و يجدر القول ان أسواق السندات الحكومية أصبحت سلعة عامة لا غنى عنها,يستفيد منها الجميع,وهي أداة ضرورية لتطوير القطاع المالي والمصرفي,وأهميتها بالنسبة للسلطات النقدية والمالية بأنها تساعد في التمويل غير التضخمي للعجز,وفي ادارة أفضل للدين العام وتخفيض تكلفته.
أضف إلى ذلك فالسندات الحكومية لها فوائد كبيرة على المصرف المركزي,لانه يستخدمها كأدوات في عمليات السوق المفتوحة بيعاً وشراء,وبالتالي تساعده في التحول إلى امتلاك ادوات غير مباشرة للسياسة النقدية لان منحنى العائد على السندات يمثل مصدر معلومات مهماً للسلطات النقدية,حول توقعات السوق بشأن أسعار الفائدة ومعدلات التضخم في المستقبل,وهذا يساعد في رسم سياسة نقدية أفضل,وهذا له عوائد مباشرة على المصارف والعمل المصرفي,ويخلق للمصارف أداة للاقتراض من البنك المركزي,وتستخدم السندات الحكومية كضمانات يمكن ان يوفرها البنك المركزي للمصارف.
وهذا يشجع على الإقراض المضمون من قبل المصارف أضف إلى ذلك فإن السندات الحكومية تساعد في زيادة المنافسة بين المصارف,لان المصارف عندما تستخدم سيولة مخاطرها قليلة يشجعها هذا على استقطاب ودائع أكثر من الجمهور. وبنفس الاتجاه هناك سعي حكومي لتطوير وتمويل السوق العقارية,ولكن من دون أدوات الدين العام لا يمكن لهذه السوق ان تتطور.
أجواء اقتصادية
لكن من المفروض توفير أجواء اقتصادية عامة تتطلبها سوق السندات الحكومية,وفي هذا يرى الباحث الاقتصادي يسر برنية عضو مجلس مفوضي هيئة سوق الاوراق المالية بأنه يجب ان تكون معدلات التضخم متدنية وهناك استقرار بأسعار الصرف,كما يجب عدم هيمنة متطلبات التمويل الحكومي,ومن المفروض ألا يكون العجز المالي وتمويله يكبح أو يقيد السياسة النقدية. ومن المفروض ان تكون أسعار الفائدة حرة,لانه من دون الاسعار الحرة لا يمكن للسوق ان تنمو بالشكل المطلوب.
إجراءات سابقة لإطلاق السوق
وحدد الباحث برنية مجموعة من الاجراءات المطلوبة لانشاء سوق السندات الحكومية إذ يجب أولاً إرساء الاطار التشريعي والقانوني اللازم المنظم للاقتراض الحكومي.
لذلك لابد من اصدار قانون دين عام ينظم عملية الاقتراض الحكومي من السوق ويؤكد الالتزام بآلية السوق في التمويل والشفافية.
في المقام الثاني مطلوب فصل واضح بين السياسة النقدية وإدارة الدين العام,فالسياسة النقدية تهدف إلى المحافظة على استقرار الاسعار,أما ادارة الدين العام تهدف إلى تخفيض التكاليف الحكومية وتحسين شروطها.لذلك الفصل بين السياستين مطلوب,والحاجة ضرورية لخلق جهاز مؤسسي كامل لعملية ادارة الدين العام.
توحيد التدفقات النقدية
ومن مزايا سوق السندات الحكومية تحسين وتوحيد التدفقات النقدية الحكومية,إذ يجب ألا يكون لدى الحكومة عشرات الحسابات لدى المصرف المركزي,وهذا يساعد على تحديد احتياجات التمويل واحتياجات الاصدارات.وبرأي عضو مجلس مفوضي سوق الاوراق المالية فإن البنك المركزي في تصميمه لادوات السياسة النقدية وتدخلاته في السوق يجب أن يراعي أن هذه التدخلات تنشط السوق النقدية بين البنوك,الامر الذي يحسن سيولة السندات الحكومية.كما أن من الضروري إصدار سندات بشكل بسيط ونموذجي ومقبولة من قبل المستثمرين,لذلك يجب أن تناسب هذه الادوات القاعدة الاستثمارية في البلد.
واختيار قنوات كفوءة وسليمة لطرح السندات الحكومية مثل عملية أسلوب الاصدار ودورية الاصدار وحجم هذا الاصدار,وتحديد روزنامة واضحة لعملية الاصدار الحكومي في الاقرار والنشر,وعمليات التمويل عموماً يجب ان تتمتع بالشفافية والاعلان.كما أن الاستحقاق يجب ان يكون قصير الاجل والتطور يكون رويداً مع تطور السوق,ووضع اطار رقابي وإشرافي على السوق الثانوية,وتطوير أنظمة المقاصة والتسوية المرتبطة بالسندات الحكومية,والاهم العمل بمبدأ الدفع مقابل التسليم.
الأجنبي غير مرغوب به الآن
ويعتبر برنية أن الاستثمار الاجنبي غير مرغوب فيه خلال الفترة الاولى في أسواق السندات,لكنه بعد فترة قد يكون مهماً لانه يعطي تنوعاً أكثر في قاعدة المستثمرين وهذا يوفر سيولة أكثر للسوق.
