المنظمة الدولية,ومعالجة المشكلات التي وصفها (بالمروعة) في العالم بدءاً بأزمات الشرق الأوسط الأكثر تعقيداً في (لبنان وايران والعراق) وكذلك فلسطين على حد تعبيره,ووعد بايلاء اهتمامه الفوري لأزمة دارفور,وأعرب عن أمله في حل جميع القضايا العالقة. بصورة سلمية وبأسرع ما يمكن.
ولكن استدرك أيضاً تفاؤله واندفاعه بالتأكيد على أن التحديات والقيود المفروضة على الأمم المتحدة وعلى موقعه تتطلب الجهود المشتركة من الجميع للمساهمة في معالجة المشكلات,وقال:إنه لا يمكن لشخص واحد بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة ولا دولة واحدة مفردة أيا كانت قوتها ونفوذها ومواردها التعامل مع هذه المشكلات لذلك لا بد من الجهود المشتركة.
وشعوب العالم بدورها تأمل أن يعود للأمم المتحدة بريقها ومكانتها ودورها الموضوعي والمحايد وأن تتخذ قراراتها بما تمليه عليها مبادئها وقوانينها وأن تتمكن من تنفيذ تلك القرارات العادلة التي اتخذتها سابقاً ولم تتمكن من ايجاد السبيل للإلزام بتنفيذها,بفعل القيود المفروضة على الأمم المتحدة وعلى موقع الأمين العام التي أشار إليها بان في تصريحه الصحفي الأول. وبفعل السياسة الأحادية والمزدوجة المعايير التي تنتهجها الولايات المتحدة, هذا النهج الذي لا يمكن وصفه إلا بالعدواني اعاقة الأمم المتحدة بلعب دورها ليس في حمل العالم الى الجنة (بل ربما لإنقاذه من الجحيم) حسب وصف المندوب الأميركي في الأمم المتحدة هنري كابوت لودج قبل نحو ستين عاماً.
أي على الأقل انقاذه من الدمار والحروب والمجاعات والكوارث وترسيخ قيم السلام التي تشكل حاجة ماسة للبشرية.والمعضلة أن الأمم المتحدة ومنذ تأسيسها قبل 62 عاماً رهنت مصير حل المشكلات التي يعاني منها العالم بتلك الدول التي كانت السبب في خلق واستفحال هذه المشكلات وكان من الواضح منذ البداية أن اعتمادها على تفادي الحروب واحترام حقوق الشعوب واستقلالها وسيادتها كان على تلك الدول التي افتعلت الحروب واخترقت حقوق الشعوب وحقوق الإنسان.
وظهرت الاشكالية آنذاك بان المكلف بتطبيق مبادئ الأمم المتحدة هي نفس الدول التي تنتهك مبادئها. وعلى سبيل المثال نص ميثاق الأمم المتحدة على الحق في تقرير المصير والغاء الاستعمار بينما بقيت بعض الدول الأعضاء النافذة مصرة على استعمار الدول الأخرى الضعيفة ولكن وبفضل التوازن الدولي ووجود الاتحاد السوفييتي المناصر لحق الشعوب في الاستقلال وبفضل الكفاح البطولي لشعوب المستعمرات السابقة فقد حصلت عشرات الدول على استقلالها الوطني وهذا ما جعل أعضاء الأمم المتحدة يرتفع من 51 دولة في سنة التأسيس الى 117 دولة خلال عشرين عاماً وتضم اليوم نحو 191 دولة.
ولكن مجلس الأمن المكون من الدول الخمس الدائمة العضوية وصاحبة الحق باستخدام الفيتو جعل الأمين العام في ظل تناقض مصالح الدول الخمس لا أكثر من مدير عام اداري وكأنه ينفذ أوامر واملاءات الدول الأقوى.
وإذا ما تعذر على أميركا فرض القرار المناسب لها على مجلس الأمن فإنها تتصرف بمفردها وتفعل ما تشاء دون أن يجرؤ أحد من أعضاء مجلس الأمن أو الأمم المتحدة على منعها أو اتخاذ قرار ضدها,في الوقت الذي كانت فيه تقوم بانتهاكات صريحة وفظة لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة كما فعلت في العراق وفلسطين وغيرها من دول العالم وأميركا التي ينص دستورها على المساواة والحرية للشعوب . غدت الدولة الأكثر خرقاً لهذه المساواة وللحرية فمساعدتها وتأييدها اللامحدود للكيان الصهيوني الغاصب نحو الشعب العربي الفلسطيني وللحقوق العربية,جعلت من هذا الكيان متمرداً دائماً على قوانين وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن,والأكثر انتهاكاً للمواثيق والمعاهدات الدولية,بل وحتى لتلك المعاهدات التي مهرت توقيعها عليها.
اضافة الى ذلك لقد عجزت الأمم المتحدة عن ايجاد الحلول العادلة لجميع القضايا المنغصة لحياة المجتمع الدولي كمسائل الإرهاب ومفهوم الديمقراطية,فتحت يافطة مكافحة الإرهاب احتلت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق وتتدخل بالشؤون الداخلية لجميع دول العالم وتشتري الذمم والضمائر والأقلام ووسائل الإعلام للترويج لسياستها العدوانية الاستعمارية كما فشلت الأمم المتحدة في مشروعها المتضمن عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب الذي بادر إليه الرئىس الراحل حافظ الأسد بهدف وضع الحدود والفوارق بين الإرهاب المدان وبين حق الشعوب في مقاومة المحتل الأجنبي والذي أقرته مبادئ الأمم المتحدة.
وطرحت الكثير من الآراء لاصلاح الأمم المتحدة ولكن حتى الآن لا يوجد تصور واضح للمنظمة حول ما هية الاصلاح الذي تحتاجه لأن الأمم المتحدة بشكلها الحالي ما زالت عاجزة عن أداء المهمات التي تأسست من أجلها.
وبات واضحاً للعيان عدم قدرتها على حماية قوانينها وقراراتها في ظل هيمنة أميركية تفشل جميع المبادرات العالمية التي لا تروق لها ويمكن القول إن وظيفة الأمم المتحدة الرئيسيةانكمشت الى الصفر تقريباً.
لا شك أن معظم دول العالم تحتاج الى الأمم المتحدة فقط كثقل موازن للسياسة الأحادية الجانب التي تمارسها الولايات المتحدة وأن تصبح حقاً وفعلاً أداة لكبح جماح الغزاة الجدد الذين يهددون العالم بالخراب والدمار وأن تساهم في توفير الامكانيات الواقعية للضغط على واشنطن وإسرائيل ومنعهما من استخدام القوة في فرض إدارتهما السياسية على الدول الأخرى,بيد أن التوصل الى ذلك يحتاج فعلاً الى الجهود المشتركة من قبل جميع الدول التي مازالت تتمتع بشيء من المسؤولية عن مصير العالم.
وإذا ما استطاع بان كي مون انجاز خطوة بهذا الاتجاه فإنه سيجد دعم وتأييد جميع الشعوب ولكن للأسف الرغبات والأمنيات شيء والواقع شيء آخر!!!