حيث كانت ولم تزل تنتقل من انتصار لآخر رغم تكالب القوى العالمية الكبرى عليها جماعة وفرادى ، في محاولات متكررة ويائسة لتدمير أهم قوة عسكرية تمتلكها دولة عربية في مواجهة الكيان الصهيوني ، متمثلةً بالجيش العربي السوري الذي أثبت منذ إنشائه في عام 1946 ولاءه المطلق لعقيدته الوطنية والقومية ، وتبنى مبدأ الدفاع عن التراب العربي وأخذ على عاتقه حماية هذا الوطن بمكوناته المختلفة من البشر والشجر والحجر ، واستطاع الجيش العربي السوري البطل أن يحظى بمحبة واحترام كل مواطن سوري وعربي شريف لما قدمه عبر تاريخه المليء بالبطولات والتضحيات التي شكلت الحصن الآمن للوطن وأبنائه ومصالحه.
نُحيي عيد السادس من تشرين الأول في ذكراه الأربعين اليوم ، ليس من أجل بيان أهمية الانتصار الذي حققه الجيش العربي السوري الباسل بالتشارك والتنسيق مع الجيش المصري البطل في حرب التحرير الكبرى على جبهات القتال في كل من سورية ومصر ضمن مواجهة عربية مشتركة لردع جيش الكيان الصهيوني المحتل المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي كأكبر قوى عسكرية واقتصادية عالمية فحسب ، بل من أجل استحضار التاريخ ومقارنته بما يتعرض له الجيشان العربيان هذه الأيام من خطط خبيثة ومؤامرات وضيعة لتدميرهما وإشغالهما في حروب جانبية لمواجهة العصابات الإجرامية والجماعات الإرهابية التكفيرية المصنعة أمريكياً والموجهة مركزياً من الاستخبارات العسكرية الصهيونية وشركائها في الولايات المتحدة والغرب ومشيخات النفط القذر في الخليج العربي وتركيا .
إن انتصار الإرادة الوطنية التي يمتلكها ويتمتع بها الجيش العربي السوري في حرب تشرين كانت نتيجة طبيعية لتصميم القائد الخالد الرئيس حافظ الأسد على محو هزيمة حزيران 1967من الذاكرة العربية وتعميم ثقافة المقاومة والمواجهة والنصر ، القائد الذي أسس وخطط لمعركة التحرير الشاملة انطلاقاً من حرب تشرين مروراً بكل معارك المقاومة العربية التي ألحقت الهزيمة المذلة بالجيش الإسرائيلي الذي كان يدَّعي بأنه « لا يُقهر « ، القائد الذي رسم صورة المستقبل من خلال تعزيز ثقة المواطن العربي بعدالة قضيته وحتمية استمرار الذود عن الأمة وإثبات قدرة الجندي العربي السوري على انتزاع زمام المبادرة في معركة عادلة تهدف إلى استرجاع الحقوق المسلوبة ، وقد انعكست تلك الإرادة العالية عند الجيش العربي السوري البطل وظهرت بأبهى صورها في مواجهته لحرب عالمية جديدة تقودها الولايات المتحدة وتنفذها بأدوات وعناصر إرهابية تكفيرية أجنبية ومحلية ، اتخذت من الأراضي السورية وجهة لها وساحة لأعمالها التخريبية والإجرامية ، تلبية لأجندات صهيونية قديمة ومجددة ، حيث ابتدأت القوى الكبرى في الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل بتحريك حرب إعلامية ضخمة ضد الدولة السورية ومكوناتها المختلفة الرسمية والشعبية ، قوامها أكثر من ثلاث مائة وسيلة إعلامية مأجورة ، وعندما واجهها الإعلام السوري المقاوم بقوة وشجاعة وكشف وسائل الفبركة والكذب لديها ، تحولت إلى المعركة إلى حرب عصابات مسلحة مباشرة ضد الجيش العربي السوري والقوى الأمنية ، وكذلك على المؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة وعلى الشعب السوري عموماً ، في محاولة للسيطرة على مناطق محددة من الأراضي السورية من أجل خلق بؤر ثابتة تستطيع التحرك منها وعبرها مستغلة التعاطف الديني في بعض المناطق ، لاسيما بعد أن قام بعض الشيوخ الضعفاء على تشويه المفاهيم الدينية وحرفها عن مسارها الصحيح اقتداءً بشيخ الفتنة « القرضاوي « الذي قدم الفتاوى الباطلة إلى تلك العصابات المدعومة بكل ما تحتاجه من أموال وسلاح تُزودها به قوى الشر في