القبلة الرنانة التي طبعها أولمرت على خد الرئيس. أبو مازن فوجىء, كما تقول المصادر الفلسطينية, إلا أنه لم يحول ذلك إلى قضية. أولمرت يبرر القبلة بالتقاليد المتبعة: أبو مازن كان يستهل كل لقاء بينهما بالعناق والقبل, لذلك افترض أن هذا ما سيحدث في هذه المرة.الفلسطينيون من أتباع فتح يرون في اللقاء علامة فارقة. واو لمرت كذلك. اللقاء من وجهة نظرهم هو بداية سلسلة تنازلات إسرائيلية صغيرة نسبيا, إلا أنها هامة في المواجهة مع حماس. لديهم إثر هذا اللقاء ثقة بصدق نواياه, أما بالنسبة لاولمرت فاللقاء هو الحلقة الأولى على طريق استئناف الشراكة بين حكومة إسرائيل وقيادة فتح. إسرائيل ستقوم بأمور كثيرة وستضبط نفسها كثيرا, كل هذا من اجل إنقاذ حكم أبو مازن.المشكلة الضاغطة هي إطلاق سراح السجناء. هي تعتبر معضلة صعبة للجانبين. رئيس حكومة إسرائيل ملزم بالاختيار بين أبو مازن وجلعاد شليط: الاثنان يقفان قبالة بعضهما البعض في الوضع الناشىء بعد الاختطاف. حماس مستعدة لإطلاق سراح شليط فورا والثمن معروف. المشكلة هي أن الإنجازات التي ستكسبها حماس في الشارع الفلسطيني كبيرة لدرجة إنها قد تُسقط أبو مازن وتتسبب في انهياره.إطلاق سراح السجناء يجب أن يتم على ما يبدو بطريقة أكثر تعقيدا. إسرائيل تقوم بإطلاق سراح بضعة عشرات من النساء والأحداث مقابل نقل شليط إلى السلطة المصرية. بعد ذلك تقوم بإطلاق سراح مئات آخرين, ولكن قبل إطلاق سراحهم يتم إطلاق سراح مئات من سجناء فتح . إسرائيل ستدفع مرتين, مرة لحماس وأخرى لفتح. ليس هناك حل آخر في الوقت الراهن.
أولمرت وعد أبو مازن بتحويل 100 مليون دولار من أموال السلطة. أمس الأول تم تحويل أول دفعة من المبلغ إلى مستشفيات القدس, كما وافق على نقل لواء بدر من الأردن إلى غزة, إلا أن الأمريكيين هم الذين يعرقلون هذه الخطوة لاعتقادهم أن هذه القوة ليست جاهزة للمهمة التي يخصصها لها أبو مازن. أولمرت وعد برفع حواجز داخلية في الضفة, وهو مستعد للتصادم مع الجيش في هذه القضية.أولمرت قال لي مرة حكاية حددت موقفه من الحواجز. )في عام 1968 - 1969 سافرت في سيارة أجرة من القدس إلى تل أبيب. بجانبي جلس رجل فلسطيني يرتدي لباسا فاخرا. حاجز شرطة أوقفنا وسرعان ما أخرجه رجال الشرطة وأخذوا يفتشون جسمه بأيديهم, وشاهدت كيف بدأ الرجل يفقد أعصابه.)توجهت إلى الشرطي وقلت له كفى, فلتدعوه وشأنه. فرد علي الشرطي: أغلق فمك, وألا فعلنا لك ما نفعله به.
أولمرت ليس مُنجذبا لسورية. تصريحاته المختلفة في هذه القضية ملتوية وكثيرة الاعوجاج, إلا أنها ذات خلاصة واضحة: طالما بقيت سوريا على صلة بإيران والإرهاب, كان محظورا على إسرائيل أن تتفاوض معها. المفاوضات مع الأسد ستتسبب في انهيار الجبهة التي بناها الأمريكيون ضد سورية وحماس وحزب الله.الحكومة الإسرائيلية التي ترفض علانية التفاوض مع دولة عربية مجاورة هي ظاهرة شاذة. التقاليد السياسية في إسرائيل تقضي دائما بقبول التفاوض مع كل دولة كانت, بصرف النظر عن سياساتها ونظامها. أما الثمن فهو مسألة أخرى.أسلاف أولمرت توجهوا إلى الفلسطينيين فقط بعد أن فشلوا في اتصالاتهم مع سورية. أولمرت يسير في اتجاه معاكس. إذا فشل مع أبو مازن فلن يكون أمامه مفر آخر.