سورية حيث تجاوزت قيمة المشاريع المشملة حتى نهاية العام الماضي نحو ثلاثمئة مليار ليرة سورية. كما شهد هذا العام صدور عدد قياسي من القوانين والتشريعات التي تهدف الى الاصلاح الضريبي واصلاح القطاع المالي منها قانون لترخيص شركات الصيرفة والقانون 55 لتأسيس سوق دمشق للأوراق المالية وقانون عدل القانون المالي الأساسي. كما شكلت الحكومة عدداً من اللجان لوضع مشاريع قوانين لتنظيم عدد من النشاطات المالية منها لجنة قانون التمويل العقاري ولجنة قانون التأجير التمويلي وشكل مجلس الوزراء لجنة لوضع تشريع الاصلاح القطاع العام.
من المتوقع أن يشهد العام 2007 المضي قدماً في تحديث تشريعاتنا. لكن التحدي الكبير في هذا العام هو أمام إدارتنا العامة أو القطاع العام الإداري الذي يقع عليه عبء تنفيذ التشريعات التي صدرت وكذلك تسهيل اجراءات ترخيص مشاريع الاستثمار التي شملت بتشريعات الاستثمار وتسهيل تطوير هذه المشاريع.
يقع على وزاراتنا ومؤسساتنا مسؤولية ايجاد طريقها وأسلوبها المناسبين لتنفيذ هذه التشريعات ضمن السياسات الحكومية,فالتشريع ومع صعوبته,يبقى الخطوة الأولى في التغيير , والتحدي الكبير هو في القدرة على التنفيذ ضمن الأهداف والسياسات التي رمت إليها الحكومة.
التنفيذ يحتاج لفهم هذه التشريعات والسياسات والأهداف التي تقف وراء هذه التشريعات ليتسنى للإدارة الحكومية تنفيذ هذه السياسات في تعاطيها اليومي مع مهام عملها. وبغياب هذا الفهم تبقى هذه التشريعات قاصرة عن بلوغ أهدافها.
إن التحدي الكبير أمام اقتصادنا يكون في قدرة مؤسسات قطاعنا العام الإداري على القيام بمهامها باعتبارها أحد العوامل الأساسية في استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات. فالسياسات والتشريعات الحكومية في مجالات العمل والبيئة والسياسات الضريبية والمالية والنقدية والتربوية والصحية,كلها تمثل عامل استقطاب أو عاملاً غير مشجع للاستثمار.
لكن العبء الكبير يقع على الإدارات الحكومية لتسهيل عمليات الاستثمار وزيادة كفاءة مؤسساتنا الإنتاجية عبر تسهيل وتقديم الخدمات للمشاريع الاستثمارية.
إن التركيز المفرط على تطبيق القوانين والالتزام بها وجعل ذلك المعيار الأساسي والوحيد الذي يقيم الموظف على أساسه ويحاسب عليه يجعل الموظف يصب كل جهده على تطبيق القوانين مع نسيان الأهداف الأساسية لإداراتنا الحكومية على المستوى العام في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي ما سيؤدي ولا شك الى الفشل في تحويل عدد كبير من المشاريع المشملة الى واقع.
إن نجاح إدارتنا العامة في تسهيل الاستثمار مرتبط بتطبيق القانون ضمن أهداف السياسات الحكومية في جذب الاستثمار من جهة أخرى.
يعول اقتصادنا على الاستثمارات التي شملت زيادة التكوين الرأسمالي في الاقتصاد الوطني وفي حال فشلت إدارتنا الحكومية في تسهيل تحويل ما هو جدي من هذه الاستثمارات الى واقع فإن قرارات التشميل التي صدرت لن تساوي حتى قيمة الورق الذي طبعت عليه. إن دور الإدارة الحكومية جوهري نظراً لأن دور مكتب الاستثمار يقتصر عملياً على تحضير ملفات التشميل ويحتاج المستثمر الى دور مؤسسات إدارتنا العامة لتحويل قرارات التشميل الى تراخيص تمكنه من تنفيذ مشروعه.
نتمنى أن يكون أداء مؤسسات قطاعنا العام الإداري على المستوى الذي يحقق أهداف التشريعات التي صدرت ويسهل قيام المشاريع التي شملت بتشريعات الاستثمار.
* خبير مصرفي ومالي