تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«وللثقافة العلمية آفـــــــاقها»

معاً على الطريق
الخميس 12-6-2014
لينا كيلاني

لا يستغرب أحد اذا ما كان للموضوعات العلمية حيزاً كبيراً مما أكتب في هذه الزاوية.. فالثقافة العلمية لا تنفصل عن الثقافة عامة إلا أنها قد تستأثر باهتمام بعض الناس دون سواهم..

لكننا الآن بعد أن قطعنا أشواطاً في العلم حتى أصبحت منجزاته تحت السمع والبصر بل بين أيدينا، وتدخل في أدق تفاصيل حياتنا شئنا أم أبينا، وسواء كنا نمتلك ثقافتنا العلمية أو بدونها.. أقول بعد أن تجاوزنا كل هذه المراحل من التطور أصبحت الثقافة العلمية ولو بحدها الأدنى ضرورة من ضرورات الثقافة عموماً، ففهم طبيعة الأشياء هو أفضل طريق للتعامل معها.. بل يذهب أبعد من ذلك في تحسين أدائها، وتحقيق أكبر فائدة منها.‏

العادات والتقاليد هي من ثقافة الشعوب كذلك الفنون وأنماط السلوك.. أما وأن معطيات العلم باتت تنتشر على مساحات واسعة من المجتمعات المعاصرة فلابد إذن من تطور طبيعي لأنماط السلوك داخل هذه المجتمعات مما ينعكس بالتالي على ثقافاتها، وأساليب التفكير لدى أفرادها.. فالتفكير العلمي لا ينفصل عن الثقافة العلمية وهو في الواقع تفكير عملي لأنه يأتي بالحلول.‏

وكما للخيال أهميته وكذلك الابتكار في الوصول الى أدب وفن حقيقيين.. فإن للعلم ثقافته وأنماط تفكيره.. والعلم أفق مفتوح لا تحده حدود بل إنه يقف أو لا يقف عند نقطة اللانهاية.. فما بالنا بمجتمعاتنا العربية التي تتطلع بانبهار الى كل ما يأتي اليها من الطرف الآخر من العالم من تطور تقني وحضاري يجعل عجلة الحضارة تدور بتسارع، وبما يضع المرء في حالة لهاث دائم في مواكبته. مجتمعاتنا العربية هي أحوج ما تكون والآن خاصة الى بث فكرة الثقافة العلمية فيها بل ونشرها على أوسع نطاق.. ومادام شبابنا العربي بما يمتلكه من مخزون طاقات لا حصر لها قادرا على أن يترجم إمكاناته الى واقع عملي فلماذا لا نفتح الأبواب عريضاً على واقع عصر يسوده العلم بات يستلبنا أكثر مما نؤثر فيه؟‏

صحيح أن الآمال عريضات.. والتطلعات أوسع.. لكن واقع الأحوال يقول إن التطبيق بقدر ما هو دقيق وربما صعب هو في الوقت نفسه ممكن خاصة في ظل ثورة الاتصالات الحديثة، فنشر الثقافة العلمية لا يقف عند أسوار المدارس والجامعات بل إنه يتعداها الى الإعلام بوسائطه المتعددة والتي باتت كثيرة، بل لعل وسائل التواصل والاتصال المتاحة الآن ستسرع من إمكانية تحقيق هدف نشر الثقافة عموماً، وإذابة التمايز الثقافي بين المجتمعات على جانبي الكرة الأرضية.‏

وكما دخلت الى مجتمعاتنا ثقافة الاستهلاك بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية فإن ثقافات أخرى رافقتها، منها ما طفا على السطح ومنها ما رسا في العمق من منطق أن الثقافة الأقوى هي التي تفرض نفوذها على البشر وسيطرتها على سلوكهم أو ردود أفعالهم.. أما الممانعة ومقاومة التأثير والتأثر فهذا مما لم يعترض مشروع الاستهلاك وعصره.‏

وكما أن مدارس الفكر والفن انتقلت في مسارها من القديم الى الحديث، ومن الحديث الى الأحدث في الحداثة وما بعد الحداثة وصولاً الى البنيوية والتفكيكية وغيرها فلابد للثقافة أيضاً أن تسير في مسارات الضرورة لتنسجم مع واقع العصر وايقاعه.. فالأمية لم تعد تتجسد في القراءة والكتابة فقط بل إن تعريفها أصبح ينسحب على من لا يجيد استخدام اللغة الرقمية من خلال حاسوب أو حتى هاتف نقال، أو من يقف بعيداً عن دائرة معلومات العصر والتي تتدفق كالبحار كثافة وتنوعاً.. مفاهيم جديدة لعصر جديد.. نقترب منها أو نبتعد عنها.. المهم أن التطور مستمر وبتصاعد.‏

وما بين الثقافة الأدبية والأخرى العلمية نقف لنستشرف آفاق المستقبل.. مستقبل مجتمعاتنا في وطننا الكبير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية