بهذه الكلمات همس أحد المطلعين المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع في أذن (بين كاسبيت) الصحفي الإسرائيلي الذي يكتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، وتابع «كاسبر بونكر»: «وفقاً لأعضاء الدائرة الداخلية المقربة لنتنياهو، سيتم تسليم كمية من القنابل والذخائر إلى إسرائيل بمجرد توقيعها على اتفاقية الدفاع المشترك التي عمل نتنياهو على انجازها, على الرغم من أن أجهزة الأمن الإسرائيلية عارضت تاريخيا إبرام اتفاق كامل، إلا أن كاسبيت يقول إن مستشاري رئيس الوزراء يشيرون إلى اتفاق دفاع جزئي يركز على إيران وحدها, ويصرون على أن «رئيس الوزراء يريد أن «يصنع التاريخ» في الفصل القادم.
مؤيدو نتنياهو بقيادة الوزير يوفال شتاينيتز يرون أن الحرب الواسعة النطاق من المرجح أن تندلع في الأشهر الستة المقبلة بين إيران وخصومها في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل. ووزير الدفاع الجديد، بينيت، يهدد إيران بشكل شبه يومي وقال أحد زعماء حزب أزرق أبيض: «ربما يحتاج نتنياهو فقط إلى حرب مع إيران للبقاء على قيد الحياة سياسياً، إن هذا مخيف وخطير. ومع ذلك ، فقد كانت المعاهدة التي ركزت على إيران على وجه التحديد واحدة من القضايا الرئيسية في جدول أعمال المحادثات المنظمة على عجل مع الوزير بومبيو ، في قمة لشبونة الأسبوع الماضي - و أعقبت زيارة إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة من قبل مجموعة كبيرة من كبار مسؤولي الدفاع الأميركيين، وقال نتنياهو إن محادثاته مع بومبيو ركزت على 1. إيران ؛ 2. إيران و 3. إيران.
وفي واشنطن, لا تتبنى مؤسسة الدفاع الأميركية كثيراً الدعوة الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراء وقائي ضد إيران (بزعم أن إيران وحلفاءها تعاني في احتجاجات) ، لكنها تشعر بالقلق من القدرات الإيرانية المتنامية إن كان على مستوى الأسلحة التقليدية أو على المستوى النووي، ومما يزيد هذا القلق التأجيج الإسرائيلي والتهويل الذي يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند كل صباح ومساء عندما يقول: «ما زلنا نرى علامات على هجوم إيراني محتمل»، كما قال جون رود، المسؤول الثالث في البنتاغون، بعد تقرير من وكالة الاستخبارات الدفاعية التي حذرت من أن طهران تنتج صواريخ باليستية وصواريخ كروز أقوى من أي وقت مضى بدقة أفضل وعلى مسافات قاتلة أطول.
حقيقة، كل هذا التهويل والبروباغاندا الإعلامية الصهيونية المعادية مضللة، فقد كانت إيران صريحة للغاية في قولها إن هدف هذه الحملة الإعلامية ضدها هو «الضغط» عليها، عبر الضغط الخفي على صناع القرار في واشنطن لإجبار الولايات المتحدة على تشديد سياسة الحصار الاقتصادي إنه مفهوم تمامًا ، كذلك هذه الضجة إذاً لا تقتصر على سياسة نتنياهو المتمثلة في الاقتراب من جولة ثالثة محتملة من الانتخابات في إسرائيل في العام الجديد، وهو الذي يمكن أن يُطرد من السلطة ويُرسل إلى السجن.
هذا التفسير الأخير ممكن، لكن الأحداث تشير إلى أن نتنياهو يريد حقًا أن يغني إرثه السياسي عن طريق إقناع الولايات المتحدة بالانضمام إلى إسرائيل في هجوم على إيران. إنه أيضًا خطر حقيقي وإذا كان الأمر كذلك، فمرة أخرى(كما في عام 2003)، سيتم بيع هذا الحدث للجمهور الأميركي والأوروبي على أساس نشرة كاذبة تمامًا وتضليل إعلامي.