العالم وتقوم الأنظمة الرجعية في قطر والسعودية بدفع فواتيرها كاملةً، وتُساعدها أدوات محلية وإقليمية منحطة خُلقياً وأخلاقياً لتمرير مشروع استعماري جديد بطربوش وعمامة وآلية مختلفة عن كل أنواع الحروب التقليدية المعروفة ، استخدم خلالها الأعداء وسائل وسبلاً محرمة دولياً وإنسانياً ( استخدام الأسلحة الكيماوية كما جرى في بعض المناطق ) من أجل تشويه سمعة ودور الجيش العربي السوري البطل حيث فشلوا في تحقيق أي اختراق مؤثر في هذا الجسد المتماسك والصلب ، لكن النتيجة جاءت في عكس ما تشتهي نفس الأعداء ، وأثبت الجيش العربي السوري قدرة فائقة على التأقلم مع طبيعة المعركة واستطاع تحقيق انتصارات ساحقة وقوية على العصابات الإرهابية المجرمة رغم التدريب العالي الذي تتصف به تلك الجماعات ، والتعمية الدينية المرعبة على قلوب وعقول أفرادها التي جعلت منهم مجرد قنابل موقوتة وموجهة كأدوات إجرام تنفجر في أية لحظة لتحقيق غايات تدميرية وتخريبية في الجسد السوري المنيع ، ورغم الكم الهائل من الفبركات الإعلامية الكاذبة ومن استخدام كل أنواع الترغيب والترهيب بقي الجيش العربي السوري عصياً على الهزيمة متماسكاً صلباً في مواجهة الأعداء .
كان لانتصارات الجيش العربي السوري وصموده في معركته المصيرية مع الإرهاب ، دور أساسي وحاسم في تحرك الجيش المصري لاستعادة المبادرة الوطنية ودعم ثورة الشعب المصري الحقيقية في معركة إقصاء الفكر الرجعي المتخلف عن قيادة مصر ، وقد أثبت الجيش المصري الذي يتمثل عقيدة الضباط الأحرار حرصه على استمرارية الروح العقائدية الوطنية العالية التي زرعها القائد جمال عبد الناصر ، من خلال دوره الفاعل في إسقاط حكم الإخوان المسلمين والوقوف إلى جانب الحراك الشعبي الواسع الذي ثار في الثلاثين من حزيران 2013 لإنهاء حكم المرشد وحماية مصر الكنانة من الانزلاق في أتون الضياع والدخول في مجهول الصراعات الدينية .
وبقراءة سريعة لصفحات حرب تشرين التحريرية والبطولات التي سطرها الجيش العربي السوري في روابي جبل الشيخ والجولان العربي السوري الأشم ، لا بد لنا وأن نستذكر بكل فخر واعتزاز الدور الوطني والقومي للقائد الخالد حافظ الأسد صانع التشرينين الذي قاد المعركة وأدارها بهدوء الواثق من حتمية النصر ، وعنفوان القائد الذي يُدافع بكل اقتدار وعزم عن حق الأمة وقضيتها العادلة وعن ترابها الطاهر ، وكان لوجوده في أرض المعركة ومشاركته القوات المسلحة الباسلة دور أساسي في استنهاض همة الجنود الذين يمتلكون إرادة النصر ، حيث طرح الجيش العربي السوري شعاراً للمعركة هو : « الشهادة أو النصر » ، فكان لهم النصر والتحرير
إن ما يقوم به الجيش العربي السوري في كافة المناطق السورية وما يقوم به الجيش المصري في ملاحقة الإرهابيين والعمل على القضاء عليهم ، هو معركة مشتركة بأهداف وأبعاد موحدة ، عمادها حماية الأمة وتعزيز سيادتها واستقلالها ، وهذا ما يؤكد بأن المهام القادمة تتطلب تعاوناً وتلاحماً أشد وتنسيق على أعلى مستوى وتضافر الجهود لفرض إرادة النصر التي كانت في حرب تشرين المجيدة ، وذلك لأن أعداء اليوم في جزء كبير منهم من داخل الوطن الكبير ممثلين بشيوخ النفط وأمراء الرجعية العربية ، وبعضهم من أبناء الوطن الصغير ممن باعوا أنفسهم للشيطان بأسعار بخسة ، ومع هذا وذاك فإن إرادة النصر التي تحملها الجيوش العربية الحرَّة من أحفاد عمر المختار وسلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وجمال عبد الناصر وحافظ الأسد وغيرهم الآلاف من مجاهدي الأمة الحقيقيين ، وفي ظل قيادة وطنية وعربية أصيلة متمثلةً بقيادة الرئيس بشار الأسد ستحمي استقلال الأمة وتصون سيادتها رغم أنف الحاقدين والعملاء والخونة .