاه التعويل على القطاع الخاص كقاعدة أساسية في هوية اقتصاد السوق, فالاستحقاق الأول اليوم الذي سيكون برسم الحكومة إزاحة كافة المعوقات بوجه هذا القطاع, وعلى وجه التحديد ما يتمثل بتشريعات التجارة والاستثمار التي ما زالت وفي كثير منها مجحفة وطاردة ليس فقط للاستثمار المتاح في داخل الوطن وإنما للاستثمارات المحتمل قدومها من الخارج وهو ما يستلزم قراءة جديدة وبرؤية تحاكي ما هو قائم في بلدان العالم وإلا سنبقى نراوح في marwanj@ureach.com ">المكان! marwanj@ureach.com
|