المشهد البارز الان حول هذا السيناريو هو أن الولايات المتحدة ستنخرط في مواجهة ملحمية مع إيران واشنطن حلفاؤها الأوروبيون يمسكون أيضًا بخيوط الاقتصاد اللبناني كرهينة لحل الأزمة المالية (التي تفاقمت بسبب تضييق السيولة بالدولار)، وأيضاً لسعي الولايات المتحدة لزرع شرخ بين حزب الرئيس عون وحزب الله - وهو تحالف له الأغلبية فعليًا في البرلمان في بيروت - وكذلك للضغط على لبنان أيضًا للتخلي عن موقفه المتشدد بخصوص حقوق النفط والغاز في شرق البحر المتوسط واللذان تسعى إسرائيل للسيطرة عليهما والاستئثار بهما لها.
وفي سورية، تحاول القوات الأميركية استخدام قسد لقطع أوصال وحدة الأراضي السورية (تشديد الحصار الاقتصادي وسرقة النفط السوري).
باختصار، هذه حرب جيل جديد: ممارسة أقصى قدر من الضغط الاقتصادي (والحصار) واستغلال المطالب الاقتصادية التي يعاني منها السكان، عن طريق إدخال عناصر مدربة صغيرة لزرع «الرسائل» ولإثارة الاحتجاجات الشعبية، ثم استغلالها في تنفيذ المرحلة التالية واللجوء إلى العنف الموجّه ضد رموز الدولة (من أجل جذب انتباه وسائل الإعلام).
من ناحية أخرى, وفي زاوية ثانية من المشهد, يمكن فهم أيضًا هذا الجانب من «الإخراج المسرحي»، تعمل إسرائيل على تهدئة الأوضاع في غزة (بأموال من الخليج)؛ والولايات المتحدة تنشط في محاولة لتهدئة الحرب مع المملكة العربية السعودية، أي إزالة الجبهات العسكرية المحتملة الأخرى.
تصوّر زورا وسائل الإعلام العالمية الاحتجاجات في إيران على أنها مطالب شعبية وأن «الحكومة» على حافة الانهيار وأن قوات الأمن تستخدم العنف لقمع الاحتجاجات الجماهيرية غير المسلحة ، بعد ارتفاع كبير في أسعار الوقود. صحيح أن الارتفاع أدى إلى احتجاجات في عدة مدن يوم الجمعة 15 تشرين ثاني. كانت الاحتجاجات من الشرائح الأكثر فقراً من السكان وهم أيضا (الداعمون التقليديون للدولة) ممثلة بقوة. لكن الاحتجاجات لم تكن عنيفة.
في يوم الاحتجاجات ضد ارتفاع أسعار الوقود، لم يُقتل أحد، وفي اليوم التالي اختفى المتظاهرون بالكامل تقريبًا من الشوارع. بدلاً من ذلك هاجمت مجموعات صغيرة من المقاتلين المسلحين والعنيفين المتقدمين - وليس المتظاهرين - مراكز البنية التحتية الاستراتيجية للدولة: البنوك ومصانع البتروكيماويات وشبكة الغاز وتخزين الوقود. تعرضت هذه المراكز لهجمات بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة. دمرت مجموعات أخرى البنوك وكانت مسلحة بالبنادق والسيوف والقضبان الحديدية (هاجمت إحدى هذه المجموعات الأخيرة ستة بنوك في غضون ساعة واحدة). لم يكن هناك شيء تلقائي أو «شعبي».
كان رد فعل قوات الأمن هو اعتقال العديد من المتمردين المسلحين يبدو حكومة الإيرانية كانت على علم مسبق بخطط تنظيم هجمات «النشطاء»، كجزء من خطة تعطل (صيغت وتمول من الخارج). لكن هذه الخطة الأولية تشير إلى أن بداية هذه الإجراءات ستتم في بداية العام المقبل لكن ما يبدو أنه حدث هو أنه عندما بدأت الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود، تم إعطاء هؤلاء «النشطاء» الضوء الأخضر «لاغتنام الفرصة». بمعنى آخر، قاموا قبل الأوان بتنشيط جميع خططهم المعدة مسبقًا. لقد تمكنت قوات الأمن من»إحباط» المؤامرة وايقاف ارهاب هذه المجموعات المسلحة.