التي تبث في إحدى القنوات باللغة الفرنسية على مدار ساعات اليوم, وفي قناة أخرى بنسبة ثلاثة أرباع باللغة الإنكليزية وربع باللغة الفرنسية, فيما من المقرر أن تنطلق طبعة اللغة العربية في منتصف السنة المقبلة يومياً بمعدل 4 ساعات.
محطة (فرنسا 24), تبدأ عملها بميزانية تشغيل سنوية تبلغ 80 مليون يورو (يعادل تقريباً 102 مليون دولار), وهي ميزانية صغيرة مقارنة مع شبكة CNN أو BBC World. وكانت البداية مبنى إدارياً يقع في جنوب العاصمة باريس. يعتمد على التكنولوجيا المتطورة. ويمتلك كل من التلفزيون الفرنسي التابع للدولة وشركة تلفزيونية تجارية هي TF1 حصصاً متساوية في المشروع. وحسب اتفاقية مشتركة سوف تقدم كل من الوكالة الفرنسية للأخبار (RFI), و(France Info), عدة ريبورتاجات للمولود الإعلامي العالمي الجديد.
وقد صرح مسؤولو المولود الجديد بأن جمهورهم المستهدف يقدر بنحو 80 مليون منزل عبر العالم, وهو ما قدر أيضاً ب 190 مليون مشاهد, وأن فريق عمل يضم 170 معداً من 27 دولة مع مجموعة من المعدين والمذيعين الكبار, سيكونون أمام مهمة صعبة, تتمثل في إيجاد رؤية ثابتة تجتذب المشاهدين في جميع أنحاء العالم مع الحفاظ على (الاختلاف) الفرنسي.
فما الذي قصدوه ب (الاختلاف الفرنسي)?
وماذا يعني أن تتعهد المحطة الفرنسية الجديدة بتقديم تغطية متعددة المحاور, وتسويق فرنسا لكل العالم, وتغطية الواقع الدولي وفق (طابع فرنسي محض), في مواجهة رؤية واحدة ذات طابع انجلو ساكسوني تقدمها المحطة الأميركية العملاقة CNN?!
في محاولة للتفسير, لابد أن نعود إلى عام ,2002 وتحديداً حين أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن فكرة إنشاء قناة تلفزيونية تستطيع منافسة بعض الفضائيات على غرار CNN الأميركية, وال BBC البريطانية, وحتى الجزيرة القطرية!
ولابد أن نعيد ما ذكره راديو سوا حرفياً, في 17/11/,2006 في أن (حلم الرئيس الفرنسي جاك شيراك في تأسيس محطة إخبارية فرنسية تنافس شبكة CNN الإخبارية الأميركية أوشك أن يصبح حقيقة واقعة), مذكراً بأن الفكرة اكتسبت زخماً واضحاً في أعقاب الجدل الذي أحاط بسياساته المعارضة للحرب التي قادتها واشنطن في العراق, وعزمه الدفاع عن عالم (متعدد الأقطاب) في مواجهة هيمنة الثقافة الأميركية.
هنا يذهب مثقفون عرب أخذوا على (شيراك الجديد) سيره لاحقاً, في ركاب السياسة الأميركية, وتراجعه (المهين) عن مبادئ الديغوليين, ذهبوا إلى حد وصف مشروع المحطة الجديد بأنه (أمبريالية فرنسية مُقنعة).
فهل ستكون حيادية بالمطلق? أم أن التوجه الذي ستنتهجه (فرنسا 24), من شأنه أن يطرح على المدى القريب جداً مشكلة كبيرة حول المصداقية.
وربما سيبدو الاختلاف والحكم أكثر وضوحاً, حين التطرق إلى موضوعات وإشكالات إقليمية ودولية معينة, أثارت فيها مواقف شيراك وحكومته, اعتراضاً وقلقاً واضحين في الداخل والخارج الفرنسي, نذكر منها مثلاً ما يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني, وتوترات غرب القارة الإفريقية, والملفين الإيراني والكوري, وأعمال الشغب في الضواحي الفرنسية الفقيرة, وغيرها من الملفات.
وهذه القيم الفرنسية التي يراد ربما تسويقها عبر المحطة, سبق أن طرحت حتى ضمن الداخل الفرنسي إشكالية أمام نقابيي (SNG) و(CGT) بالتلفزة الفرنسية. حيث استنكر أحد ممثلي النقابة لمختلف وسائل الإعلام هذه الحتمية للمحطة التي لا تمثل - حسب رأيه - سوى الأمر بالإذعان لجماعات معينة وخرق للصحافة المستقلة. موضحين أن (ميثاق ال (BBC) تضمن استقلالية وحرية تامة لعمل طاقمها الصحفي دون تأثير وضغط من الحكومة البريطانية على خطها الافتتاحي).
إلا أننا نشك باستقلالية أي اعلام يتجه بغير لغته لأنه يريد أن يروج لسياسة ذات مصالح لا تلتقي مع مصالح المشاهدين.
قد نستغرب الأمر, لاسيما ونحن نقرأ تقارير ومعلومات, أشارت إلى تدخلات فرنسية حكومية في مواضيع صحف وقنوات داخل وخارج فرنسا, وهو ما توضح في طريقة عرض مواضيع الملف اللبناني منذ مقتل الراحل رفيق الحريري وحتى يومنا هذا.