ثلاثة أهداف
وبرأي عضو مجلس مفوضي سوق الاوراق المالية فإن هناك ثلاثة أهداف لاحداث سوق السندات الحكومية لدينا,أولها تسنيد الديون القائمة للحكومة والتي تصل إلى (450) مليار ليرة سورية,وأنه بالامكان استخدام السندات الحكومية كمقابل محلي في تحويل الاحتياطيات الاجنبية لدى المصرف التجاري السوري إلى المصرف المركزي وهذا يستلزم قيام سوق قوية وفعالة لاستيعاب هذه العملية. أما الهدف الثاني لاحداث أسواق السندات الحكومية في سورية هو توفير آلية غير تضخمية لتمويل عجز الموازنة. والهدف الثالث يتمثل في وضع الاسس والبنية التحتية الضرورية لعمل سوق السندات الحكومية بصورة سليمة وكفوءة وهو الهدف الاهم الذي يجب ان يتم عليه العمل الآن.
آليات تنفيذية
إذا بعد اصدار قانون محدد وواضح للدين العام بناء على معطيات احداث سوق السندات الحكومية برأي برنية لابد من اتفاق بين وزارة المالية والمصرف المركزي يحدد فرضيات ومسؤوليات كل جهة بشكل واضح,فوزارة المالية بهذا تكون مسؤولة عن الاقتراض وتحديد حجمه إضافة إلى حاجتها من الموارد والمصرف المركزي مسؤول عن ادارة المزادات وهي عملية البيع والطرح والتعامل مع المصارف. كما انه من المفروض ان تتفق وزارة المالية والمصارف التجارية بشكل يحدد مسؤوليات والتزامات وزارة المالية بروزنامة الاصدارات,وعودتها إلى السوق وآلية التمويل أما المصارف التجارية فتحدد دورها في عملية المشاركة والاكتتابات. أما الاتفاق الثالث فيجب ان يكون بين مصرف سورية المركزي والمصارف التجارية,ويتعلق بكيفية المشاركة في المزادات وكيفية تقديم العروض. ومن الافضل اختصار المشاركة في المرحلة الاولى على المصارف فقط وتكون آلية الطرح تعتمد على السعر الموحد.
وأخيراً من المهم الاتفاق على نوع المزادات وحجم الاصدار وعقد اجتماعات مستمرة مع المصارف التجارية,وبعدها يتم الاعلان عن أجل استحقاق بتاريخ المزاد الاول وتتم بعد ذلك عملية تجريب في البنك المركزي,وبعد تجريب لعملية المزاد يبدأ المزاد...
تخفيض تكلفة الدين
وماطرح سابقاً تطابق مع وجهة النظر الاوروبية حول احداث سوق السندات الحكومية فحسب رأي آنا لكرك المدير المساعد لادارة الخزينة وأسواق المال في وزارة المالية البلجيكية فإن سوق السندات الحكومية تهدف إلى تخفيض تكلفة الدين العام,ضمن القيود الموضوعية للتحكم بالموازنة,وهي تؤدي إلى تطوير الاسواق المالية المحلية. الأمر الذي يوفر النمو الاقتصادي ويعطي اطارا مرجعيا لتسعير كافة الأصول المالية ويخفض من نفقات الادوات المالية وسوق السندات بالمطلق تسهم في تحسين المنافسة بين المصارف وتقود الى زيادة مساهمة الجمهور في العملية الاستثمارية ضمن اطار مرجعي يهدف الى ادارة الدين العام.
(المركزي) العين الأكبر
مصادر فنية من وزارة المالية اعتبرت سوق السندات الحكومية تساهم في ادارة تحسين الدين العام وتقلل من تكلفة ادارته وهي تقلل من المديونية الداخلية ايضا ومن نسبة الاقتراض الخارجي وتقلل من الاقتراض من المصارف. والسوق سيساهم في خلق مؤسسات مالية نشطة تساهم ادارة الدين العام.وبرأي (المالية) فإن المصرف المركزي هو العين الكبرى لتنشيط سوق السندات والتنسيق بين السياسة النقدية وادارة الدين العام.
فائدة عديمة الخطر
ومن جهته يرى الباحث المالي والمصرفي الدكتور ايمن ميداني ان اهم مزايا السندات الحكومية هو تحديد معدل الفائدة العديم الخطر وهذا له اهمية كبرى في السوق المالية من حيث تقييم وتحديد اسعار الاصول الرأسمالية والاسهم.
وكذلك فإن معدل الفائدة العديم الخطر سيلزم الجهات الحكومية بالعناية أكثر بقياس معدلات التضخيم ومعدلات الفائدة المحددة بأوامر ادارية.وختم الميداني: من المفيد التفكير بوضع سقوف على الدين العام.وهنا نجد ان الطرح الذي اعلنه الدكتور محمد الحسين وزير المالية يتواءم مع المسائل الفنية السابقة بحيث تكون البداية بإصدار محدد لسندات الخزينة وفي ضوء سيولة الجهاز المصرفي ويتطور الاصدار مستقبلا ليغطي مجمل الدين العام الداخلي وتغطية عجز الموازنة العامة للدولة الامر الذي سيمكننا من تحضير المستلزمات والكوادر وستبدأ السندات لأجل ثلاثة اشهر فقط والمزاد شهريا.
***
مراحل ضرورية لتطوير سواق السندات الحكومية
الأولى: مرحلة الانشاء ويتم التركيز في هذه المرحلة على تطوير السوق الاولية من ناحية الاصدارات وتحسين آلية الاصدار وتحسين المشاركة وخلق بعض الشروط الاساسية لتطوير السوق الثانوي.
الثانية: مرحلة التعمق في هذه المرحلة انشأنا السوق واصبح لدينا اصدارات اولية وهذه المرحلة تركز على التحسن في السوق.
الثالثة: هنا اصبح لدينا سوق ثانوية ناضجة لذلك يجب التركيز على ادوات وتقنيات تخدم القطاع المالي.