جزءا من الحدث الموسمي الذي يشغل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب حيث يتسع الوقت المخصص لبرامج الفلكيات والعرافين وكاشفي الغيب عن أحداث مصيرية سواء على الصعيد الشخصي أو المحلي أو العالمي.
والواقع أن العام 2006 انتهى دون أن يقع ما تنبأت به أحدى اشهر فلكيات المحطات الفضائية التي كانت تكشف أمام المشاهدين عن خبايا القضاء والقدر, وتسمي الاحداث والاسماء ,وتحدد التواريخ والتفاصيل, وكأن معها خريطة أحداث العالم كاملة.
والمفارقة الكبرى تكمن في هيمنة آنسات وسيدات جئن إلى عالم الابراج والتوقعات بعدما خضعن لعمليات تجميل كلية بحيث تتنافس كل واحدة منهن على أن تكون الأحلى والاجمل والاكثر مسايرة لعالم الموضة الشيء الذي يؤكد استمرارية شخصيتها كأنثى انيقة وساعية إلى جمال لايذبل في خطوات قراءة توقعاتها وكشف خبايا مستقبل المتصلة من اسمها واسم والدتها وتاريخ مولدها.
هكذا تعيد البصارة اكتشاف انوثتها على هذا الشكل المثالي كونه يخدم إلى أبعد الحدود المهنة والتصور والتعصرن فيها فهي لا تتورع عن اخضاع وجهها لسلسلة من العمليات الجراحية التجميلية في خطوات مسايرتها لمتطلبات عملها المهني الذي يحقق لها وللقنوات الفضائية التي تطل من خلالها الربح المادي السريع والوفير واللافت أن المنجمات المتبرجات يحاولن ايهام الجمهور بأنهن على اطلاع ومعرفة دقيقة بحركة الكواكب وبأنهن قادرات وبالعين المجردة على رؤية خروج كوكب نبتون على سبيل المثال من برج المريخ وانهن قادرات بالتالي على استشراف الآتي واللافت ايضا أنه عند وقوع اي حدث في المنطقة أو في العالم تطل علينا المنجمات وكل واحدة تبني على توقعاتها ما حدث مع أن كل الناس يمكن أن تتوقع حدوث ما يحدث من اضطرابات وكوارث بحرية وجوية وما شابه ذلك.
وليس من المستغرب أن تتعلق الفتيات بشكل خاص بمطالعات الابراج بحثا عن اوهام عاطفية افتراضية مبنية على حركة الافلاك والكواكب, فعلم الاجتماع يؤكد أن النساء قلقات اكثر من الرجال وهن بالتالي يقبلن على القضايا اللاعلمية بسبب خوفهن من المستقبل والمجهول.
ومن خلال استطلاعاتي العابرة تأكدت من اصحاب بعض المكتبات ان نسبة مبيعات كتب الابراج قد ازدادت في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الحياتية المتفاقمة لإنسان مطلع الألفية وبأن الفتيات هن من يقبلن على شراء هذه الكتب وما قاله صاحب إحدى المكتبات: نادرا ما يشتري شاب كتاب ابراج وفي حال اشتراه فإنه سيقدمه هدية لفتاة لتقرأ - على حد اعتقادها - فيه ما يخبئه المستقبل لها من مفاجآت سارة حيناً وبائسة حيناً أخر.
من وجهة نظرنا نجد أن المشكلة لا تقع على البصارات أو الفلكيات ولا على القنوات الفضائية التي تروج لهذه التلفيقات الكاذبة, المشكلة تقع بالدرجة الأولى على الجمهور الذي يتحرك على ايقاع وارشادات الفلكيات والفلكيين ويبني عليها قراراته وخطواته المستقبلية..